كتاب «القومية» إلى أين تأخذنا؟!

tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 35 – الأحد – 21-10-2012

في بلد اسمه سوريا، وفي زمن امتد من سبعينيات القرن الماضي وحتى السنة الماضية… منذ اليوم الأول الذي يدخل الطفل فيه إلى المدرسة، وقبل أن يتعلم الحروف والأرقام ومبادئ وأساسيات العلوم، قبل ذلك كله لا بد له أن يتعلم الشعارات الحزبية والهتافات المؤيدة للنظام ورئيسه.

في المدرسة يُعلّم الأطفال أن يحبوا قيادات هذا النظام، يفدونهم بأرواحهم ودمائهم أكثر من أي أحد آخر، أكثر من الأب والأم وكل الأهل، بل وأكثر من الوطن نفسه. في المدرسة، يُزرع في عقول الطلاب ووعيهم مفهوم الرئيس الرب!! عندما يذكر اسمه لا بد للطلاب من الوقوف والتصفيق، أينما سمعوا اسمه، حتى وإن كانوا في دورات المياه! هذا ما يُنشّأ عليه الطلاب السوريون في المدارس الحكومية!

ومن «العدة» التي يستخدمها النظام لترسيخ هذا المفهوم عبر مناهجه التعليمية شيء اسمه كتاب «التربية القومية» أو «الترية الوطنية»!. في هذا الكتاب كانت توضع صور «حافظ الأسد» وعائلته في كل مكان بين صفحاته، وتذكر فيه إنجازات مزيفة لنظامه، وتنسب إليه البطولات والمواقف التاريخية ويوصف فيها بالرجل الاستثنائي في كل شيء! هذا الكتاب يحوّل كل ما يقوم به أو يتلفظ به «القائد الملهم» إلى تصرفٍ حكيم وكلام مقدس، ويفرض على الطالب حفظه حرفيًا ليُسأل عنه في الامتحانات..

كتاب القومية أو الوطنية! أصبح الآن بالنسبة للطلاب السوريين شيئًا من الماضي لا يمكن التعاطي معه مجددًا، وأصبحت صور «القائد الخالد» و»القائد المفدى» فيه لوحات كاريكاتورية ساخرة، يهزؤون فيها من «قادتهم» ويملؤونها بشعارات النصر وكلمات الحرية وإسقاط النظام! لكن الطلاب برغم ذلك لا يزالون يعانون من هذا الكتاب كمادة مفروضة عليهم!!

سمعنا آراء كثير من الطلاب في كتاب القومية هذه السنة فكانت إجابات أكثرهم تبدأ بالضحك!! بعضهم قال أنهم عندما يرون كتاب القومية يخطر في بالهم على الفور قناة الدنيا السورية، يشعرون وكأن هذا الكتاب جزء من هذه القناة. بعضهم قال إن حصة القومية هي حصة تسلية بالنسبة لهم، ففي هذه الحصة يستمتعون بالسخرية من النظام ورموزه، ويكثرون من الضحك على إنجازاته.

من جانب آخر، عبّر طلاب الشهادة الثانوية عن معاناتهم من هذا الكتاب الذي يضطرون إلى دراسته من أجل النجاح مع كرههم الشديد للكتاب، وعدم اقتناعهم بأي حرف ورد فيه. وقد قال أحد الطلاب: إني مضطر لدراسة هذا الكتاب، فنحن طلاب الشهادات مجبرون على دراسته، فحالنا ليس كحال باقي الصفوف، ففي السنة الماضية رسب كثيرون بسبب هذه المادة وقد يتوقف مستقبلنا عند العشرين علامة المخصصة لهذه المادة!

الطلاب في مدينة داريا وفي عموم سوريا يريدون إسقاط هذا الكتاب، ويتمنون أن تنتصر سوريا على هذا النظام وأن لا يضطروا لدراسة مثل هذه المواد في السنوات القادمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة