حليب الأطفال في ريف حلب سلعة مفقودة

tag icon ع ع ع

طارق أبو زياد – ريف حلب

لا تكفي السوريين الحرب التي فتحت نيرانها عليهم منذ أكثر من أربع سنوات، فهم يواجهون حروبًا أخرى للحصول على أبسط مكونات الحياة، ومنها حليب الأطفال، العنصر الأساسي في المراحل الأولى من حياة الأطفال. فحليب الأطفال أصبح في مناطق سورية عديدة بضاعة نادرة، وسببًا جديدًا لمعاناة الأهالي الذين يواجهون صعوبات في تأمينه، والذي غالبًا ما يكون منتهي الصلاحية بسبب طول فترة التخزين.

الإغاثة توزع حليبًا فاسدًا

أبو محمد، مزارع من سكان قرية كفر جوم في ريف حلب، تحدث لعنب بلدي عن معاناته في الحصول على حليب لأطفاله الثلاثة، «لدي ولدان في عمر السنتين وبنت لا يتجاوز عمرها السنة يجب أن أؤمّن لهم أكثر من 12 علبة حليب شهريًا، أي ما يعادل 14 ألف ليرة سورية تقريبًا، أي نصف دخلي الشهري أو ثلثه في أحسن الحالات». وأضاف أبو محمد «لا أستحسن إدخال علب الحليب الإغاثية إلى منزلي، ففي أغلب الأحيان تأتي منتهية الصلاحية بسبب تخزينها لفترات طويلة، وإن كانت صالحة للاستهلاك فإنها تأتي من نوع رديء جدًا، وغالبًا لا يتقبله الأطفال، وفائدته الغذائية ليست كما هو مكتوب على العلبة»،

مردفًا «شوفي شغلات ما بتمشي بالسوق بتشوفا بالإغاثات يلي عم تتوزع».

عمال الإغاثة يقرون بتوزيع الحليب الفاسد: ما باليد حيلة

وفي السياق ذاته أكد أبو عبد الله، أحد العاملين في المجال الإغاثي والمندوب لإحدى الجمعيات التي رفض أن يذكر اسمها، أن حليب الأطفال يوزع قبل وقت قصيرة من انتهاء صلاحيته، مبررًا ذلك بأن الحليب في طبيعة الأحوال يفسد خلال وقت قصير، وأنه يأتي أصلًا من الخارج قبل نهاية صلاحيته بمدة قصيرة «فما إن ننتهي من شحنه وتوزيعه حتى تكون الفترة المخصصة لتخزينه قد نفدت»، بينما تكون كميات أخرى قد فسدت قبل أن تنتهي صلاحيتها «بسبب تعرضها لعوامل خارجية، كالرطوبة أو الشمس»، وهو ما يعزيه إلى «سوء طريقة التخزين» المدونة على العبوات. وطالب أبو عبد الله الجهات المختصة بالسعي لبناء معمل مخصص لحليب الأطفال في الداخل السوري، «لنستطيع توزيعه واستهلاكه قبل نفاذ صلاحيته، لأننا -للأسف- نضطر أحيانًا لتوزيع علب الحليب منتهية الصلاحية، فما باليد حيلة»، ويضيف أبو عبد الله أنه يعلم أن الحليب سيرمى في القمامة «ولكننا نوزعه لكي لا نتهم بسرقته»، مضيفًا «للأسف، أن تعمل في الإغاثة سيقال عنك أنك حرامي شئت أم أبيت».

الحليب الطبيعي يغني عن حليب العلب

أبو المجد، الذي يعمل نجار أثاث منزلي في بلدة أورم الكبرى، كان له رأي مخالف، واعتبر في حديثه إلى عنب بلدي أنه لا حاجة لحليب الأطفال «فهو شيء لم يكن موجود سابقًا»، فلديه طفل في الثالثة من عمره لم يحضر له أي نوع من حليب الأطفال، «فقد اكتفى بحليب أمه والحليب الطبيعي وهو بصحة جيدة ولم يصبه أي سوء». ويظن أبو المجد أن حليب الأطفال وجد لكي يعوض النقص في حالات تكون فيها الأم مريضة، أو في حالات الولادة المبكرة لتعويض الطفل من الغذاء لا أكثر، كما يستغرب من الأشخاص الذين يدفعون كل هذه الأموال والطبيعة قد أمنت كل المكونات الغذائية بأسعار بخسة ورخيصة، «ناهيك عن المشاكل التي تواجه الناس فلا يمكنك معرفة الحليب الصالح للشرب من الحليب الفاسد في بعض الأحيان».

بين هذا وذاك يبقى الطفل بحاجة ملحة لحليب الأطفال لاحتوائه على مكونات غذائية لا غنى عنها، لا سيما مع نقص الأغذية عمومًا في الشمال السوري، ورداءة المواد المتوفرة، التي يفضلها المواطنون لتتناسب مع إمكانياتهم المادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة