مصطلحاتٌ تبنى عليها حياتنا..

ماذا يعني التضخم والانكماش الاقتصادي؟

camera iconسيدة تعد مبلغًا في أوراق نقدية من فئة خمسمائة ليرة سورية (تعبيرية)

tag icon ع ع ع

أسامة عقاد

كثيرًا ما يكون للحديث عن المال والاقتصاد آثار جانبية معقدة لا نفقهها كمن سافر في سفينة بلا ربان، ومن تلك المواضيع أسباب غلاء الأسعار أو انخفاض قيمة العملة، وهو ما يعرف بالتضخم.

يتحدث آباؤنا أنهم كانوا يتعاملون بالقروش: شراء الطعام (كيلو الخبز بـ 25 قرش، الدولار بـ 5 ليرات، غرام الذهب بأربع ليرات) وذلك في عام 1960. الآن ذهبت قيمة تلك القروش وكما يبدو أن الليرة نفسها على نفس الطريق.

التضخم inflation

لنفترض أن سارة اشترت بـ 500 ليرة علبة من الحلويات، لكنها في السنة التي تلتها أرادت أن تشتري نفس العلبة فوجدت أن قيمتها أصبحت 600 ليرة سورية؛ هذا ما يسمى بالتضخم.

والتضخم سيئ بالنسبة لسارة، لأنها إن لم تكسب أموالًا إضافية فهي لن تستطيع شراء علبة الحلويات.

لكنه جيد بالنسبة لأبي وليد الذي اقترض السنة الماضية 1000 ليرة من صديقه، وهذه السنة سيعيد تلك الألف نفسها لكنها فعليًا بقيمة 900 ليرة، وسيكون صديقه خاسرًا كما خسرت سارة.

الانكماش deflation

وهو عكس التضخم؛ عند خالد منشأة لصنع الأثاث وكان يبيع الكرسي بـ 200 ليرة، لكن الآن لم يعد أحد يشتري الكرسي بهذا السعر، فالحالة المعيشية لكثير من الناس سيئة، ما اضطره إلى تخفيض سعر الكرسي إلى 150 ليرة.

كذلك اضطر خالد إلى التخلي عن بعض عماله ليعوض نقص الأرباح، وأدى ذلك لزيادة عدد العاطلين عن العمل وهم بشكل طبيعي فقراء يميلون لعدم الإنفاق، وأصبح الاقتصاد في حلقة مغلقة وفق التالي:

ضعف إنفاق بسبب الفقر، انخفاض الأسعار، تسريح عمال لخفض النفقات، مزيد من الفقر، ضعف إنفاق.

البنوك المركزية central banks

هي المؤسسات التي وضعت لضبط النظام المالي بالتحكم بالتضخم والانكماش، وتدير هذا النظام بعدة طرق.

إحدى هذه الطرق هو استخدام معدلات الفائدة، فعندما تبدأ العملة بفقد قيمتها بالتضخم الزائد يقوم البنك المركزي بسحب العملة من السوق، اتباعًا لنظرية العرض والطلب وذلك برفع معدل الفائدة.

وهو ببساطة أن يقول للناس أودعوا أموالكم عندي وسأعطيكم مقابل كل 1000 ليرة تودعونها 1050 بعد سنة، ويؤدي ذلك لسحب السيولة من السوق واندفاع الناس لإيداع أموالها في البنوك؛ فتقل العملة في السوق وترتفع قيمتها.

وإن وجد البنك قلّة في السيولة وأن الاقتصاد في طريقه للانكماش فيقوم بخفض قيمة الفائدة ويجعل مقابل كل 1000 ليرة 1010 ليرات مثلًا، فيشجع الاقتراض مقابل فائدة قليلة ويقل الإيداع بسبب ضعف الأرباح من الفوائد.

العلاقة بين التضخم والانكماش

عندما تنخفض قيمة العملة في بلد ما فإن ذلك يشجع على الاستيراد منها، فالدولار الذي كان يساوي ليرتين تركيتين أصبح يساوي ليرتين ونصف وصار بإمكاني شراء المزيد من تركيا، وهكذا أصبح التجار المصدرون للمنتجات التركية مستفيدين.

لكن التجار الأتراك المستوردين سيضطرون للدفع بالدولار وسيجدون أنهم مقابل نفس الليرات التركية أصبحوا يحصلون على دولارات أقل وبضائع أقل.

ولتبسيط الفكرة، لنفترض أن تاجرًا يملك 20 ألف ليرة تركية، حولّها للدولار واشترى ملابس من الصين بـ 10 آلاف دولار حين كان الدولار يساوي ليرتين تركيتين.

باع التاجر معظم بضاعته ويرغب باستيراد المزيد، لكن هذه المرة عليه أن يدفع 26 ألف ليرة تركية ليحصل على 10 آلاف دولار (1$ = 2.6TL) وهذه خسارة له؛ لذا قد يرفض الاستيراد من الصين ويتوجه للسوق المحلي لشراء بضاعته ما يعني فائدة للاقتصاد المحلي.

وبالعكس تمامًا، التاجر الذي يشتري من بلد انخفضت قيمة عملتها، سيجد أن عملته ستشتري له أكثر مقابل نفس المبلغ من الدولارات وهذا يمكن أن يشجعه على شراء المزيد؛ لذا يمكن أن يكون انخفاض قيمة العملة عاملًا في دفع عجلة اقتصادها.

مؤشر أسعار المستهلك أو تكلفة المعيشة

لقياس التضخم فإن الاقتصاديين يستخدمون مؤشر أسعار المستهلك (Consumer price index)، وهو مقدار التغير الشهري للأسعار لمجموعة «سلة» محددة من البضائع الاستهلاكية التي تشمل الغذاء والملبس والنقل وأحيانًا الإيجارات.

وبناءً على ارتفاع أسعار تلك السلع في أوقات معينة يمكن حساب التضخم أو الانكماش، وغالبًا ما يعد بصورة شهرية؛ وهذا ما تقرأه النشرات الاقتصادية كـ «زيادة المؤشر لشهر آذار في تركيا عن الشهر السابق بـ 1.20% وعن السنة السابقة ب 7.6%، وهذا يمثل ارتفاعًا للأسعار بذات النسب المذكورة.

واقعنا العربي

عام 2007 تخلت الكويت عن ربط عملتها بالدولار واختارت بدلًا عن ذلك سلة من العملات، لكن ما علاقة ذلك بموضوعنا؟

عندما تربط بلد ما عملتها بالدولار (تثبيت سعر الصرف) فهذا يعني أن العملة ستكون خاضعة لسياسات البنك الاحتياطي الأمريكي (البنك المركزي) الذي يتصرف كما يجب عليه أن يفعل وفق مصالح الولايات المتحدة أو على الأقل وفق مصالح أصحاب الأموال والمتنفذين، دون الاكتراث بالحاجة الاقتصادية لبلد في الطرف الآخر من الكرة الأرضية.

في سوريا يخضع الأمر لعوامل أخرى كثيرة غير طبيعية بسب الحرب مما أدى لمعدلات تضخم غير عادية أسفرت عن تهاوي الثقة بالعملة المحلية وانخفاض الطلب عليها وتعاظم الطلب على عملات أجنبية وبالتالي ارتفاع الأسعار.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة