البلدات العلوية في حماة

مناصرو الأسد يحجمون عنه بعد خساراته الكبيرة

tag icon ع ع ع

تستمر المعارضة بتحقيق المكاسب العسكرية في سوريا منذ منتصف كانون الأول من العام الماضي، ما يكشف عن نقاط ضعف عميقة لنظام الأسد في البلاد.

حسن حسن – الناشيونال الإماراتية
نُشر في 15 حزيران 2015

لا يعتبر فقد النظام في سوريا للثكنات التي يتحصن بها هو المشكلة بالنسبة له، وإنما هزيمته السريعة في المواجهات التي لم تأخد أكثر من بضع ساعات أو بضعة أيام فحسب في كل معركة.

وكشفت الهاشاشة في جيش الأسد إثر سقوط محافظة إدلب الشهر الماضي، وسيطرة المعارضة على اللواء 52 في درعا جنوب غرب البلاد الأسبوع الماضي.

وللسيطرة على اللواء 52 دلالة خاصة، إذ هاجمته مجموعة من القوى الوطنية وليس من الجماعات “المتطرفة” كجبهة النصرة أو تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتي عادة ما تتغلب على دفاعات الجيش باعتمادها على فرق الانتحاريين.

ويعتبر تقدم المعارضة في حماة وإدلب هامًا، وخاصة بعد السيطرة على مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب في 25 نيسان المنصرم، في الوقت الذي يغادر العلويون معاقل النظام في المنطقة الساحلية التي تتعرض للهجوم من قبل المعارضة للمرة الأولى منذ بداية الصراع.

ومن غير المستغرب أن يقلل النظام من أهمية هذه المكاسب، في الوقت الذي تعهد قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بـ “مفاجأة” وشيكة في سوريا قبل أسبوعين، لكن الوضع يسير على ما يبدو نحو الأسوء بالنسبة لنظام الأسد في ظل الخسائر الأخيرة، الأمر الذي يفقده قاعدة مناصريه.

ومنذ بداية الحرب ضمن الأسد بذكاء موالاة الأقليات الدينية، ولكن في ظل خسائره المتوالية والكبيرة لا يمكننا تجاهل أو التقليل من الاحتجاجات التي تصدر عن بعض هذه الأقليات.

توتر بين الأسد والدروز في السويداء

وكمثال على عدم الرضا هو استمرار التوتر بين الأسد والأقلية الدرزية في السويداء، جنوب غرب البلاد حول قضية التجنيد الإلزامي، فقد احتج الدروز خلال الأشهر الماضية على اعتقال النظام لعدد من قادتهم الدينيين، وعلى رفضه توفير الأسلحة الثقيلة للميليشيات المحلية للدفاع عن المنطقة ضد هجمات “المتطرفين”.

بلغ هذا الاحتجاج ذروته الأحد الماضي عندما عارض زعماء الدروز محاولات مسؤولي النظام إجبار الشباب وتشجيعهم للإنضمام إلى الجيش، كما فعل الشيخ أبو فهد وحيد بلعوس، زعيم الدروز والذي استنكر في وقت سابق تصرفات النظام، متحديًا نداء الأسد لشباب السويداء للإنضمام إلى جيش الوطن.

وكان مرسوم ينص على أن الشباب من السويداء سيخدمون في منطقتهم ولن يقاتلوا في المحافظات الأخرى، أُصدر بعد تنازل كبير خلال شهور من العلاقات المتوترة بسبب هذه القضية، ولكن الشيخ بلعوس يقول إن الدروز لا يلتزمون بالأمر ويحذرون شبابهم من الخروج من منازلهم خوفًا من أخذهم عند نقاط التفتيش عنوةً.

تصاعدت حدة التوتر عقب عدم الالتزام بالوعود السابقة التي نصّت على ألا يرسل الشباب الدروز للقتال خارج مناطقهم، بل أرسلوا إلى اللواء 52، وكان هناك ذعر أكبر عندما انسحب الجيش من اللواء وعاد إلى السويداء، ورفض في وقت لاحق الإبقاء على أسلحة ثقيلة في المنطقة على الرغم من طلبات القادة المحليين.

وأصبح للتزويد بالأسلحة أهمية خاصة عند الدروز عقب مقتل أكثر من 20 مدنيًا من الطائفة الدرزية في إدلب على أيدي عناصر من جبهة النصرة .

الطائفة العلوية غير مقيدة بالنظام

يعتبر رفض الانضمام للجيش الاتجاه الأكبر للشعب حتى من الطائفة العلوية، وتشير التقارير إلى أن الأسر العلوية تشجع أبنائها على مغادرة منازلهم حين وصولهم إلى سن التجنيد، وبدا هذا واضحًا خصوصًا عندما اقتربت المعارضة من معاقلهم في محافظة حماة.

وأفادت العديد من المصادر بأن ممثلي الطائفة العلوية القاطنين في بلدات سهل الغاب بحماة تواصلوا مع قوات المعارضة زاعمين أنهم غير مقيدين بالنظام، وفي هذا الصدد تحدّث أحد الحلاقين العلويين في مدينة أبو ظبي الإماراتية، عن شقيقه الذي يعيش بعيدًا عن أسرته تجنبًا لتجنيده وعن محاولة أسرته إيجاد سبيل لمغادرته خارج البلاد.

وشرح ضابط في دائرة المخابرات والمسؤول عن رقابة الجيش كيف وصل “العصيان” إلى “مستوىً ينذر بالخطر” بعد سقوط مدينة جسر الشغور بأيدي المعارضة.

هذا التوجه يزيد من التحديات التي تواجه النظام ومن احتمال خسارة جيشه للأراضي السورية في العديد من أنحاء البلاد، كالحسكة ودير الزور ليد تنظيم “الدولة” وإدلب وحلب لجبهة النصرة، وفي درعا ودمشق للقوى الوطنية “الجيش الحر”.

تتردد أصداء النكسات العسكرية داخل المعاقل المحمية من قبل نظام الأسد، في حين تبدو التشكيلات الثلاثة السابقة المناهضة للحكومة أقوى وأكثر تنظيمًا، وفي الوقت نفسه تتزايد حدة التوتر للقاعدة الداعمة للأسد خارج دمشق في ظل الثمن المرتفع التي تدفعه جراء الحرب، وأنهم لا يستطيعون الاستمرار في دفعها بعد الآن.

حسن حسن، هو باحث مشارك في برنامج تشاتام هاوس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وباحث غير مقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط وشارك في تأليف كتاب حول تنظيم “الدولة الإسلامية” بعنوان: داخل جيش الإرهاب.

نشر في 15 حزيران 2015 وترجمته عنب بلدي؛ لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة