منى عثمان.. مبادرة شخصية لمساعدة المعتقلات

معتقلات في السجون السورية (صورة تعبيرية)

camera iconمعتقلات في السجون السورية (صورة تعبيرية)

tag icon ع ع ع

بادرت منى عثمان لمساعدة الناجيات من الاعتقال مبتدئة بجمع ما تستطيع في سبيل مداواة جراحهن، ومنطلقة من إحساسها بالحنان نحوهن ونفورها مما شهدت من استغلال وظلم يمارس بحقهن.

اعتُقلت عثمان نهاية عام 2011 في حلب وخرجت بعد أربعة أشهر، لم تحمل من فترة اعتقالها إلا بعض الأضرار الصحية، إذ إنها اعتبرت فترة احتجازها بسيطة لا تستحق الذكر عند الحديث عن معاناة غيرها في ظلمات السجون.

انصرفت بعد نجاتها من المعتقل للعناية بأسرتها والاهتمام بشؤونها المعتادة، مع نشاطها العام في مساعدة السوريين والسوريات، قبل أن تلتفت لقضية الناجيات عام 2014.

أخطاء بحق المعتقلات

اكتشفت منى سوء المعاملة التي تتلقاها الناجيات من الاعتقال حينما اجتمعت مصادفة بعدد منهن واطلعت على ما يعانينه من استغلال، إن كان على صعيد مراكز الدعم أو على صعيد “ضعاف النفوس”.

تلاحق المعتقلات السابقات نظرة مجتمعية جائرة، تكيل لهن كل الاتهامات وتضع في طريق تعافيهن الكثير من العقبات، حتى على صعيد مدراء المراكز المجتمعية والإنسانية.

تقول منى، لعنب بلدي، إنها تقدم ملف الفتيات إلى المنظمات المانحة فتلاقى غالبًا بالرفض والاستهجان، نظرة المجتمع لهن دفعتهن للتصرف تصرفات غير لائقة، كما تعرضن للاستغلال، إذ يعمد البعض للزواج من الناجية لفترة وجيزة ثم تركها، مستندًا إلى النبذ المجتمعي والنظرة المستهجنة للمعتقلة والحاكمة عليها بالسوء.

يحتاج العاملون على ملف المعتقلات للتوعية، حسب رأي عثمان، إذ شهدت على تهميش المعتقلات. وأشارت إلى قيام البعض بمطالبة الناجيات بالكشف عن معلوماتهن الخاصة وسبر أبشع الذكريات التي يملكنها، لأجل الحصول على المنح والدعم المادي الذي غالبًا لا تنال الناجيات منه شيئًا.

كرهت الناجيات حملات التوثيق والوعود المتكررة، “يتحدثون (مع الناجية) ويسجلون كلامها ثم يذهبون، يتركونها منهارة الأعصاب، هؤلاء الفتيات بحاجة للروح، فقد فقدن الكثير، ولا يمكن أن يحس بهن إلا من ذاق عذابهن”.

تحكي منى عن أحد المواقف التي مرت بها في أثناء حضور مؤتمر معني بقضية المعتقلات، إذ وقفت المحاضرة متحدثة عن نبذ المجتمع للناجيات من الاعتقال وما تعرضن له من انتهاكات ومآسٍ ضمن السجون.

قاطعتها منى لتقول، “كفى، لقد مرت علينا ثماني سنوات، لقد مللنا من هذا الكلام، ارفعوا معنوياتها (للناجية)، قولوا لها أنت سيدة محترمة، أنت ملكة في بيتك وضمن عائلتك، أنت ضحيتِ بالكثير، أنت قدمتِ الكثير، أنت وسام شرف”.

الدعم الروحي.. أهم المطلوب

لا تحتاج الناجية من الاعتقال لمن يخرجها من حالة الاكتئاب، إنها بحاجة للأمان المادي، وبحاجة للتوجيه النفسي والروحي، حسبما قالت منى، حتى أصغر المبادرات لتلطيف معاناتهن ولإشعارهن بالاحترام والود تفيد الناجيات.

بدأت بالتعرف إلى الناجيات في منطقتها في أنطاكيا جنوبي تركيا، عبر اللقاء بهن في منازلهن والاطلاع على أحوالهن ومن ثم الحصول على تفويض للتحدث باسمهن.

حصلت على عدد من التبرعات الشخصية من معارفها، والتي قُدمت من خلال منظمات فاعلة في المنطقة، وتابعت البحث عن كل السبل الممكنة لدعم النسوة، غالبًا ما لاقت أعذارًا “واهية” من المنظمات الإنسانية، التي تحتج بتخصيص الدعم لأمور أخرى.

لم تفارقها روح المبادرة التي سعت من خلالها لتقديم ما يمكن من دعم مادي وتربوي لأخواتها الناجيات، وتعمل الآن على إنشاء مركز خاص بهن، يوجه الدعم للناجيات دون الحاجة للوقوف عند مشاكل “التخصيص” وحججه.

التعويل في قضية الناجيات هو على التوعية، الحاجة الأولية هي للتربية، وأهم المطلوب للناجيات هو الدعم الروحي “اهتموا بهن بعد أن خرجن.. أقل ما يمكنكم تعويضهن به هو نظرتكم إليهن”، على حد تعبيرها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة