ما الملكية العقارية الطابقية في البناء السكني

بناء في أحد أحياء مدينة إدلب - 14 تموز 2020 (عنب بلدي/أنس الخولي)

camera iconبناء في أحد أحياء مدينة إدلب - 14 تموز 2020 (عنب بلدي/أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

انتشرت ظاهرة الأبنية ذات الملكية العقارية الطابقية في المدن السورية من خلال الانتقال من حالة البناء الأفقي إلى حالة البناء العمودي، وتقلصت الملكية الخاصة أمام الملكية المشتركة، نتيجة الواقع الذي فرض نفسه لاستيعاب مشكلة السكن، بالتزامن مع التوافد السكاني من الريف إلى مراكز المدن الرئيسة في سوريا.

وأدت الملكية المشتركة إلى عدة مساوئ، تمثلت بتفكك بعض الروابط الاجتماعية بين أصحاب الشقق في البناء الواحد، بسبب الخلافات على صيانة وإدارة الأجزاء المشتركة، ما أدى إلى عدم العناية الواجبة بالأجزاء المشتركة وإهمالها وعدم الانتفاع بها على الوجه المخصص لها، وصارت مصالح المالكين أنفسهم مهددة.

وبسبب تلك الخلافات، تدخل المشرع السوري بموجب قانون “هيئات شاغلي الأبنية ولجانها الإدارية” رقم “55” لعام 2002، وجعل تشكيل هيئة تضم جميع شاغلي البناء إجباريًا، فألزم بوجود هيئة شاغلي البناء بقوة القانون، دون الحاجة إلى موافقة الشاغلين، متى زاد عدد الشقق على ثمانٍ، بموجب المادة رقم “7” من القانون.

وتبرز أهمية هذا القانون في أنه حدد الأجزاء المشتركة في بناء متعدد الطبقات كونه يمس عددًا كبيرًا من الناس، ولضمان حسن إدارة الأجزاء المشتركة والمحافظة عليها لتكون بأفضل حالة فنية، ما يؤدي إلى المحافظة على جمالية البناء ككل.

ما الملكية العقارية الطابقية

تشمل الملكية العقارية الطابقية البناء المكوّن من عدة طبقات أو شقق، وكل طبقة تتكون من أجزاء مفرزة وخاصة بكل شاغل وأجزاء شائعة ومشتركة بين جميع الشاغلين.

ويعتبر نطاق عمل الهيئة التي تضم جميع شاغلي البناء بإدارة الأجزاء المشتركة عن طريق أداة تنفيذية متمثلة بـ”اللجنة الإدارية”.

ما الفرق بين الأجزاء الخاصة والمشتركة في البناء

عرفت المادة الأولى من القانون رقم “55” الأجزاء المفرزة (الخاصة) على أنها “جزء البناء الذي يكون وحدة مستقلة قائمة ضمن كتلة البناء، وفق ما هو مسجل في العقود العقارية أو ما يماثلها سواء للسكن أو لغيره من أقسام البناء المستفيدة من الأجزاء المشتركة أيًا كانت طبيعة استعماله أو استثماره”.

وعليه فإن الأجزاء الخاصة هي الشقق أو الطبقات التي ينقسم إليها البناء وفق السجلات العقارية، وتكون مملوكة لأحد الأشخاص بشكل معيّن ملكية مستقلة، بموجب ما ذكره الفقيه القانوني عبد الرزاق السنهوري في شرحه القانون المدني، فصل حق الملكية، صفحة 1018.

كما يطلق على الأجزاء الخاصة بالملكية المفرزة لأنها تخضع لجميع أحكام الملكية فيكون للمالك حق الاستعمال والاستغلال والتصرف في ملكه.

وتشتمل الشقة على كل ما هو معد للاستعمال الخاص بالمالك، ومنها الحواجز الفاصلة بين الحجرات، وأنابيب الماء وأسلاك الكهرباء، والأدوات الصحية والأدوات المثبتة مثل الباب الخارجي والأبواب الداخلية، والنوافذ والشرفات، والبلاط والأخشاب التي تكسو الأرضية والسقف والجدران، والفضاء المحصور بين حوائط الشقة، وفق الفقيهين القانونيَين عبد الجواد السرميني وعبد السلام الترمانيني في شرح القانون المدني قسم الحقوق العينية الأصلية، الجزء الأول، صفحة 461.

ووُثقت في سوريا، خلال السنوات التسع الأخيرة، حالات خلع قوات النظام السوري أبواب ونوافذ حديدية من الشقق السكنية لسرقتها في المناطق الخاضعة لتلك القوات، وذلك بعد نزوح أهلها إلى مناطق أخرى.

وعرفت المادة الأولى أيضًا من القانون رقم “55”، وكذلك النظام الداخلي لهيئات شاغلي الأبنية ولجانها الإدارية رقم “931/ن” لعام 2002 الأجزاء المشتركة على أنها “الأرض والأساسات والمداخل والممرات والأدراج والأقبية والأسطح والمصاعد، والأنابيب والمناور المشتركة، وكذلك الأجزاء أو التجهيزات المعدة للاستعمال المشترك لجميع شاغلي البناء ما لم تكن ملكية خاصة”.

ويتبين من النص السابق أن الأجزاء المشتركة هي الأجزاء التي أُعدت للاستعمال المشترك بين جميع الشاغلين أو بعضهم، ولجميع الشاغلين الحق باستعمالها.

الطبيعة القانونية للملكية العقارية الطابقية

وتعتبر ملكية الأجزاء المشتركة ملكية شائعة بين جميع الشاغلين، والشيوع بالنسبة لها هو شيوع جبري، فلا يجوز لأي من الشاغلين طلب قسمتها نظرًا إلى تخصيصها لخدمة طبقات البناء بشكل دائم.

كما أن الأجزاء المشتركة تعتبر تابعة تبعية مطلقة للجزء المفرز الذي يملكه المالك، وأعدت إعدادًا كاملًا لخدمة هذا الجزء.

وطبيعة الأجزاء المشتركة في الملكية العقارية الطابقية هي ملكية شائعة، لأنها تتزاحم في ملكيتها حقوق أكثر من مالك، وفي نفس الوقت إجبارية أي أن حق الشاغل في التصرف بالأجزاء المشتركة هو حق مقيد بالجزء الخاص المفرز، فلا يحق للشاغل أن يطلب قسمته، أي أن محل الشيوع وهي الأجزاء المشتركة مخصصة بصفة تبعية لاستعمال شقق أخرى، يملكها أشخاص متعددون لكل واحد ملكية مفرزة.

وبذلك تعتبر الطبيعة القانونية للملكية العقارية الطابقية هي ملكية شائعة شيوعًا إجباريًا تبعيًا، وفق ما ذكره الفقيه القانوني محمد وحيد الدين سوار في شرحه للحقوق العينية الأصلية.

ويتمتع المالك المشارك في بناء متعدد الطوابق بحق ملكية خاص في الاستعمال والاستغلال، وحق ملكية مشترك مع الملاك الآخرين يمارسه على الأجزاء المشتركة للبناء وهو في هذه الحالة هو حق تصرف مقيد بحقوق الملاك الآخرين، وفق القانون رقم “55”، فلا بد أن يكون له حصة شائعة من الأجزاء المشتركة ضرورية لحسن انتفاعه بالأجزاء الخاصة من شقته.

وأخذ المشرع السوري بالمفهوم المزدوج لحق المالك المشارك في بناء متعدد الطوابق، فإذا تعدد ملاك طبقات البناء، فهم شركاء في ملكية الأرض وملكية أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين جميع الملاك.

وبناء عليه فإن المالك ضمن الأبنية الطابقية يتمتع بالنتيجة بحق تصرف خاص استثنائي على الأجزاء الخاصة من شقته، وحق مشترك وهي حصته الشائعة على الأجزاء المشتركة للبناء والتي بدورها معدة لاستعمال جميع الملاك، فهو يمارس هذا الحق الأخير بالمشاركة مع بقية الملاك، كالمصعد والدرج والمدخل والسطح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة