مخيم الزعتري… معاناة جديدة للسوريين!

tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 32 – الأحد – 30-9-2012


على بعد نحو 80 كيلومترًا إلى الشمال من العاصمة الأردنية عمان، في منطقة صحراوية جرداء يقع مخيم الزعتري، الذي أنشأته الحكومة الأردنية لاستيعاب اللاجئين السوريين والذين وصل عددهم فيه إلى حوالي 32 ألف لاجئ وذلك بعد اشتداد وتيرة العنف في سوريا وتعرض بيوتهم وقراهم للقصف والتدمير.

العائلات التي نزحت إلى المخيم ظنت أنها ستجد فيه بعضًا من الأمان والراحة التي حُرِمَت منهما في سوريا، ولكن هذا المخيَّم كان مخيِّبًا لآمالهم، فقد أُقِيمَ على أرض عبارة عن «قاع»، سرعان ما تتحول ـ مع السير عليها ـ إلى تربة متطايرة، مشكلةً غبارًا كثيفًا، الأمر الذي شكل أزمة حقيقة لدى اللاجئين في التأقلم مع مثل هذا المناخ الذي يولد دوامات من الغبار مع كل نسمة هواء دون أن يستطيع الأهالي حماية أطفالهم من الغبار الذي يتسلل إلى داخل خيامهم، مما سبَّبَ مضاعفات صحية كثيرة لدى عموم اللاجئين والإصابة بأمراض صدريَّة وتنفسية، خصوصًا لدى الأطفال أو الذين يعانون من أمراض الربو والحساسية. ناهيك عن تحول الخيام في فترة الظهيرة إلى أفران بشرية بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.

يعيش السوريون في تلك المخيَّمات حياة صعبة أشبه بالمأساوية، فهم يعانون من نقص شديد في المواد الغذائيّة والطبيّة ومن دورات المياه المتنقلة التي توجد في أماكن متباعدة والتي تضطر اللاجئين إلى المسير لمسافات طويلة للوصول إليها. وكذلك يعاني اللاجئون في المخيم من عدم وجود الكهرباء ما يُلجئهم إلى وضع المياه في أوان فخاريّة لتبريدها قبل شربها. أيضًا، يُمنع النازحون من مغادرة المخيم إلّا بوجود كفيل أردني، وقد يكون مبرر ذلك لدى السلطات الأردنية هو منع اختلاط اللاجئين السوريين بالشعب الأردني، وما قد يتبع ذلك من تعاطف محتمل مع القضية السورية!!

وأمام مرارة الواقع الذي يعيشه اللاجئون السوريون بدأ صبرهم يَنفذ وهم ينتظرون من يمدُّ لهم يدَ العون والمساعدة، وينتشِلهم من ظروفهم الحياتيَّة الصعبة التي يعيشونها، الأمر الّذي أدَّى إلى مواجهات مع المسؤولين عن المخيم وتدخل قوات الأمن الأردني في أكثر من مواجهة، لينتظر بعدها السوريُّون الإصلاحات التي يُوعَدون فيها في كل مرة، كاستبدال الخيام بمساكن جاهزة وبناء دورات مياه إضافية، ومحاولة معالجة طبيعة أرض المخيم الترابية للتقليل من الغبار والأمراض الناجمة عنه.

الحملة السعودية لنصرة اللاجئين السوريين في المخيمات الأردنية  كان لها أثر بالغ في تخفيف مأساة ومعاناة اللاجئين السورين وفي مساندة أعمال المفوضية للاجئين في المخيمات الأردنية، حيث تمَّ كخطوة أولى توزيع 43 شاحنة محملة بمواد غذائيَّة مختلفة وتم توزيع سلال خاصة للأسرة والطفل وحقائب صحيّة. ولم يتوقف الدعم السعودي عند مخيم الزعتري بل تجاوزه إلى المخيمات الأخرى وإلى اللاجئين المقيمين داخل المحافظات الأردنيّة.

ودعمًا للحملة التي أطلقتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للمنظمة الأممية والتي تهدف لتسجيل الأطفال السوريين في المدارس في الدول التي لجأوا إليها في كل من تركيا والأردن ولبنان، فقد مارست بعض المنظمات والمؤسسات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» على الدول المضيفة للقيام بذلك. ومع بداية العام الدراسي، صدر قرار من الحكومة الأردنية يقضي بقبول الطلبة السوريين في المدارس الأردنية والذين تصل أعدادهم حتى حوالي 30 ألف طالب، وقد فتحت المدارس الجديدة لتستوعب أعدادهم المتزايدة.

وعلى الرغم من الجهد الملحوظ الذي تحاول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين القيام به تجاه اللاجئين السوريين الذين يتدفقون كل يوم إلى الأردن، إلّا أن مخيم الزعتري الكبير لم يعد بمقدوره تقديم الخدمات التي ينتظرها اللاجئون، مما جعل كثيرًا من اللاجئين يفضِّلون العودة إلى سوريا بكلِّ ما فيها من خطر يصل إلى حد الموت، على البقاء في هذا المخيم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة