لماذا ينتشر المحتوى غير الهادف بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي؟

camera iconتعبيرية

tag icon ع ع ع

تثير أرقام المشاهدات الكبيرة لتسجيلات مصوّرة ومحتوى منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات، حول سبب انتشارها والمبالغ التي يحصل عليها أصحابها من المشاهدات.

ويلاحَظ أن تسجيلات مصوّرة ساخرة نُشرت في موقع “يوتيوب” تجاوز عدد مشاهداتها ستة ملايين شخص خلال أسابيع، بينما لا تحظى تسجيلات أخرى تشرح موضوعًا علميًا بمشاهدات بالآلاف، فضلًا عن أرقام المشتركين الكبير لقنوات وصفحات الترفيه والمحتوى غير الهادف بشكل عام، فما تفسير هذه الظاهرة؟

 دور سلبي للمحتوى غير الهادف

يقول الكاتب في موقع “truTV.com”، ريتش دنكان، في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، إن مواقع التواصل الاجتماعي تسهم في تضخيم حجم المواد التي يشاركها الناس، وذلك يزيد في غباء المستخدمين، ويضيف “هذا ليس عدلًا”.

وضرب الكاتب مثالًا على ذلك بأن تغريدة شخص يتحدث فيها عن حصوله على درجة مثالية في اختبارات دخول الجامعات (SAT)، بالكاد يكون لها مكان في عالم يضم 200 مليون تغريدة في اليوم، لكن منشورًا عن إجابة غبية واحدة فقط في مسابقة ملكة الجمال، سيكون صاحبها أضحوكة العالم خلال ساعات.

وبينما تستغرق مشاهدة محتوى هادف وقتًا أكثر، بحسب الكاتب، يمكنك مشاهدة محتوى “تافه” في لحظات، فمثلًا عند أوقات الاستراحة من العمل لا يتعلم الناس اللغات أو يشاهدون مواد علمية، بينما يشاهدون تسجيلًا مصوّرًا لمحتوى “تافه”.

شهرة فارغة.. غير مستحقة؟

في أواخر الستينيات من القرن الماضي، تنبأ الرسام الأمريكي آندي وورهول بظهور ما يشبه الوسيط الإعلامي يوفر حلم الشهرة السريع للأشخاص العاديين، وهم لا يستحقونها، إذ عبر عن ذلك في إحدى مقابلاته بمقولة أصبح يشتهر بها: “في المستقبل، سيتمكن الجميع من أن يصبحوا مشهورين شهرة عالمية خلال 15 دقيقة فقط”.

بعد 50 عامًا من مقولته، ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، وصارت الشهرة سهلة ولا سيما لمن يقدمون محتوى “غير هادف”، وأفسح هذا لكثير من الناس أن يصبحوا مشاهير بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمونه، فصارت وسائل التواصل عامرة بكثير من الأسماء المشهورة، وبين المحتوى الجاد الذي يقدم محتوى علميًا أو معرفيًا، أو المشاهير الذين يتفننون في المحتوى الفارغ، تبرز ظاهرة الشهرة على مواقع التواصل كحالة تحتاج إلى التأمل والتساؤل.

من المسؤول عن المحتوى غير الهادف في مواقع التواصل الاجتماعي؟

أسهمت التكنولوجيا المتطورة بسرعة نشر المحتوى سواء كان هادفًا أم غير هادف، فأصبح الجميع يملك جهاز الهاتف المحمول الذي يوفر إمكانية إنشاء المحتوى سواء كان مصوّرًا أم مكتوبًا ونشره في فضاء واسع عبر مواقع التواصل، ليشاهده آخرون خلال دقائق.

ويلعب الجمهور أيضًا دورًا في نشر المحتوى غير الهادف من خلال تداوله بسرعة ونشره بين الأصدقاء ودعم أصحابه، كما ظهرت عدة حملات بعنوان “لا تجعلوا الحمقى مشاهير”، لكن لم تحقق النتائج المرجوة.

ما التفسيرات؟

الطبيب النفسي وائل أبو راس قال لعنب بلدي، في تعليقه على هذه الظاهرة من الناحية النفسية، إن الهدف من دخول هذه المواقع (مواقع التواصل الاجتماعي) في معظم الأوقات هو الترفيه، أما عادة من يبحث عن غير الترفيه كالمواد العملية أو دراسات متعلقة ببحث ما، فهو يدخل إلى مواقع متخصصة أكثر في تقديم هذه الخدمات، موضحًا أن هذا التفسير عام.

أما التفسير الأكثر خصوصية، بحسب الطبيب النفسي، فإن طبيعة النفس البشرية هي الميل إلى البحث عن وسائل الترفيه، التي توفرها الآن مواقع التواصل الاجتماعي من نكات، أو مواد إباحية بالنسبة للكبار، أو موسيقى وألعاب للعمر المتوسط، بحسب الإحصائيات العالمية، مضيًا أن فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) قد يغير شيئًا بما أن التعليم أصبح عن بُعد.

من جانبه، يرى المخرج في منصة “AJ” مصطفى محفوظ، خلال مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، أنه ليس هناك محتوى تافه أو غير هادف بالمطلق، بل يرجع ذلك إلى تقييم  كل شخص متابع لهذا المحتوى المنشور، “فما أتابعه أنا وأراه محتوى غير مفيد أو تافهًا يراه متابع آخر محتوى مفيدًا بل ويتمنى تطبيقه في بعض الأحيان، حتى لو كان مجرد تراشق مياه بين الأصدقاء”.

وأضاف مصطفى أن معظم الجمهور لديه نقاط مشتركة فيما بينه تلتقي في جميع أنواع المحتوى بغض النظر عن نوعه، موضحًا أن استقلالية الأشخاص على مواقع التواصل وحريتهم، تدفعهم لتداول كل ما يرغبون به، فهم غير مرتبطين بوسائل إعلام تحدد إنتاجهم وفق سياستها التحريرية.

أرقام توضح الحجم الكبير لاستهلاك الفيديو عبر الإنترنت:

  • أكثر من 72 ساعة فيديو ترفع كل دقيقة على موقع “يوتيوب”.
  • 500 مليون ساعة فيديو يشاهدها جمهور “يوتيوب” يوميًا.
  • ثلث نشاط مستخدمي الإنترنت يذهب على مشاهدة الفيديو.
  • نصف مليار شخص يشاهدون الفيديو على “يوتيوب” كل يوم.

ترتيب عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في حزيران 2020 (المصدر: statısta)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة