خمسة آثار لانتشار “كورونا” في العالم العربي

سوق الحميدية في دمشق شبه خالٍ من المارة، في ظل الإجراءات المتخذة لمنع تفشي فيروس "كورونا المستجد" 24 من آذار 2020 - (رويترز)

camera iconسوق الحميدية في دمشق شبه خالٍ من المارة، في ظل الإجراءات المتخذة لمنع تفشي فيروس "كورونا المستجد" 24 من آذار 2020 - (رويترز)

tag icon ع ع ع

تنحسر مشاهد الحياة اليومية في شوارع مدن عربية مكتظة بالبشر عادة، بالتزامن مع تفشي جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ضمن ما تتخذه الحكومات من إجراءات احترازية وقائية لمنع انتقال عدوى المرض المتزايد حول العالم.

لكن تزداد أيضًا مؤسسات بعض البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة بالمنطقة “هشاشة وتفككًا”، وفق تقرير لمعهد “عصام فارس للسياسات العامة” في “الجامعة الأمريكية” ببيروت، وباتت تلك المؤسسات أضعف من حيث قيامها بأدوارها الأساسية الخاصة بحفظ حياة مواطنيها.

وتنتج عن هذه “الهشاشة” في معالجة مشكلة انتشار “كورونا”، وفق التقرير الصادر أمس، الجمعة 3 من نيسان، مشكلات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والصحي، الأمر الذي يؤثر على المجال السياسي والعسكري بطبيعة الحال.

اقرأ أيضًا: كيف يؤثر فيروس “كورونا” على حقوق الإنسان

اختبار قاسٍ ينذر بـ”أزمة شرعية”

ومع استعادة السلطات في بلدان الربيع العربي إمكاناتها في “إخضاع المجتمع بحجة محاربة العنف، بالإرهاب أو بالسياسة”، تواجه تلك البلدان اختبارًا قاسيًا لاحتواء “أولى الأزمات الصادمة” على مدى العقدين الماضيين، بحسب التقرير، علمًا أن كثيرًا من هذه البلدان سجلت مستوى منخفضًا من حالات الإصابة المؤكدة بفيروس “كورونا” وفق الأرقام الحكومية الرسمية.

وفي حال فشلت حكومات المنطقة في إدارتها لأزمة “كورونا”، ستواجه “أزمة شرعية” بموجب التقرير الذي أعده مجموعة من المفكرين المؤثرين من لبنان والمنطقة.

ونجح انتشار فيروس “كورونا” في تفريغ شوارع المتظاهرين في الجزائر ولبنان والعراق، واستعادة جيوش المنطقة الساحات العامة، بحجة تنفيذ إجراءات “الحجر المنزلي الإلزامي”، وسط مخاوف من استخدام الأنظمة المرض لتعزيز السيطرة الاجتماعية من خلال إجراءات “العزل الصحي” وتتبع حركة المتظاهرين والمعارضين في تلك البلدان.

وسيكون تأثير “كورونا” على المنطقة “أكثر حدة” من بقية دول العالم، بحسب التقرير، إذ تعيش ثلاث دول (سوريا وليبيا واليمن) نزاعات عسكرية متعددة.

ويمكن أن يخلق انتشار فيروس “كورونا” الظروف الملائمة لإعادة تكثيف النشاطات العسكرية لبعض الجماعات المسلحة، مثل “تنظيم الدولة” في سوريا، بحسب ورقة بحثية للباحث السوري ساشا العلو، نُشرت أمس، الجمعة، عن مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”.

ووفقًا للبحث المتضمن 12 صفحة، فإن النظام السوري يمكن أن يستغل انتشار الفيروس في البلاد، كمجال للاستثمار السياسي والعسكري، عبر تسهيل وصول المساعدات للنظام، وسعيه لرفع العقوبات الدولية المفروضة عليه كمسوغ إنساني لمواجهة الجائحة.

وفرض تفشي “كورونا” على بعض الدول المشاركة في النزاعات المسلحة، قرارات بالانسحاب العسكري لقواتها، كما أعلنت السلطات العراقية مغادرة القوات الفرنسية العاملة هناك خوفًا من تفشي عدوى الفيروس بين جنودها.

اقرأ أيضًا: إعلام النظام السوري يواجه “كورونا” بعقلية أمنية

تزايد العنف المنزلي خلال الحجر الصحي

وثق تقرير معهد “عصام فارس للسياسات العامة” تبعات تفشي الفيروس على حياة الناس في منطقة الشرق الأوسط، خاصة النساء، إذ كشفت “كثرة الملاحظات والروايات حول الوباء عن مجالات قلق كثيرة في المنطقة، بينها زيادة حالات العنف المنزلي في أثناء الحجر”، بحسب التقرير.

والخدمات العامة لحماية النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للعنف غير فعالة أو ضعيفة (مثل الخطّ الساخن، الدعم القانوني، الدعم النفسي الاجتماعي، وغيرها)، يضاف إلى ذلك، خسارة العديد من النساء أعمالهن التي يمارسنها من دون عقود قانونية، وفق التقرير.

لاجئون يعيشون ضمن “نظم صحية ضعيفة”

بالإضافة إلى تصاعد محنة اللاجئين والنازحين، خصوصًا أنهم ليسوا من الفئات التي تقع ضمن دائرة الاهتمام الأولي في الرعاية الصحية من قبل الحكومات في المنطقة.

ويعيش الناس في مخيم “الزعتري” بالأردن، الذي يضم حوالي 120 ألف سوري، وسط قلق وصول “كورونا” إلى المخيم، لعدم قدرتهم على الحصول على الرعاية الصحية، ونقص المعلومات عن كيفية حماية أنفسهم من عدوى الجائحة، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

اقرأ أبضًا: “قيود تمييزية” بحق اللاجئين السوريين في لبنان بحجة “كورونا”

ويقيم معظم اللاجئين البالغ عددهم 25.9 مليون لاجئ في العالم في البلدان النامية، حيث تحتوي وحدات العناية المركزة غالبًا على أسرّة أقل وأجهزة تهوية أقل، وبالتالي يعيش معظم اللاجئين في البلدان المضيفة ضمن “أضعف النظم الصحية في العالم” وفق المفوضية السامية للاجئين.

السلام “مطلوب الآن” في اليمن

وحذرت المفوضية السامية من أن النزاع الذي طال أمده في اليمن أدى إلى نزوح آلاف الأشخاص من منازلهم في الأسابيع الأخيرة، ومن أن النزوح المستمر من شأنه أن يفاقم الصعوبات والمخاطر التي تواجهها الأسر اليمنية.

وأفادت بيانات المنظمة الدولية للهجرة بأن تصاعد القتال في أنحاء محافظات الجوف ومأرب وصنعاء شمالي اليمن، منذ كانون الثاني الماضي، أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف شخص إلى مدينة مأرب والمناطق المحيطة بها، شرق العاصمة صنعاء.

وأشارت إلى أن “السلام مطلوب أكثر من أي وقت مضى” بحسب تعبير المفوضية، بعد خمس سنوات من الصراع في اليمن، خوفًا من تفشي فيروس “كورونا” في البلاد.

تصاعد الأضرار الاقتصادية

ويقول تقرير للأمم المتحدة نُشر في 30 من آذار الماضي، إن ثلثي سكان العالم الذين يعيشون في البلدان النامية (باستثناء الصين) يواجهون أضرارًا اقتصادية غير مسبوقة في ظل أزمة “كورونا”، وتدعو الأمم المتحدة إلى حزمة 2.5 تريليون دولار أمريكي لهذه البلدان.

وأضاف التقرير أن السرعة التي ضُربت بها المجالات الاقتصادية الناجمة عن الفيروس “هائلة”، حتى بالمقارنة بالأزمة المالية العالمية لعام 2008.

وأوضح التقرير أنه في الشهرين الأخيرين منذ بدء انتشار الفيروس خارج الصين، تلقت البلدان النامية آثارًا سلبية من حيث تدفقات رأس المال الخارجة، وزيادة هوامش السندات، وانخفاض قيمة العملة، وخسائر في عائدات التصدير، بما في ذلك من انخفاض أسعار السلع وانخفاض عائدات السياحة.

أثر انتشار “كورونا” على القطاع الصحي

وبالعودة إلى تقرير معهد “عصام فارس للسياسات العامة”، فإن التقرير أظهر في وقت انتشار فيروس “كورونا” أن أنظمة الضمان الصحي في بلدان عربية، تغطي بخدماتها الفئات العاملة دون سواها وذلك حتى سن التقاعد، متغاضية بالتالي عن حماية الفئات غير العاملة التي تجاوزت سن العمل.

كما لم يُبذل كثير من الجهد، وفق تقدير التقرير، لفهم “محنة النساء في قطاع الرعاية الصحية” ومعالجتها، وخاصة بالنسبة للعاملات في الخطوط الأمامية لمواجهة انتشار الفيروس مثل (الطبيبات والممرضات والمساعدات وعاملات التنظيف).

ولوحظ على سبيل المثال من خلال التقرير، أن الممرضات في المستشفى الرئيس في لبنان (مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي في بيروت)، اللواتي يعالجن المصابين بفيروس “كورونا” يحصلن على نصف راتب منذ بدء الأزمة الاقتصادية.

وأوصى التقرير بضرورة إيجاد نظام صحي فعّال وقادر على سرعة الاستجابة في مثل هذه الظروف، مع التشديد على أن الطب الفعّال والناجح هو نتاج الأنظمة الجيدة وليس نتاج المؤسسات الطبية الثرية، أو التكنولوجيا المتقدمة.

اقرأ ملف: “كورونا” في الأجواء.. هل يُضاف إلى أزمات السوريين؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة