رئيس الوزراء الفرنسي: المشروع ليس "ضد الديانات"

ما أثر مشروع قانون “تعزيز مبادئ الجمهورية” على مسلمي فرنسا؟

camera iconأشخاص يحملون لافتات خلال مظاهرة للاحتجاج على الإسلاموفوبيا ، بالقرب من جار دو نور في باريس - 10 تشرين الثاني 2019 (الأناضول)

tag icon ع ع ع

أقر رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستيكس، مشروع قانون يهدف إلى “تعزيز مبادئ الجمهورية” والتصدي لـ”التطرف الإسلامي” (الإسلاموية الراديكالية)، معتبرًا أنه ليس “ضد الديانات” ولا ضد الديانة الإسلامية “على وجه الخصوص”.

جاء ذلك خلال ندوة صحفية في باريس، في 9 من كانون الأول الحالي، تحدث فيها كاستيكس عن أهمية القانون من أجل مكافحة الأعمال الأيديولوجية التي تستهدف القيم الفرنسية وارتكاب الجرائم.

وتم تعديل اسم القانون عدة مرات لإثارته الجدل، إذ كان يعرف بـ”مكافحة النزعات الانفصالية”، ثم عُدّل لـ”النزعة الإسلامية المتطرفة”، ليصبح القانون أخيرًا تحت اسم “تعزيز مبادئ الجمهورية”، ومن المقرر عرضه في البرلمان الفرنسي بالنصف الأول من عام 2021 للموافقة عليه.

ما بنود القانون؟ 

يتضمن مشروع قانون “تعزيز مبادئ الجمهورية” حوالي 50 بندًا، أهمها:

  • مكافحة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • حماية الموظفين من التهديدات والعنف في المؤسسات، وتهيئة عمل المرافق العامة في بيئة يسودها الحياد واحترام الحريات.
  • الإشراف المشدد على الجمعيات ودور العبادة وشفافيتها فيما بتعلق بالتمويلات الخارجية التي تتجاوز عشرة آلاف يورو، دون سيطرة المتطرفين عليها.
  • التعليم الإلزامي للأطفال من سن الثلاث سنوات لتجنب التسرب المدرسي لأسباب دينية، وضمان تعليم الأطفال بما يتناسب مع مبادئ الجمهورية.
  • منع نشر صور لعناصر الشرطة خلال عملهم (بند قانون الأمن الشامل).
  • تعزيز المساواة في الفرص، لا سيما في الأحياء التي تنتشر فيها بعض المجموعات الإسلامية.

وفي مقابلة أجراها وزير الداخلية الفرنسي، جيرار دارمانان، الجمعة 11 من كانون الأول، مع صحيفة “نيس ماتان” الفرنسية، أشار إلى أنه “لم يعد من الممكن أيضًا ارتداء الملابس ذات الطابع الديني”.

كما يعمل مشروع القانون الجديد على تحديث قانون “العلمانية” الصادر في عام 1905، الذي ينص على الفصل بين الكنيسة والدولة، كما أوضح كاستيكس.

وأردف كاستيكس، “نريد من خلال هذا القانون حماية كل أولئك الذين يعانون من تعرض حرياتهم للتهديد، عبر أفعال وسلوكيات تتعارض مع قيمنا في الجمهورية”.

ومن أهم هذه القيم، احترام الكرامة البشرية، وحرية التعبير والفكر والصلاة، والمساواة بين الجميع ولا سيما بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى حقوق الطفل، ورفض كل السلوكيات “المشينة”، بحسب تعبيره.

وأكد كاستيكس أن مبدأ “العلمانية” هو أكبر وأهم مبادئ الجمهورية، وعبّر عن استيائه من مهاجمة “العلمانية” خلال السنوات الماضية بشكل متزايد، الأمر الذي لا يسمح بـ”العيش المشترك”، بحسب قوله.

ووصف “الإسلاموية الراديكالية” خلال الندوة الصحفية بـ” الأيديولوجية السوداوية” التي تهدف إلى “التقسيم ونشر الكراهية والعنف في المجتمع”.

ردود فعل.. ما تداعيات القانون على مسلمي فرنسا

أعرب سفير الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأمريكية، سام براون باك، عن قلقه على أوضاع المسلمين في فرنسا، في 8 من كانون الأول الحالي، قائلًا، “حين يصبح القمع شديدًا، فإن الوضع يمكن أن يتدهور”.

وفي 3 من كانون الأول الحالي، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن أجهزة الأمن الفرنسية سيكون بإمكانها الاعتماد على مذكرة صادرة من وزير الداخلية، جيرار دارمانان، بتفتيش ومراقبة 76 مسجدًا يشتبه بنشرها “الفكر الانفصالي”، مع إمكانية إغلاقها في المستقبل القريب.

وحول تداعيات هذا القانون على الداخل الفرنسي، قال المحامي والناشط السياسي هشام مسالمة، لعنب بلدي، “ليست هناك توقعات من رد فعل من المسلمين المعتدلين، وإنما تتجسد المخاوف لمن يحملون الفكر المتطرف، والحكومة الفرنسية تتابع هذا الأمر”.

وأضاف، “استشعر الفرنسيون الخطر من التنظيمات الراديكالية (المتطرفة) في نهاية تشرين الأول الماضي بعد الهجمات التي حصلت، وهذه التنظيمات تشكل خطرًا على الجميع وليس على الفرنسيين فقط”.

ويرى مسالمة أن لهذا القانون غايتين: الأولى هي خلق وسائل قانونية جديدة لملاحقة الفكر المتطرف داخل وخارج الحدود الفرنسية، إذ من المتوقع أن تمتد المخاوف إلى دول أخرى خاصة بعد هجوم فيينا.

والغاية الثانية هي الرسالة السياسية الموجهة من قبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وحزبه الحاكم للتقرب من “اليمين الشعبوي”، وتأكيد حماية الحريات ومبادئ الجمهورية الفرنسية.

لماذا الآن؟ 

يأتي نص مشروع هذا القانون بالتزامن مع قلق مفوضية الأممية لحقوق الإنسان من أثر مشروع قانون “الأمن الشامل” الذي قدمته الحكومة الفرنسية، في تشرين الأول الماضي، إذ يشكل أثرًا سلبيًا على المسلمين والمنحدرين من أصول إفريقية والأقليات الأخرى.

وتخوف الفرنسيون من الهجمات التي حصلت في تشرين الأول الماضي، إذ نفذ مهاجر شيشاني جريمة قتل للمدرس الفرنسي صامويل باتي، في 16 من تشرين الأول، وذلك لعرض المدرس رسومًا كاريكاتيرية للنبي محمد.

تلتها حادثة طعن وقعت بالقرب من كنيسة “نوتردام” في مدينة نيس الفرنسية، وقُتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وعلى إثرها رفع الرئيس الفرنسي حالة التأهب الأمني.

وتواجه فرنسا في الوقت الحالي انتقادات عديدة من بعض الدول الإسلامية لتصريحات ماكرون المثيرة للجدل، إذ يحاول الرئيس الفرنسي مواجهة ما أسماه بـ”الهيدرا الإسلامية”، مشيرًا إلى الحية هيدرا المتعددة الرؤوس كما في الأساطير اليونانية، وتعقيبه، في 2 من تشرين الأول الماضي، على أن “الإسلام يعيش في أزمة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة