في اليوم العالمي لضحايا التعذيب.. في سوريا الداخل مفقود والخارج مولود

صورة من داخل سجن تدمر قبل تفجيره (AFP)

camera iconصورة من داخل سجن تدمر قبل تفجيره (AFP)

tag icon ع ع ع

لا فرق إن كان المعتقل سوريًا أو فلسطينيًا أو يحمل أي جنسية أخرى، ولن تلعب أفكاره وخلفياته السياسية، سواءً كانت علمانية أو إسلامية، عروبيةً أو انفصاليةً، عربيًا كان أو كرديًا أو آشوريًا، لا شيء يمكنه حماية من يعتقل في بلاد سميت لعقود طويلة بمملكة الصمت.

بمجرد إلقاء القبض على أي إنسان من قبل قوات الأمن السورية أو أحد فروعها الذي يفوق عددها الـ15 فرعًا، ينطبق المثل الشعبي عليه مباشرة، الداخل مفقود والخارج مولود، وما بين الفقدان والولادة رحلة في سجون ومعتقلات فوق الأرض وتحتها، يرى فيها المعتقل ما لم تره عين ولم تسمع به أذن، من قصص وروايات وأساليب تعذيب كان لحكم الأسد في سوريا طرقه بإنشاء مدارس فيها باتت علامةً مسجلةً باسمه.

آلاف المعتقلين والشهداء في سوريا منذ عام 1963، قلة منهم من نجوا وخرجوا إلى شمس ظنوا أن أشعتها لن تلامس جلدهم، وكثر غيرهم غابوا وجعلهم الأسد مجرد أرقام في أرشيف المنظمات الدولية العاجزة عن اتخاذ خطوات في سبيل إيقاف آلة التدمير الأولى التي زرعت في نفوس السوريين الخوف عقودًا طويلة.

عشرات الصور التي خرجت بعد الثورة السورية عن معتقلات الأسد، ما كان لمخيلة أي فنان أن تصل إلى هذه التفاصيل الموجودة، وكتابات على الجدران تروي لحظات المخاض نحو الخلود.

أقرت الأمم المتحدة 26 من حزيران من كل عام، يومًا دوليًا لمساندة ضحايا التعذيب “بهدف القضاء التام على التعذيب وتحقيقًا لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب” بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 14129 شخصًا تحت التعذيب على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا، منذ شهر آذار 2011 حتى الشهر نفسه في عام 2019، 98% منهم على يد قوات النظام السوري بحسب الشبكة.

شملت الاعتقالات والقتل تحت التعذيب جميع فئات المجتمع السوري، عمالًا وفلاحين ورياضيين وفنانين وأساتذة جامعات، بينما وثقت مجموعة “العمل من أجل فلسطينيي سوريا” مقتل 15 لاجئًا فلسطينيًا تحت التعذيب في شهر أيار الماضي فقط، سبقه مقتل 11 فلسطينيًا في شهر نيسان.

إضافةً لانتهاكات الفصائل المسلحة في الشمال السوري بحق مدنيين وإعلاميين، قتل البعض منهم تحت التعذيب أيضًا، ربما لن يكون آخرهم الشاب محمد سعيد العتر الذي قتل في سجون “فيلق الشام” في شهر كانون الثاني 2019.

سوريا مليئة بالسجون وأفرع الأمن التي قضى مئات من المواطنين حياتهم بين جدرانها، لأنهم قرروا في لحظة الثورة على ديكتاتور حمل إرث أبيه، ليعيد لهم ذكريات حماة.

ومن أشهر هذه السجون:

تدمر

أُسس سجن تدمر في بدايته كثكنة عسكرية فرنسية، قبل أن يتحول إلى سجن عسكري بعد عام 1966 تحت إشراف الشرطة العسكرية.

ارتكبت قوات الأمن السورية مجازر بحق السجناء السياسيين فيه بعد مجازر حماة، راح ضحيتها مئات القتلى من العلمانيين واليساريين وجماعة “الإخوان المسلمون”، لحقها عدة مجازر أخرى، بحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان.

واكتسب السجن سمعة سيئة للغاية على مستوى العالم.

فجّر تنظيم “الدولة الإسلامية” السجن في 30 من أيار 2015.

ظهرت عشرات الروايات التي كتبها ناجون من المجازر عن عمليات التعذيب الممنهجة التي قام بها عناصر السجن بحق المعتقلين.

 

صيدنايا

يقع السجن في بلدة صيدنايا بالقرب من العاصمة السورية دمشق، ويبعد عنها 30 كم فقط.

أُدخل السجن آلاف المعتقلين بتهم مختلفة، وشهدوا عمليات تعذيب مروعة، منها المجزرة التي قامت بها قوات الأمن السورية في عام 2008 ضد اعتصامات قام بها المعتقلون، وضم السجن معتقلين عربًا وأكرادًا.

كما اتهمت منظمة العفو الدولية النظام السوري بارتكاب إعدامات جماعية خارج نطاق القضاء بحق عشرات المعتقلين، في تقرير نشرته عبر موقعها على الإنترنت في عام 2017.

وقالت المنظمة في تقريرها إن القتلى يتم نقلهم في شاحنات إلى مستشفيات عسكرية، ومنها يتم دفنهم في قبور جماعية، في أرقام تراوحت بين 5000 و13000 قتيل، في الفترة ما بين أيلول 2011 وكانون الأول 2015.

فرع فلسطين

واحد من أشهر أفرع المخابرات السورية، ضم معتقلين سوريين وفلسطينيين، ورويت شهادات ناجين منه عن انتهاكات جنسية وسوء تغذية عانوا منها، ووصفوا زنازينه بأنها أشبه بالقبور لضيق مساحتها الشديد.

أُسس السجن عام 1969 للتواصل بين الحكومة السورية والجهات الفلسطينية، التي تعمل في سوريا، ومكافحة أنشطة إسرائيل، ويعرف أيضًا باسم الفرع 253.

يقع الفرع على طريق المطار بالقرب من منطقة القزاز في العاصمة السورية دمشق،

فرع المخابرات الجوية

تولى رئاسته منذ عام 1963 حتى 1987 محمد الخولي، ويشكل كابوسًا مرعبًا للناجين من الموت تحت التعذيب بين جدرانه.

ويتولى إدارته منذ العام 2011 العميد جميل الحسن، ويتهم بأنه المسؤول عن فكرة البراميل المتفجرة التي يستعملها النظام في قصفه لمواقع المعارضة السورية، وقتل بواسطتها الآلاف من المدنيين، وأكد ذلك المحلل اللبناني، ميخائيل عوض، عندما وجه في مقابلة تلفزيونية شكرًا لحسن على اختراعه.

قتل في الفرع مئات المواطنين ومعتقلي الرأي تحت التعذيب، وخرجت قصص كثيرة عن طرق التعذيب الممنهجة من داخل الفرع خلال الثورة السورية، بحسب ما وثقت شبكات حقوقية محلية ودولية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة