اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية

الصحافة البيئية السورية.. براعم بلا بيئة مناسبة

tag icon ع ع ع

منصور العمري

تحتفي الأمم المتحدة في 6 من تشرين الثاني/ نوفمبر بـ”اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية”، بموجب قرار جمعيتها العامة عام 2001. أشارت الجمعية في قرارها إلى ضرورة الحفاظ على البيئة، ونبهت إلى أن الحروب تتلف الأنظمة البيئية والموارد الطبيعية لفترة زمنية طويلة تتجاوز فترة الحرب، وقد تتعدى الحدود الجغرافية للصراع المسلح إلى الدول المجاورة.

لم تقتصر الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على السوريين على الضحايا البشرية بل تعدتها إلى الإضرار ببيئتهم ومحيطهم الطبيعي لسنين مقبلة، فالكميات الهائلة للذخيرة المستخدمة منذ عام 2011 تشكل خطرًا على البيئة وعلى صحة السوريين لسنين طويلة ما بعد الحرب. فمثلًا، مادة الرصاص المستخدمة في ذخيرة البنادق والرشاشات بحد ذاتها كفيلة بتلويث التربة والمياه والمحاصيل الغذائية لسنين طويلة.

الرصاص مادة تراكمية سمّية تؤثر على أعضاء الجسم وتلحق الضرر بالأطفال أكثر من غيرهم. يتوزع الرصاص في الجسم على الدماغ والكبد والكليتين والعظام، ويُخزّن في الأسنان والعظام حيث يتراكم مع مرور الوقت. يخلّفُ الرصاص عواقب وخيمة على صحة الطفل، وعند التعرض له بمستويات عالية يهاجم الدماغ والجهاز العصبي المركزي. قد يُصاب الناجون من الأطفال من التسمم الحاد بالرصاص بتخلف عقلي واضطراب سلوكي. أما التعرض للرصاص بمستويات أدنى فلا يسبب أعراضًا واضحة للعيان تسفر عن إصابة عديد من أعضاء الجسم بطائفة واسعة من الأضرار. يؤثر الرصاص على نمو دماغ الطفل بما يؤدي إلى هبوط معدل ذكائه وتغيرات في سلوكه، مثل إضعاف القدرة على الانتباه، وتصعيد السلوكيات المعادية للمجتمع، وانخفاض مستوى التحصيل العلمي. كما يتسبب التعرض للرصاص في الإصابة بفقر الدم وارتفاع ضغط الدم والقصور الكلوي وتسمم جهاز المناعة والأعضاء التناسلية، حسب منظمة الصحة العالمية.

لا تقتصر مخلفات الحرب على الرصاص، بل تشمل المواد الكيميائية المتفجرة ومعظم المواد التي تدخل في تركيب الذخيرة، بما فيها البراميل المتفجرة والصواريخ وغيرها، بالإضافة إلى معالجة النفط بطرق بدائية.

إضافة إلى الأضرار المباشرة للذخيرة، دمرت الحرب في سوريا الأراضي الزراعية والأشجار المثمرة والحرجية، والمصادر المائية، واستهدف النظام السوري الأراضي الزراعية والمحاصيل والموارد الحيوانية لحرمان أهلها من الموارد الغذائية والتضييق عليهم للاستسلام له.

رجل سوري يجمع الخضار من رقعة خضروات نماها السكان المحليون في الموقع الذي أصاب فيه برميل متفجر أنبوب الصرف الصحي في حي بيدين في مدينة حلب شمال سوريا في 3 سبتمبر/أيلول 2014 (زين الرفاعي/ مركز حلب الإعلامي/ وكالة الصحافة الفرنسية)

رجل سوري يجمع الخضار من رقعة خضراوات نماها السكان المحليون في الموقع الذي أصاب فيه برميل متفجر أنبوب الصرف الصحي في حي بيدين بمدينة حلب شمالي سوريا في 3 من أيلول/ سبتمبر 2014 (زين الرفاعي/ مركز حلب الإعلامي/ وكالة الصحافة الفرنسية)

كما أن الأثر العكسي للحروب يوقف عجلة التنمية المتعلقة بالبيئة، بما فيها التشجير وسياسات وأنشطة حماية البيئة.

الصحافة البيئية أحد أنواع الصحافة المتخصصة التي تتوجه إلى جمع المعلومات المتعلقة بالبيئة والتحقق منها وإنتاجها ونشرها، ولها دور رئيس في نشر ثقافة حماية البيئة والتوعية بضرورتها. يجب أن يكون الصحفي المختص في البيئة متمكنًا من اللغة العلمية المتعلقة بالبيئة، ولديه الخلفية البيئية الكافية لتغطية المواضيع المتعلقة بها، والقدرة على متابعة قرارات السياسة البيئية والمنظمات البيئية، وأن يكون لديه فهم عام للمخاوف البيئية الحالية، بما فيها المتعلقة بالحرب، والقدرة على إيصال المعلومات للجمهور بطريقة يسهل فهمها. في الحالة السورية، الصحافة المتعلقة بالأضرار البيئية نتيجة الحرب جزء أساسي من التغطية البيئية في البلاد. رغم أهميتها، فإن الصحافة البيئية كنوع صحفي مستقل تكاد تكون معدومة في الإعلام السوري لعدة أسباب، من بينها تركيز الإعلام على الخسائر البشرية للحرب والمواضيع المتعلقة بالبشر، بالإضافة إلى قيود الحريات الصحفية في مختلف مناطق السيطرة في سوريا. كما أن وسائل الإعلام عمومًا والبيئية خاصة يجب أن تكون ملتصقة ببيئتها المكانية لفعالية أكبر.

رغم ذلك، لا يمكن الفصل بين التركيز على الخسائر البشرية وخسائر البيئة، فأي تلوث وضرر بالبيئة سيضر بالبشر حتمًا في نهاية المطاف. لذلك يمكن تخصيص صحفي في كل وسيلة إعلامية بشكل دائم أو على أساس عمل حر (فريلانسر) للعمل على مواضيع البيئة في سوريا، كما أن هناك عدة مواضيع يمكن التطرق إليها بلا مخاوف من تدخل القوى المسيطرة في البلاد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة