يوم رقصت الذئاب في محراب الاغتصاب

tag icon ع ع ع

خمس دقائق لا غير… خمس دقائق مؤلمة اختزلت وقائع تشييع فتاة بعمر الربيع إلى قبرها المحفور بنصال التركيع… خمس دقائق صادمة فضحت مجريات زفاف معمد بندبات القهر والترويع.

في بيت العائلة المتواضع نقش «جيش الوطن» عقيدته المشرعة على فنون الامتهان والإذلال، كتب فصلًا جديدًا في مجلدات الانحلال والابتذال، في بيت العائلة المسكون بالخوف اصطف صبيان «المعلم» بلباسهم العسكري، عقدوا حلقات الدبكة في احتفال فوضوي هستيري، وبلحيته الكثة التي تصلح مكنسة تكنس قطعانه من الذئاب والكلاب والبغال والحمير، أكمل «أبو ميزر» نصف دينه المفصل على مقاس شريعته المستوحاة من لدن «شبيح قدير»، طوق بمخالبه فريسته الملتفة بكفنها الأبيض إيذانًا ببدء مراسم الوداع إلى مثواها الأخير.

لم تكن فقط وقائع حفلة المجون وحدها ما يثير الاستهجان، حتى اختيار أغنية الحفل يصيبك بالغثيان، «سورية يا حبيبتي، أعدت لي كرامتي، أعدت لي هويتي»، إلى أي درك بهائمي هوى هؤلاء القطعان؟ أين الحب المسفوح تحت شفرة مقصلة تجتث حطام هيكل على هيئة إنسان؟ أين الكرامة المسحوقة تحت حوافر وحوش باعت آدميتها للشيطان؟ أين الهوية المسلوبة في جحيم سيناريو رعب ختامه الاستكانة والإذعان؟

في غرفة المنزل التي بالكاد تتسع لعائلة الفتاة أحيت فرقة المهرجين عرس معلمها الذي ضنت بنظيره الأزمان، استعرضت مواهب النشاز في نباحها بزعيق يثقب الآذان، وفي ركن الغرفة القصي انزوت العائلة المغدورة تنتظر نهاية حفلة الهذيان، لا مدعوين في الحفل، لا أقارب، لا أصدقاء، ولا حتى جيران، وما الحاجة لشهود عاجزين تكبلهم أصفاد السجان؟ ما العزاء الذي ستقدمه كلمات مبعثرة لأفئدة تلتهمها النيران؟ ما نفع قواميس السلوى لعائلة قدمت قربانًا بنقاء زهر نيسان؟

الثابت الوحيد في الفيديو المقزز أنها لم تكن حفلة زفاف بمعايير الأديان، كانت مقدمات عملية اغتصاب مكتملة الأركان، كانت جريمة اغتيال وقحة شهدت فصولها الغربان،  كانت جوقة هياج في طقوس وأد فتاة بمباركة الثيران.

وفي ختام مراسم الزواج الجهنمية غادر الخاطف متأبطًا ذراع الضحية يزفه «زعرانه» المدجنون على أبجديات الهمجية، يسترون فضيحته المجلجلة برداء الشرعية، يدقون ناقوس بدء مغامرة جديدة في سجل مغامراته العبثية.

أما العائلة الملتاعة في زحمة جعجعة القطيع فجرجرت بكسل خطواتها التي شلها الصقيع، حضنت أوجاعها التائهة في صخب «القراصنة « الرقيع، وودعت ابنتها المخطوفة في مشهد جنائزي مريع. لم يكن موكب زفاف، كان موكب تشييع، كان مجلس عزاء في اغتصاب الربيع.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة