فجوة أجور عالمية بين المهاجرين والمواطنين.. ماذا عن السوريين؟

أجور السوريون في بلاد اللجوء

camera iconأجور السوريون في بلاد اللجوء

tag icon ع ع ع

أظهرت دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية أن المهاجرين يكسبون أقل من المواطنين الأصليين بما يقارب 13% على الأقل.

وتصل الفجوة في بعض البلدان إلى 42%، بحسب الدراسة التي أجريت في العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع، والتي نُشرت في 14 من كانون الأول الحالي.

في بعض البلدان، مثل قبرص وإيطاليا والنمسا، تكون الفجوة في الأجور في الساعة أعلى، حيث تبلغ 42% و30% و25% على التوالي، وفي الاتحاد الأوروبي ككل تقارب الفجوة 9%.

ويظهر التقرير أن المهاجرين في البلدان المرتفعة الدخل هم أكثر عرضة للعمل غير المستقر، حيث يعمل 27% بعقود مؤقتة و15% بدوام جزئي.

وهم ممثلون بشكل غير متناسب في القطاع الأولي، الزراعة، وصيد الأسماك، والغابات، ويشغلون وظائف أكثر من المواطنين في القطاع الثانوي، التعدين والمحاجر، الصناعة، الكهرباء والغاز والمياه، والبناء.

وقال رئيس فرع هجرة اليد العاملة في منظمة العمل الدولية، ميشيل لاتيون، “غالبًا ما يواجه العمال المهاجرون عدم المساواة بالمعاملة في سوق العمل، بما في ذلك ما يتعلق بالأجور، والحصول على العمل والتدريب، وظروف العمل، والضمان الاجتماعي، والحقوق النقابية”.

وأشار إلى أن المهاجرين يلعبون دورًا أساسيًا في العديد من الاقتصادات.

أجور السوريين في تركيا

بلغ عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا ما يزيد على ثلاثة ملايين ونصف مليون سوري، حتى 21 من تشرين الثاني عام 2019، بحسب دراسة أجراها “اتحاد النقابات العمالية في تركيا” (ترك إيش).

وكانت أغلبية السوريين قبل اللجوء إلى تركيا تعمل في مجال النسيج والتجارة والخدمات والزراعة، وفي قطاعات الخدمات الحرفية والبناء، بحسب نتائج مسح سبل العيش (2019) لـ”الهلال الأحمر” و”برنامج الغذاء العالمي” التابع للأمم المتحدة.

بلغت قيمة أجور السوريين في تركيا غير الحاصلين على إذن عمل رسمي 1.058 ليرة تركية، أما الحاصلون على إذن العمل فقد بلغ أجرهم 1.312 ليرة تركية في عام 2019.

بينما يبلغ الحد الأدنى من الراتب للمواطن التركي في 2019 مبلغ 2.020 ليرة تركية غير متضمنة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.

ومع ذلك، فإن أعلى مستوى حققته القوى العاملة لأجور السوريين في تركيا عام 2019 هو 1.332 ليرة تركية في الشهر، وأدنى أجر تقاضاه السوريون في أثناء العمل بصناعة النسيج أو القطاع الزراعي هو 756 ليرة.

وبهذا يتضح أن مستويات الأجور هذه أقل من مستوى الحد الأدنى للأجور في تركيا، ما يدل على أن القوى العاملة السورية تعمل في وظائف غير رسمية، بحسب الدراسة.

وقد بلغ عدد السوريين الخارجين عن قيد العمل بشكل رسمي 53%، على الرغم من أنهم يعملون، إلا أن 3% منهم فقط يعملون في وظائف رسمية تشمل الأمن الوظيفي والحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي.

ولفت رئيس مركز “ترك إيش“، أرغون ألتاي، إلى أن الشركات والمصانع الصغيرة والمتوسطة غالبًا تلجأ إلى توظيف اللاجئين، وذلك لكونهم يتقاضون رواتب أقل.

وأضاف في الإطار نفسه، “تقاضي رواتب قليلة يدفع باللاجئين إلى العمل في ظروف معيشية صعبة، وبهذه الطريقة، فإن الشركات التي توظّفهم تحاول التهرّب من الضرائب التي يفترض أن يدفعوها للدولة”.

في لبنان.. ظروف قاسية في سوق غير منظمة

ذكرت دراسة لمنظمة العمل الدولية في لبنان عام 2014 بعنوان “تقييم أثر اللاجئين السوريين في لبنان وظروف تشغيلهم” أن قرابة ثلث اللاجئين السوريين في سوق العمل اللبنانية عاطلون عن العمل.

وأظهر التقرير أن معظم اللاجئين السوريين العاملين في لبنان يعانون من تدني الأجور ومن ظروف عمل قاسية، فضلًا عن افتقارهم إلى المهارات والتحصيل العلمي.

وقالت المستشارة الإقليمية لسياسات التشغيل في منظمة العمل الدولية- المكتب الإقليمي للدول العربية، ماري قعوار، إن اللاجئين السوريين، إضافة إلى المواطنين اللبنانيين، يعانون من عواقب عدم تنظيم سوق العمل.

ويزيد العدد الهائل للعمال السوريين ذوي الأجور المتدنية حدة العشوائية، ويوسع القطاع غير المنظم، ما يعزز الضغوط باتجاه تخفيض مستوى الأجور وتدهور شروط العمل، بحسب ماري قعوار.

ووجدت الدراسة التقييمية لمنظمة العمل الدولية أن العمال السوريين في لبنان يحصلون على أجور أدنى بكثير من نظرائهم اللبنانيين.

فمتوسط الدخل الشهري للاجئ السوري هو أقل بنحو 40% من الحد الأدنى للأجور في لبنان البالغ 675.000 ليرة لبنانية.

ويتكون التقرير من مقابلات مباشرة واستبيانات شبه منظمة أجريت مع 2000 شخص تقريبًا.

ولم يتمكن أكثر من ثلثي النساء اللواتي يبحثن عن عمل في لبنان من العثور على وظيفة، وتبلغ نسبة العاملات من أصل إجمالي اللاجئين السوريين 20%، وأجورهن أدنى بنحو 40% من أجور نظرائهن الذكور.

ويهيمن القطاع غير المنظم على عمل اللاجئين السوريين، فـ90% من اللاجئين العاملين يعملون دون عقود عمل نظامية.

ويوجد في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل لدى “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين“، لكن تقدر الحكومة أن عدد السوريين الفعلي 1.5 مليون سوري.

أجور السوريين في بعض الدول الأوروبية

ازدادت هجرة اليد العاملة في أوروبا الوسطى والشرقية، وكذلك في أوروبا بأكملها بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي. وفقًا لاختصاصية الهجرة في منظمة العمل الدولية، كريستيان كوبتش، يعمل 33 مليون عامل مهاجر حاليًا في الاتحاد الأوروبي، بحسب تقرير نشرته منظمة العمل الدولية في تشرين الأول الماضي.

وهم يمثلون 17% من مجموع القوى العاملة في الاتحاد الأوروبي. يقدر أن 1.6 مليون شخص هم مهاجرون مؤقتون يتمتعون بحرية الحركة داخل الاتحاد الأوروبي يعملون خارج بلد إقامتهم المعتاد، كما زاد هذا الرقم بنسبة 20٪ خلال فترة خمس سنوات.

ألمانيا 

ارتفع متوسط ​​أجور الألمان بمقدار الثلث تقريبًا من عام 2006 إلى عام 2018، من 2581 إلى 3403 يورو، بحسب تقرير نشرته وكالة “Handelsblatt” في كانون الثاني الماضي.

بالنسبة للأجانب في الاتحاد الأوروبي، انخفض متوسط ​​الأجر بنحو 5%، من 2560 إلى 2434 يورو، وفقًا لإجابة وزيرة الدولة البرلمانية، أنيت كرامي، بينما ارتفع متوسط الدخل بالنسبة للمهاجرين بشكل مستمر من 1510 إلى 1917 يورو حتى عام 2014، لكنه انخفض بعد ذلك إلى 1894 يورو في عام 2018.

وفي حين أن “فجوة الأجور” بين الألمان والمهاجرين من الاتحاد الأوروبي كانت 0.8% فقط في عام 2006، فقد ازدادت إلى 28.5% منذ ذلك الحين.
بينما توسعت فجوة الأجور للاجئين مؤخرًا بنسبة 44.4% بزيادة سبع نقاط مئوية على عام 2014.

ضمن مجموعة الأجانب، فإن أولئك الذين ينتمون إلى أهم بلدان اللجوء (سوريا، وأفغانستان، والعراق، ونيجيريا، وإريتريا، وإيران، وباكستان، والصومال) حققوا متوسط ​​راتب قدره 1839 يورو فقط، وهو ما يعادل فرقًا بنسبة 44% مقارنة بأجور المواطنين الألمان، بحسب تقرير نشرته وكالة “WELT” الألمانية عام 2019.

بلغ عدد اللاجئين السوريين في ألمانيا 526 ألف لاجئ، بحسب بيان نشره مكتب الإحصاء الاتحادي نهاية عام 2018، ويشكلون أكبر عدد من مجموع اللاجئين في البلاد.

وبحسب الإحصائية، يبلغ عدد اللاجئين في ألمانيا 1.8 مليون لاجئ، 71% منهم قدموا خلال السنوات الخمس الماضية، و62% منهم جاؤوا من ثلاث دول هي: سوريا (526 ألفًا) والعراق (138 ألفًا) وأفغانستان (131 ألفًا)، وتشمل تلك الأرقام من حصلوا على حق الحماية فقط.

فرنسا

يبلغ المستوى المعيشي الشهري للأشخاص الذين يعيشون في أسرة مهاجرة 1152 يورو (بعد الضرائب والمزايا الاجتماعية)، مقابل 1762 يورو لمن يعيشون في أسرة غير مهاجرة، أي أقل بنسبة 35% وفقًا لبيانات “INSEE” في 2015.

يعتبر 38.6% من الأشخاص الذين يعيشون في أسرة مهاجرة فقراء (عند عتبة 60% من متوسط ​​مستوى المعيشة).

يعيش المهاجرون في كثير من الأحيان في أسر أكبر حجمًا، ما يؤثر أيضًا على مستوى معيشة الفرد.

ويتلقون أجورًا أقل من غير المهاجرين لأنهم يشغلون في كثير من الأحيان وظائف محفوفة بالمخاطر وأقل تأهيلًا، ومستواهم التعليمي لا يسمح لهم بالحصول على نفس الوظائف.

بالإضافة إلى ذلك، عندما لا تكون لديهم الجنسية الفرنسية، ولا يكونون من الاتحاد الأوروبي، يُحظر على المهاجرين العمل في أي جزء من الخدمة العامة.

بشكل عام، يعاني هؤلاء الأشخاص من الصعوبات التي تواجهها الدوائر الشعبية عمومًا (عدم المساواة الاجتماعية) والصعوبات الخاصة بأصولهم (التمييز).

ووفقًا لأحدث إحصائية للمكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا)، في 5 من آذار 2018، بلغ عدد اللاجئين السوريين في فرنسا 16500 لاجئ.

وبلغ الحد الأدنى للأجور في فرنسا عام 2020، 1521 يورو شهريًا، وفقا لبيانات المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي (يورو ستات)، وهي حاليًا في المركز السادس بين أعلى دول أوروبا في الحد الأدنى للأجور.

كما كان لجائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) تأثير صحي واقتصادي على العمال المهاجرين أكبر من تأثيره على بقية السكان العاملين، ففي بداية الأزمة أُجبر عشرات الملايين من العمال المهاجرين على العودة إلى ديارهم بعد فقدان وظائفهم.

يقول تقرير منظمة العمل الدولية، إن الأزمة قد توسع الاختلافات في سوق العمل بين العمال المهاجرين والمواطنين، ما قد يؤدي بدوره إلى تعميق فجوات أجور المهاجرين.

وقالت إحدى مؤلفي التقرير الجديد لمنظمة العمل الدولية روزاليا فاسكيز ألفاريز، “يمكن للحد الأدنى المناسب للأجور أن يحمي العمال من تدني الأجور ويحد من عدم المساواة”، لكن ضمان أن تكون سياسات الحد الأدنى للأجور فعالة يتطلب حزمة شاملة من التدابير.

وأضافت أنه يعني امتثالًا أفضل، وتوسيع نطاق التغطية ليشمل المزيد من العمال، وتحديد الحد الأدنى للأجور عند مستوى مناسب ومحدث، يسمح للناس ببناء حياة أفضل لأنفسهم ولأسرهم.

في البلدان النامية والناشئة، سيتطلب الامتثال الأفضل نقل الناس بعيدًا عن العمل غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.

توزع اللاجئين السوريين حول العالم (عنب بلدي)

توزع اللاجئين السوريين حول العالم (عنب بلدي)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة