قصة أول انقلاب عسكري

حسني الزعيم.. 137 يومًا من حكم سوريا

camera iconحسني الزعيم (موقع تاريخ سوريا المعاصر)

tag icon ع ع ع

“ليتني أحكم سوريا يومًا واحدًا ثم أُقتل بعده”، أمنية ردّدها حسني الزعيم صاحب أول انقلاب في تاريخ سوريا المعاصر، الذي حكم 137 يومًا، قبل أن ينتهي حكمه بالإعدام  في مثل هذا اليوم، 14 من آب عام 1949، على يد “انقلابي” آخر هو العقيد سامي الحناوي.

ولد الزعيم، في مدينة دمشق عام 1894، عمل والده الشيخ محمد رضا الزعيم مفتيًا في حلب بعد أن التحق بالشيخ الصوفي، جلبي أفندي، الذي جاء من قونيا التركية سنة 1915، بينما تنحدر والدته من أصول كردية.

كيف وصل الزعيم إلى حكم سوريا

تلقى حسني الزعيم دراسته المتوسطة والعليا في المدارس العسكرية بحلب وأدرنه واسطنبول، إذ تخرج في المدرسة الحربية برتبة مرشح سنة 1917، وخلال عام من التحاقه بالجيش رقي إلى رتبة “ملازم” وتم تعيينه في الفرقة العثمانية التي كانت تحارب في جبهة فلسطين في أثناء الحرب العالمية الأولى.بحسب وزارة الدفاع السورية.

وبعد انتهاء الحرب تطوّع الزعيم في جيش الأمير فيصل سنة 1919، ليلتحق فيما بعد بالمدرسة الحربية التي أعاد الفرنسيون افتتاحها في جامع دنكز شمال غربي “دمشق” القديمة، في شارع “النصر” قرب محطة “الحجاز” ، وتخرج فيها ملازمًا عام 1923.

تدرّج بعد ذلك  في الرتب العسكرية إذ رُقي إلى رتبة نقيب سنة 1928 وإلى رتبة مقدم سنة 1934،  وفي شهر حزيران 1941 كان حسني الزعيم قد تقلد رتبة عقيد.

أحال الجنرال ،كاتو، حسني الزعيم إلى محكمة عسكرية في أثناء الهجوم الفرنسي على دمشق أواخر عام 1941، بعد أن استقرت الأمور لقوات فرنسا “الحرة”، وجاء ذلك على خلفية انسحابه من المدينة مع عدد من قواته، وظل الزعيم في السجن طيلة عامي 1942 و1943، ولم يطلق سراحه حتى مطلع عام 1944 بعد أن توسط له الرئيس شكري القوتلي.

باشر الزعيم عمله كقائد للواء الثالث في دير الزور خلال عام 1946، بعد أن أعيد إلى الخدمة في الجيش السوري برتبة عقيد.

وفي أوائل العام 1948 تم فرزه إلى ملاك قوى الأمن الداخلي، وعُين مديرًا للشرطة والأمن العام بحلب برتية عميد، وعندما نشبت حرب فلسطين عام 1948 أُعيد إلى الجيش بالرتبة نفسها.

وفي صباح يوم الأربعاء  30 من آذار 1949 سجل تاريخ سوريا أول انقلاب عسكري، بعد أن قام الزعيم بانقلابه على السلطات الشرعية، المتمثلة بالرئيس شكري القوتلي ورئيس الوزارة خالد العظم.

137 يومًا من الحكم 

شهدت الفترة القصيرة لحكم الزعيم قرارات مهمة، أعطى لنفسه حق ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية بما فيها سلطات وزير الدفاع، التي مارسها من 2 من نيسان حتى 26 من حزيران 1949، وعندها رشح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، بعد أن جعل انتخاب الرئيس على طريقة الاقتراع السري من قبل الشعب مباشرة، وليس من مجلس النواب.

في 3 من نيسان عام 1949 شكل لجنة دستورية لوضع دستور جديد، ووضع قانونًا انتخابيًا جديدًا، وبدأت حينها  فكرة المرشح الوحيد بالظهور، ولم يكتف بسن قوانين جديدة، بل كان أول ما فعله بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية أنه رقى نفسه لرتبة “مشير”، وأصبح بذلك الضابط السوري الوحيد الذي حمل هذه الرتبة.

ووفق ما ذكر الكاتب، باتريك سيل، في كتابه “الصراع على سوريا”، فقد دفع حسني الزعيم ثمنًا للدول الكبرى لاعترافها به، اتفاقيات تخوّلها إقامة مصالح لها في سوريا، كالسماح لشركة “التابلاين” الأمريكية أن تنشئ المطارات وتقيم المنشآت المعفاة من الرسوم والضرائب. 

إضافة إلى أنه وقع اتفاقية بين الحكومة السورية و”شركة خطوط أنابيب الشرق الأوسط المحدودة” البريطانية لنقل النفط العراقي عبر أنابيب مارة في سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط.

وفرض”القانون المدني”، الأمر الذي أغضب الرأي العام المسلم، الذي يشكل الأكثرية، ووصفوا إصلاحاته بـ “العلمانية”، واتهموه بتقليد حكم أتاتورك وهتلر.

وفي تلك الفترة بدأ الزعيم يظهر عنصريته ضد العرب، وذلك بعد أن أصدر قرارًا بإعادة تشكيل عناصر وقطاعات الجيش السوري، بحيث جعل الحاميات العسكرية في المدن الرئيسية من العرقيات الكردية والشركسية وغيرها من اﻷقليات الأخرى، أما العناصر العربية فأُبعدت إلى القطاعات النائية وعلى الجبهات، وفق باتريك سيل.

وخلال ثلاثة أشهر فقد الزعيم شعبيته، وأثار عداء المواطنين، كما أن سياسته الموالية للغرب أغضبت الفئة المحايدة، فبات سقوط الزعيم “غاية” مشتركة.

ما بعد الزعيم 

كانت تجاوزات الزعيم كثيرة، الأمر الذي دفع العسكريين والمدنيين للوقوف معًا ضده، وهو ما ساعد على نجاح انقلاب بقيادة العقيد سامي الحناوي، في 13 من آب 1949، بعد ان اجتمع المجلس الحربي الأعلى برئاسة سامي الحناوي، الذي أجرى بدوره محاكمة سريعة لرؤوس الحكم، وأصدر حكمه بإعدام حسني الزعيم، ورئيس حكومته محسن البرازي، رميًا بالرصاص، لتبدأ بعدها حقبة جديدة من الانقلابات العسكرية المتتالية.

دفن الزعيم في مقبرة قرية «أم الشراطيط» “، “الطبيبية” حاليًا، على طريق القنيطرة، ومن ثم نقل رفاته إلى دمشق في عهد الشيشكلي، ودُفن فيها بالمراسم المعتاده.

وبعد انقلاب حسني الزعيم أصبحت سوريا تعيش حالة من عدم الاستقرار، حتى إنها أصبحت أكثر دولة عربية حدثت فيها انقلابات، تجاوزت نتائجها خمسين عامًا.

وهذا ما تنبأ به رشدي الكيخيا، رئيس حزب الشعب، عندما قال، “إذا استشرى داء الانقلاب، فإن سوريا سوف تعيش خمسين عامًا على الأقل كي تقضي عليه”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة