هل يكون سيناريو التدخل واقعيًا؟

تركيا قلقلة من تنامي الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا

camera iconمقاتلون أكراد قرب تل أبيض، بعد السيطرة عليها - 15 حزيران - رويترز

tag icon ع ع ع

كتب تيم أرانغو وإيريك شميت في نيويورك تايمز

كثفت الولايات المتحدة دعمها العسكري للميليشيات الكردية السورية التي تقاتل ضد “الدولة الإسلامية”، وأثارت هذه الجهود غضب تركيا الحليف القديم والعضو في حلف الناتو، والتي تدرس الآن خططًا جديدة لاحتواء طموحات الأكردا وإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا.

وترى أنقرة أن الأكراد السوريين يشكلون تهديدًا خطيرًا على الأمن القومي بسبب صلتهم بالقوميين الأكراد في تركيا، والذين تمردوا ضد الدولة التركية منذ عقود طويلة، لذلك بدت تركيا قلقة بعد زيادة التعاون بين الميليشيات الكردية السورية والجيش الأمريكي في الحرب ضد “الدولة الإسلامية”.

وتراقب الولايات المتحدة شمال سوريا على نطاق واسع بإرسالها طائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة لمساعدة الميليشيات الكردية، ناشرةً ضباط من القوات الخاصة الأمريكية للتواصل وتزويد المخابرات الكردية ومساعدتهم من خلال التنسيق مع قوات التحالف بشأن الغارات الجوية.

وباعتبارهم مجموعة من قليل يمكن الاعتماد عليهم في محاربة تنظيم “الدولة” بدلًا من قتال الحكومة السورية للرئيس بشار الأسد، أصبح الأكراد السوريون حليفًا مهمًا للولايات المتحدة.

التنسيق الكبير بدأ العام الماضي خلال معارك كوباني، ونما وتطور في الأشهر الأخيرة ليبلغ ذروته بعد هزيمة الأكراد لمقاتلي التنظيم وسيطرتهم على بلدة تل أبيض الاستراتيجية، عبر الحدود مع تركيا.

ولكن بتوجه الأكراد جنوبًا بعد تل أبيض باتجاه الرقة، العاصمة الفعلية لـ”الدولة الإسلامية”، والنجاحات الميدانية على الأرض زاد توتر العلاقات مع تركيا.

وسط موجة من التقارير التي تفيد بأن أنقرة تضع ثقلها للتوغل عسكريًا في سوريا لإنشاء منطقة عازلة، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعًا مع فريق الأمن القومي أمس الاثنين لبحث كيفية مواجهة القوة المتزايدة للأكراد السوريين.

وكان أردوغان صرح الجمعة الماضي أقوى تصريحاته بحق الأكراد السوريين، والذين يتمثلون بميليشيا وحدات حماية الشعب YPG، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، والذي ينتمي بدوره لحزب العمال الكردستاني المتمرد ضد الحكومة التركية منذ ثلاثة عقود.

أردوغان أكّد “أقول للمجتمع الدولي أنه مهما كان الثمن الذي يجب دفعه نحن لن نسمح بإقامة دولة جديدة على الحدود الجنوبية شمال سوريا”، وذلك خلال تصريحاته خلال وجبة إفطار في يوم رمضاني بثها التلفزيون التركي.

بدوره تحدث رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو الأحد الماضي مشيرًا إلى أن تركيا “ستتخذ التدابير اللازمة للحد من المخاطر المتعلقة بالأمن عبر الحدود”.

أحاديث عن منطقة عازلة وتركيا تعزز الأمن على الحدود

وانتشرت الأحاديث عن نية تركيا بإنشار منطقة عازلة داخل سوريا في وسائل الإعلام التركية، كرد على التهديدات الأمنية ضد البلاد سواء من تنظيم “الدولة” أو من الأكراد على الجانب السوري من الحدود، ويقول محللون إن مكاسب الأكراد في سوريا أضفت زخمًا جديدًا على الفكرة التي حشدت تركيا وضغطت على الولايات المتحدة لتنفيذها في الماضي دون جدوى.

تركيا التي لطالما دعمت الجماعات التي تسعى للإطاحة بالأسد، اتهمت من قبل الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين بدعم “الدولة الإسلامية” من خلال سياسة التراخي على الحدود، الأمر الذي يسمح بتدفق المقاتلين والإمدادات بسهولة، لكن أنقرة نفت ذلك فيما أشار مسؤولون ووسائل الإعلام الموالية للحكومة إلى أن الحكم الذاتي الكردي في سوريا يشكل تهديدًا أكبر من تنظيم “الدولة” على تركيا.

على سبيل المثال، بعد السيطرة على بلدة تل أبيض، قالت صحيفة “صباح”، وهي صحيفة موالية للحكومة، في عنوان عريض إن “PYD أكثر خطورة من الدولة الإسلامية”.

4545

المنطقة العازلة التي تسعى تركيا لتأمينها من جرابلس إلى باب السلامة بعمق 25 كيلومترًا

 

وقلّل محللون من إمكانية سعي تركيا وحدها لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما يتطلب عملية عسكرية كبيرة، وعلى الأرجح قتالًا عنيفًا ضد كل من “الدولة الإسلامية” والأكراد.

“الخطاب كان في سبيل الإحماء” يقول أرون شتاين، خبير بالشأن التركي وزميل أبحاث مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، مضيفًا “اعتقد أن احتمال حدوث غزو على الأرض أمرٌ مستبعد”.

وأشار إلى أن إقامة منطقة عازلة داخل سوريا يعني قتال شوارع بين الجيش التركي و “الدولة الإسلامية” في بعض المناطق، مؤكدًا على أن أي إجراء تركي في سوريا يعتبر تعقيدًا لجهود تركيا في الوصول إلى سلام مع الأقلية الكردية فيها.

وكان أحد القادة الأكراد قال الاثنين إن أي عمل في سوريا من شأنه أن يقوض عملية السلام في تركيا.

“في الواقع، تعيق المنطقة العازلة المكاسب الكردية أكثر من أن تحدّ من تقدم الدولة الإسلامية”، قال صلاح الدين ديميرتاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، في مقابلة تلفزيونية، مضيفًا “تركيا تعتقد أن الأكراد يأسسون لأراضيهم في المناطق التي يطردون منها الدولة الإسلامية، وبالتالي تريد أن يكون لها وجود عسكري في هذه المنطقة لمنع الأكراد من تحقيق مزيد من المكاسب”.

العمل العسكري في سوريا ربما لم يحظ بشعبية بين الأتراك، الذين يعارضون إلى حد كبير دعم تركيا “العدواني” للمعارضة المناهضة للأسد، ويشعرون بالقلق منذ فترة طويلة إزاء الضغط على تركيا التي تستضيف ما يقارب مليون لاجئ سوري.

ويأتي الحديث عن عمل في سوريا بعد الانتخابات التي أفقدت أردوغان وحزب العدالة والتنمية أغلبيته في البرلمان، فيما لا يزال الحزب الأكبر ولكنه الآن يسعى للمفاوضات لتشكيل تحالف، ويعتقد المحللون أن ذلك سببًا آخر لا يرجح القيام بعمل عسكري في سوريا.

وقال مسؤول أمني تركي رفيع المستوى (رافضًا الكشف عن اسمه) “تركيا لا تستعد لإرسال قوات إلى سوريا، ولكنها تجري نقاشات لتعزيز الأمن على حدودها ضد تهديدات محتملة من الدولة الإسلامية والقوات الكردية في سوريا”.

الجميع يريد محاربة الأسد

بالنسبة لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة فإن دعم الأكراد السوريين حقق انتصارين كبيرين ضد تنظيم “الدولة”، الأول كان الخريف الماضي في كوباني، وهي مدينة كردية سوريا حيث خاض الأكراد معارك لشهور عديدة تحت غطاء جوي كثيف، إلا أن ذلك كلفهم خسارة الآلاف من المقاتلين.

وفي الأسابيع الأخيرة سيطر الأكراد على بلدة تل أبيض من التنظيم، وهي بلدة على الحدود وليست بعيدة عن الرقة التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها معبر للإتجار بالمقاتلين الأجانب الذين يدخلون سوريا من تركيا.

القيادات الكردية في سوريا يعترفون علنًا بأهمية الضربات الجوية بقيادة التحالف في دعم تقدمهم ضد “الدولة الإسلامية”.

“كان دور طائرات التحالف الدولي ضروريًا لتحقيق هذه الانتصارات”، قال إدريس نعسان، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمنطقة كوباني، مؤكدًا أن الأسلحة التي استخدمتها القوات الكردية لم تكن متطورة كما كانت تملك “الدولة” التي اغتنمتها من الجيشين العراقي والسوري.

وكان التنسيق مع الأكراد السوريين ناجحًا، ولكن هناك حدود للاستراتيجية لأن الأكراد على استعداد فقط للقتال من أجل الأرض الكردية وليس من المرجح أن يقودوا عملية للسيطرة على الرقة، على سبيل المثال.

إنها ديناميكية مماثلة لتلك التي في العراق، حيث دافع الأكراد عن منطقتهم الشمالية بشكل جيد ولكنهم من غير المرجح أن يلعبوا دورًا أساسيًا في هزيمة “الدولة الإسلامية” في الموصل أو الأراضي العربية الأخرى في البلاد.

ومع ذلك، بالنسبة للولايات المتحدة التي تسعى إلى تكثيف برنامج التدريب للمعارضة السورية ضد “الدولة الإسلامية” وليس لمواجه الأسد، كان الأكراد الشريك الوحيد حتى الآن.

مسؤول أمريكي رفيع المستوى قال إن المشكلة الأكبر هي “إيجاد الرجال الذين يسعون إلى مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية؛ إنهم جميعًا يريدون محاربة الأسد”.

نُشر في 29 حزيران وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة