no image
tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 38 – الاحد – 11-11-2012

رائد فارس – كفرنبل

في غفلة من أهالي مدينة كفرنبل وعند الساعة الواحدة من بعد ظهر الإثنين 5-11-2012 سُمع هدير طائرتين حربيتين من نوع سوخوي 24، اتجهت الأولى شمالًا وعلى غير العادة ومن دون أن تنقض أطلقت صواريخها الإثنين… ليختار كل منهما هدفًا!! أهدافهما هذه المرة لم تكن جيشًا حرًا أو مقاتلين…. بل كانت وسط المدينة وتحديدًا دوار الساعة الذي كان رمزًا من رموز كفرنبل، جال الأهالي حوله بشهدائهم وجعله الناشطون المكان الأمثل لتصوير لافتاتهم التي لطالما افتخروا بها.
دوار الساعة الذي استهدفته الصواريخ، يتوسط المدينة وحوله باعة اختاروا الرصيف ليفرشوا خضارًا وفواكه يبيعونها ليقتاتوا بثمنها، باعة لم يكونوا من كفرنبل بل كان معظمهم نازحين وفدوا من المعرة وحيش… لجأوا إلى كفرنبل ليأمنوا قصفًا دمر مدنهم… تطايرت حبات الفاكهة واحترقت الخضار وانقلب الباعة وروادهم إلى كتلٍ من النار تركض دون وعي ولا هدف وانهار الدوار…
وفي تلك اللحظات عادت طائرة من مناورة أخرى وألقت صاروخين جعلا جامع الصديق رمادًا.. بيت الله دمروه، بيت آخر من بيوت الله كان هو الهدف التالي. طائرة ومناورة وصاروخين آخرين في حي هادئ تطايرت حجارة ورجال.. تطاير أطفال… أموروث هذا الحقد؟؟!! لتغطي كفرنبل في لحظات… في دقائق أربع سحب من نار، سحب توشحت سوادًا وغبارًا…
هرع الشبان لينقذوا أرواحًا باتت في برزخ ليتركوا ساقًا عن ساق، وفي غفلة قذائف وصواريخ، عادت سوخوي أخرى أطلقت رشاشًا يحمل موتًا في رصاص يرمق أطفالًا ورجال… وهنا وقف الناس.. هل أذهب؟ هل أبقى؟ ورجال ونساء في النار!! تلك مناظر أبكت حجارة كفرنبل.
ويدي شاب تحاول إنقاذ جريح وإذا يده تنزع عن جسده ويبكي ويصرخ يا الله حرقوهم!!! ويمضي يمشي مئات الأمتار يهذي ويبكي ويصيح وصياحه وصريخه في مسامع كفرنبل: «حرقوا الناس… حرقوا البشر.. حرقوا الحجر!!»
كان الموت على موعد مع 32 شهيدًا، وأي شهداء!! عرف منهم 23 شهيدًا فقط بينما أخفت النار معالم ما تبقى منهم، وتحت التراب، فقط رب وعبيد يعلم كل واحد منهما الآخر. جرحى بالعشرات بالمئات بالآلاف، كفرنبل جرحى، كفرنبل شهداء.. وبحاجة إلى إسعاف.. وبأي إسعاف يسعفنا الفاجر؟؟ بسيارات؟ بأطباء وممرضات؟ قذائف انهالت من وادي الضيف ومن الحامدية ومن حاجز الخزانات بخان شيخون، أكثر من ثلاثين قذيفة ضربت كفرنبل!! يتساءل أهلي في كفرنبل: فعل أم ردة فعل؟؟ ماذا فعلت كفرنبل؟ مظاهرة لتطالب بحقوق مشروعة؟ أم معركة للدفاع عن الأرض.. عن العرض؟ لم تفعل شيئًا…
عندما كنا صغارًا نعيش في بيت واحد، كان لدي ثلاثة إخوة وأمي وخمس شقيقات، وعندما يحمل أبي إصرًا من أحد منا يذهب ليضرب كبيرنا بكره، أخي الأكبر سامر، وعندما يحمل أبي إصرًا من أمي، من أخي، من أختي، أو مني، يذهب ليضرب سامر!! ذكرتك يا سامر عندما رأيت كفرنبل وبشار يحمل إصرًا من درعا فيضرب كفرنبل، يحمل إصرًا من حمص وحلب ودير الزور فيضرب كفرنبل، يحمل إصرًا من دمشق وداريا فيضرب كفرنبل…

كفرنبل مجزرة 5-11-2012 لن ننسى، وسنجعل سياجًا حول الدوار.. وسيبقى الدوار… وسنجعل شاهدة من رخام مصقول ننقش عليها شهداء مجزرة كفرنبل لنذكر أسماءً من رحمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة