“أين أنت يا فالفيردي، لقد ظلمناك”.. هل يأتي يوم ونسمعها من جماهير برشلونة؟

المدرب السابق لفريق برشلونة إرنستو فالفيردي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

camera iconالمدرب السابق لفريق برشلونة إرنستو فالفيردي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – فاضل الحمصي

أقال نادي برشلونة مدرب فريقه الأول، آرنستو فالفيردي، في قرار طال انتظاره من جماهير الفريق، بسبب هبوط المستوى الفني بشكل عام، والانتكاسات المتتالية التي عانى منها الفريق منذ بداية الموسم الحالي.

وعيّن النادي الكاتالوني السيد كيكي سيتين ليكون خليفةً لفالفيردي بقيادة الفريق. لكن، هل اتخذ برشلونة بالفعل القرار الصائب؟ وهل الأسباب التي ساقها مبررة لإقالته؟ وهل هو الوقت المناسب لتغيير المدرب؟ وهل سيتين هو الشخص الأنسب لقيادة الفريق بالوقت الحالي؟

 

أرقام فالفيردي ليست سيئة

علق الصحفي الرياضي، حسين ياسين، على قرار إقالة فالفيردي بالقول، “ربما لأول مرة في التاريخ تتم إقالة مدرب يتصدر الدوري، ومتأهل بسهولة، متصدرًا أيضًا، في دوري الأبطال”. ربما يعكس هذا التعليق مدى غرابة القرار الكاتالوني، خاصة أنه جاء في ظل وضع جيد للفريق على مستوى البطولات التي ينافس عليها في الموسم الحالي.

وعلى صعيد الأرقام التي حققها فالفيردي مع برشلونة، حقق الفريق الكاتالوني أرقامًا جيدة للغاية، إذ فاز معه بلقبين لبطولة الدوري، وفاز بكأس إسبانيا وكأس السوبر الإسباني، وهذا ما يعتبر جيدًا جدًا على مستوى الألقاب، أما على مستوى المباريات فقد خاض برشلونة مع فالفيردي 145 مباراة، فاز في 97 منها، وتعادل في 32، ولم ينهزم سوى في 16 مباراة. هذه الأرقام لا يمكن أن تأتي من قبيل الصدفة، ولا بد أن وراءها عملًا جيدًا من المدرب.

وفي دوري أبطال أوروبا، فاز برشلونة تحت قيادة فالفيردي 28 مُباراة، وتعادل في ثماني مُباريات، ولم يخسر سوى مُباراتين فقط، ولكنهما كانتا هزيمتين صادمتين لجمهور البلوجرانا. هاتان الهزيمتان تحديدًا كانتا السبب الرئيسي في انخفاض شعبية فالفيردي في أوساط جمهور برشلونة، فالفريق كما أشرنا خسر حظوظه للفوز بآخر نسختين من دوري الأبطال بخسارتين لن تُمحيا من الذاكرة من روما وليفربول.

المدرب السابق لفريق برشلونة إرنستو فالفيردي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

المدرب السابق لفريق برشلونة إرنستو فالفيردي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

كيكي سيتين.. هل هو البديل أفضل؟

يتطلب الحصول على البطولات وتحقيق الإنجازات مواصفات خاصة، يجب على المدرب التمتع بها للوصول إلى ما يرجوه النادي منه، وفي مقدمتها الأسلوب التكتيكي والعقلية الانتصارية، فهل هما موجودتان لدى السيد سيتين؟

يتلخص تاريخ سيتين التدريبي بأنه “مدرب بلا إنجازات سابقة”، وهو في نفس الوقت مدرب شجاع يجيد الاستفادة من إمكانيات الفريق، لكنه درب فرقًا صغيرة، كانت تعتبر الانتصار في الدوري على أحد فرق المقدمة إنجازًا، والبقاء في دوري الدرجة الأولى إنجازًا أيضًا، فهل تجربة السيد سيتين السابقة ستمكّنه من رفع مستوى برشلونة، الذي يعتبر واحدًا من أهم الفرق في العالم؟

مدرب برشلونة الحالي كيكي سيتين (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

مدرب برشلونة الحالي كيكي سيتين (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

لماذا تعاقد برشلونة مع سيتين المغمور تحديدًا؟

أشارت مصادر صحفية إسبانية إلى أن السبب الأهم لإقالة فالفيردي لم يكن الفشل في كأس السوبر الإسباني الذي أقيم مؤخرًا في جدة، بل إن الإدارة الكاتالونية انزعجت من مباراة الكلاسيكو الأخيرة التي أقيمت في ملعب “كامب نو” ضد ريال مدريد، التي تعادل فيها برشلونة ونجا من الخسارة بصعوبة، واعتبرت الإدارة أنها المرة الأولى منذ سنوات التي يتمكن فيها ريال مدريد من إحراج برشلونة في ملعبه وبين جماهيره.

وارتأت الإدارة التحرك فورًا قبل أن يزداد الأمر سوءًا، وربما استند قرارها إلى بعض الأمور التكتيكية والفنية، لكن نجاح سيتين سابقًا في إحراج ريال مدريد، وإحراج زيدان تحديدًا، كان عاملًا مهمًا دفع النادي الكاتالوني للتعاقد معه، إذ فاز ستين على الريال وتعادل معه تحت تدريب زيدان.

وهنا لا بد أن نشير إلى أنه ازداد في الفترة الأخيرة تعاقد الأندية مع المدربين الذين يشكلون عقدة لخصومهم التاريخيين، ومنها على سبيل المثال تعاقد إيفرتون مع كارلو أنشيلوتي، الذي تمكن من هزيمة خصمهم اللدود، ليفربول، عدة مرات، ويبدو أن برشلونة استخدم التكتيك ذاته، وتعاقد مع المدرب الذي أحرج زيدان وريال مدريد.

 

أسلوب سيتين ممتع.. لكنه غير مطمئن

يعتبر السيد سيتين من الأوفياء لأسلوب كرويف، وهو الأسلوب الذي اعتمده برشلونة مع جميع المدربين الذين تعاقبوا على تدريبه، إلا أن الانتقادات التي طالته توضح أنه قد لا يكون قادرًا على بناء فريق متوازن في ظل العقلية التي درب بها الفرق التي أشرف عليها سابقًا.

يعتمد سيتين على الاستحواذ بشكل كبير، وهو ما يشبه “التيكي تاكا”، التي يشتهر بها برشلونة، كما يمتاز بالأسلوب الهجومي، والبناء الممتاز للهجمات.

في نفس الوقت، عانت الفرق التي دربها سيتين من الدفاع الهش، ولم يتمكن المدرب من إيجاد أسلوب يوازن بين الدفاع والهجوم.

الدفاع تحديدًا هو المشكلة التي تؤرق برشلونة منذ سنوات، خاصة بعد اعتزال كارلوس بويول، وبعدها رحيل ماسكيرانو، ولم ينجح المدربون الذين تعاقبوا على برشلونة من حل للمشكلة، حتى أن بعض المحللين قالوا إنه لولا وجود تيرشتيغن في حراسة المرمى لما حقق الكاتالوني أي لقب في السنوات الاخيرة، حيث يحمل وحده مسؤولية تصحيح أخطاء المدافعين المتكررة.

وفي هذا العصر الكروي، لا يمكن الاعتماد على الهجوم فقط لتحقيق الألقاب، وخاصة في دوري أبطال أوروبا، الذي تشارك فيه فرق قوية للغاية، وهو المطلب الأول لجماهير برشلونة.

 

العقبة الأبرز.. التعامل مع النجوم

خلال السنوات التي قضاها فالفيردي بتدريب برشلونة، لم يكن قادرًا على تحفيز نجوم الفريق واستخراج أفضل ما يملكون من مواهب، حتى أن بعض الخبراء أشاروا إلى أنه أحبط بعضهم وأعاق تطورهم، وتسبب بجعل الفريق هشًا يفتقد إلى التركيز الذهني المطلوب في المناسبات الكبرى.

بالنظر إلى تجارب مماثلة، حقق أوناي إيمري نتائج مذهلة مع نادي إشبيلية، مع أداء رائع سيطر من خلاله على بطولة الدوري الأوروبي لثلاث سنوات متتالية، ما جعله هدفًا لباريس سان جيرمان الطامح حينها إلى لقب أوروبي. بدأ إيمري بداية قوية، واكتسح فرق الدوري الفرنسي، لكنه عانى من الفشل في دوري أبطال أوروبا، حيث لم يتمكن من تحفيز نجوم الفريق، ولم يهيئهم للتعامل مع المناسبات الكبيرة والمباريات الحاسمة.

وبعد فشلين في دوري الأبطال، أقيل إيمري من سان جيرمان واتجه صوب أرسنال، ولم يكتفِ هناك بعدم استخراج أفضل ما عند نجوم الفريق، بل أدى أسلوبه لتراجع مستوى العديد من النجوم، ثم بدأت صافرات الاستهجان من جمهور أرسنال، التي أدت إلى إقالته. بعد رحيله تمكن مدرب أرسنال الجديد، آرتيتا، من تحقيق نتائج جيدة، نتيجة قدرته على التفاهم مع نجوم الفريق وشحذ هممهم ودفعهم لتقديم الأفضل.

أوناي إيمري مثال على المدرب الناجح مع الفرق الصغيرة، وغير القادر على التعامل مع النجوم والفرق الكبيرة، فهل يكرر سيتين ما فعله إيمري، أم أن حظه سيكون أفضل، ويكون المدرب المحبوب من اللاعبين والجماهير؟

مدرب برشلونة الحالي كيكي سيتين مع النجم ليونيل ميسي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

مدرب برشلونة الحالي كيكي سيتين مع النجم ليونيل ميسي (الحساب الرسمي لبرشلونة في تويتر)

كيف سيتم تقييم عمل سيتين؟

حقق فالفيردي مع برشلونة عدة بطولات، وهي الدوري الإسباني وكأس الملك وكأس السوبر، ووصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال، وكان على بعد خطوة واحدة فقط من الوصول إلى اللقب الأوروبي ودخول تاريخ برشلونة من الباب العريض، ورغم ذلك اعتبر ما قدمه غير كافٍ، وتمت إقالته بطريقة لا تليق بمدرب صاحب إنجازات، فكيف سيتم تقييم عمل السيد سيتين، وهل هناك معايير محددة وضعتها إدارة برشلونة للتقييم؟

بالنظر إلى ما جرى مع السيد فالفيردي، ربما المعيار الوحيد لنجاح المدرب مع برشلونة هو تحقيق السداسية، وهو ما لا يمكن توقعه من شخص يدرب فريقًا كبيرًا للمرة الأولى في تاريخه.

 

مشاكل فالفيردي ربما تتكرر مع سيتين

المشكلة الأكبر التي واجهت فالفيردي هي الأداء الباهت للفريق الكاتالوني في معظم مبارياته، وعلى الرغم من تحقيقه الفوز، إلا أن الاتهامات لاحقت فالفيردي بعدم الاستفادة من طاقات اللاعبين ومهاراتهم، وعدم تحسينه للأداء رغم مرور موسمين كاملين على توليه قيادة الفريق.

وأوضحت الصحافة في أكثر من مناسبة عدم استجابة اللاعبين لما يطلب منهم، وعلى سبيل المثال طفت إلى السطح قصة عدم التزام عثمان ديمبلي بأوقات التدريب، وتخلّف بيكيه عن العديد من المواعيد، وغيرها من الأمور التي لا يمكن لوم المدرب وحده عليها، بل تتحمل الإدارة جزءًا كبيرًا منها، وعلى إدارة برشلونة أن تضمن عدم تكرار تلك الأمور مع المدرب الجديد، ومن ثم تقييم نجاحه من عدمه.

اتخذت إدارة برشلونة قرار إقالة فالفيردي وانتهى الأمر، لكن إذا تكرر الأمر نفسه مع سيتين، وهو ما أتوقعه على المستوى الشخصي، قد يقول الجمهور: أين أنت يا فالفيردي، لم يكن الخطأ خطأك، لقد ظلمناك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة