روبرت فورد: الموقف الأمريكي في سوريا.. معادٍ للأسد أم للسوريين؟

camera iconالتحالف الدولي خلال عمليات تمشيط شمالي سوريا - 4 من تشرين الثاني 2020 (واين ماروتو)

tag icon ع ع ع

تحدد الولايات المتحدة سياستها “المعلنة” في الشأن السوري، بمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومحاربة النظام السوري من خلال ضربات على مواقع عسكرية، أو بفرض حزمات من العقوبات عليه على مدى السنوات الماضية، على اعتباره نظامًا قمعيًا فاقد الشرعية.

إلا أن التساؤل الذي لا يزال يتردد في الشارع السوري، وحتى بين الساسة الأمريكيين، هو هل ضمنت الإدارة الأمريكية نهاية التنظيم شرق الفرات؟ وهل فعلًا عقوبات أمريكا تستهدف النظام السوري بعينه وليس الشعب السوري؟

فجوة استراتيجية

في مقال بصحيفة “الشرق الأوسط”، للباحث الأمريكي في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن روبرت فورد، الأربعاء 16 من كانون الأول، يرى أن الولايات المتحدة تواجه ضغوطًا متزايدة في الوقت الذي لا تحرز فيه أي إنجازات ملموسة تساعدها على المدى البعيد، أو “ربما تساعد السواد الأعظم من المدنيين السوريين في شيء”.

ويأتي كلام فورد الذي عمل في السابق سفيرًا أمريكيًا لدى سوريا والجزائر، على خلفية تناقض التصريحات بين مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية (لم يذكر فورد اسمه) أكد سابقًا أن الحل السياسي الدائم للأزمة السورية بات في “متناول الأيدي”، وبين تصريح المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، في أثناء إعلان استقالته، حين قال، “لقد أسقطنا (داعش) ولم نغادر أماكننا هناك”.

وكان جيفري أعلن استقالته من منصبه، في 7 من تشرين الثاني الماضي، عبر اتصال هاتفي مع نظرائه الأوروبيين والعرب والمعارضة السورية.

وعلى الرغم من أن أمريكا و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تنضوي تحتها عسكريًا، استطاعت إضعاف التنظيم في شرق الفرات، فإن الأمر لا يعني انتهاء التنظيم، إذ أوضح فورد أن هناك فجوة كبيرة في الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة التنظيم في سوريا.

وقال في ذات السياق، “قوات داعش في غرب الفرات هي أقوى من شرقه، وتواصل شن الهجمات على القوات الموالية لبشار الأسد هناك، حتى إن عناصر التنظيم الإرهابي نجحوا في اغتيال جنرال روسي كبير في منطقة الجزيرة في آب الماضي”.

وأوضح أنه “إذا كان وجود التنظيم في شرق الفرات (حيث القوات الأمريكية) يمكن أن يهدد المصالح الغربية في المستقبل، فإن قوات التنظيم الأقوى في غرب الفرات تشكل مثل هذا التهديد”، لافتًا إلى أنه “ليس لدى الحكومة الأمريكية رد واضح على هذا التحدي”.

توزع القواعد الأمريكية في سوريا

وتتوزع القوات الأمريكية، التي تنضوي تحتها “قسد”، في 26 موقعًا بمحافظات دير الزور، والحسكة، والرقة، وحمص، والقامشلي، كما تمتلك 23 قاعدة عسكرية، حيث يتركز وجودها بشكل رئيس على آبار النفط.

خريطة تظهر توزع القواعد الأمريكية في شرقي سوريا (عنب بلدي)

خريطة تظهر توزع القواعد الأمريكية في شرقي سوريا (عنب بلدي)

وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أواخر عام 2018، انسحاب قوات بلاده من شرقي سوريا، وذلك بعد إلحاقها الهزيمة بتنظيم “الدولة الإسلامية”، حسب تعبيره.

وقال ترامب حينها، “منذ مدة طويلة ونحن نحارب في سوريا، وأنا رئيس للولايات المتحدة منذ عامين، لقد قطعنا مرحلة طويلة، وهزمنا داعش شر هزيمة، واستعدنا الأرض”، وأضاف، “كان السبب الوحيد لوجودنا بسوريا في فترة رئاستي هو تنظيم داعش الذي هزمناه”.

وعقب قراره بانسحاب القوات الأمريكية من شمال شرقي سوريا، أكد الرئيس الأمريكي أن عددًا محدودًا من قوات بلاده سينتشر بالقرب من حدود سوريا مع الأردن وإسرائيل، ومجموعة أخرى من الجنود ستتولى “حماية النفط”، وفق قوله.

عقوبات لا تضاهي تعنّت “الأسد”.. المواطن خاسر

تساءل السفير الأمريكي السابق فورد عما إذا كان اصطفاف المواطنين السوريين في طوابير طويلة ومرهقة من أجل شراء الاحتياجات الأساسية من نجاحات الولايات المتحدة في سوريا.

وقال، “إن كان الغرض من وراء ذلك (العقوبات) هو إجبار بشار الأسد على تقديم تنازلات، فإن الحقيقة تعكس بوضوح أنه لا يزال يرفض تنفيذ الإصلاحات السياسية الجادة”، مؤكدًا أن “نظام الأسد وحاشيته لا يمكنهم قبول إملاءات الإصلاح والمساءلة”.

وعدّد فورد النتائج الناجمة عن فرض العقوبات على النظام السوري، بما ينعكس سلبًا على المواطنين:

  1. تحول تلك العقوبات تمامًا دون الاستثمار في البلاد. وفي غياب المشاريع الجديدة وإعادة البناء والإعمار، لن يتمكن المواطن السوري العادي من العثور على وظائف جديدة، فضلًا عن تدهور الخدمات الرئيسة المهمة، مثل المياه والكهرباء.
  2. تعوق العقوبات الأمريكية التجارة في البلاد مع عرقلة قدرة الحكومة السورية على تلقي القروض الأجنبية ورؤوس الأموال اللازمة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة السورية مع رفع أسعار الواردات الأساسية، مثل النفط والمواد الغذائية.

“وينبغي على المعسكر المؤيد للعقوبات الاقتصادية في واشنطن أن يلتزم المصداقية بأن العقوبات تزيد من صعوبة وصول المساعدات الإنسانية”، وفق فورد، إذ تعكس التقارير الواردة في الصيف الماضي عن منظمة “أوكسفام” البريطانية للمساعدات الإنسانية وعن البروفسور جوزيف ضاهر، أن العقوبات الاقتصادية تُرهب المصارف حتى تُحجم عن المجازفة بتحويل الأموال لمصلحة مشاريع المساعدات الإنسانية في سوريا.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، حذر من ارتفاع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا إذا لم تتوفر “مساعدة عاجلة”.

وقال البرنامج، عبر حسابه الرسمي في “تويتر”، في 31 من آب الماضي، إن 9.3 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومن دون مساعدة عاجلة.

وأضاف أنه من الممكن أن ينزلق أكثر من 2.2 مليون إلى حافة الجوع والفقر.

إحدى محطات البنزين في حلب (الوطن)

وفي تصريح سابق لرئيس “منتدى الاقتصاديين العرب”، سمير العيطة، لعنب بلدي، في 12 من أيلول الماضي، قال إن العقوبات الغربية على النظام السوري أثرت على مخزون المشتقات النفطية طوال سنوات الحرب.

وأشار حينها إلى أن الميزان النفطي لسوريا كان يميل إلى العجز حتى قبل 2011، رغم ما كان يصدره من نفط، ثم أتت العقوبات الغربية لتجعل هذا العجز بين مليارين وأربعة مليارات دولار سنويًا رغم انخفاض الاستهلاك بشكل كبير.

وأوضح العيطة أن العقوبات الغربية حالت دون استيراد المشتقات النفطية بشكل مباشر، إذ “لا يمكن فتح اعتمادات شراء، ولا إجراء تأمين للسفن لنقلها كنتيجة مباشرة أو ثانوية للعقوبات، وهو ما أدى إلى زيادة التبعية لإيران وروسيا، وبالتالي ازدياد حركة التهريب”.

وبحسب بيانات موقع “بريتش بتروليوم” للنفط، فإن إنتاج النفط في سوريا بلغ 406 آلاف برميل في عام 2008، وانخفض إلى 24 ألف برميل في عام 2018.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة