رغم التحذيرات..

سهل الغاب.. جيب مكشوف يتحدى مزارعوه الموت

camera iconمزارعون قتلوا باستهداف قوات النظم لهم في سهل الغاب - 26 من كانون الأول 2020 (الدفاع المدني)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- خاص

منيف وابنه عبود وأخوه خالد، ثلاثة مدنيين من عائلة واحدة قُتلوا نتيجة استهدافهم بصاروخ مضاد للدروع (م.د) في سهل الغاب شمالي حماة، في 26 من كانون الأول الحالي، كما قُتل في الاستهداف ذاته خالد الخالد وأحمد الأيوب.

كان هؤلاء المدنيون الخمسة يعلمون أن أراضيهم مكشوفة لقوات النظام، لكنهم توجهوا إليها أملًا بتجهيزها ورش السماد، الذي تتبعه مراحل أخرى لزراعة الأرض، والانتفاع من بيع المحصول، في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الأهالي.

ولم يكن هذا الاستهداف الأول خلال كانون الأول الحالي، وحذرت جهات مدنية وعسكرية من أن المنطقة مكشوفة، وسط استهدافات متكررة.

تحذيرات يقابلها عدم اكتراث

وأكد قياديون في “الجبهة الوطنية للتحرير”، ومتطوعون في “الدفاع المدني السوري”، ومدنيون التقت بهم عنب بلدي، وجود تحذيرات مسبقة من المناطق المكشوفة للنظام وخطر الاقتراب منها.

وقال المزارع أنس العبد لعنب بلدي، وهو من أبناء ريف حماة، إن السبب الرئيس لتوجه أهالي المنطقة إلى مناطق مكشوفة للنظام لزراعة أراضيهم، فأهالي منطقة سهل الغاب جميعهم يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق، خاصة أننا في بداية زراعة موسم جديد.

وأضاف أنس، “نعم نخشى الاستهداف، لكن الناس ليس لديهم بديل، وإذا لم تزرع لن تأكل. لقمة مغمسة بالدم”.

وأكد الرئيس السابق لمجلس قرية قسطون المحلي في سهل الغاب، رفعت عكيد، لعنب بلدي، أن عدة تحذيرات وُجهت للأهالي بعدم توجههم إلى الأماكن المكشوفة التي حُددت بين قريتي غانية والعنكاوي شمال شرقي سهل الغاب، لكن “للأسف الأهالي يستسهلون هذه التحذيرات”.

وهناك عدة طرق تصل بين ريف إدلب وسهل الغاب في مناطق سيطرة المعارضة، وأبرزها الطريق من قرية كفر عويد بجبل الزاوية جنوبي إدلب إلى قرية العنكاوي في سهل الغاب، لكنه خطير جدًا بسبب قربه من قرى العمقية والطنجرة والمنارة في سهل الغاب التي يسيطر عليها النظام السوري.

بينما يوجد طريقان سالكان، الأول من قرية اللج في جبل الزاوية باتجاه قرية قسطون، وطريق ثانٍ من قرية فريكة مرورًا بقرية إشتبرق التابعتين لمدينة جسر الشغور جنوب غربي إدلب، باتجاه سهل الغاب.

وكانت قوات النظام سيطرت نتيجة العمليات العسكرية المتتالية، منذ شباط 2019 حتى توقيع اتفاق “موسكو” في 5 من آذار الماضي، على مدن وبلدات استراتيجية في ريف حماة.

وبدأت القوات بالسيطرة على بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي الغربي، تبعها سقوط قلعة المضيق، في أيار 2019، التي تمثل بوابة سهل الغاب، وتعتبر الخزان الزراعي والتجاري الذي ترتكز عليه قرى ريف حماة.

كما أنها إحدى خواصر جبل شحشبو، الذي يعد امتدادًا لجبل الزاوية في الجزء الشمالي الغربي من مدينة حماة.

كما سيطرت، في آب 2019، على مدن وبلدات كفرزيتا واللطامنة ومورك، إضافة إلى مناطق في ريفي إدلب وحلب.

تتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، إذ يعيش تحت خط الفقر في سوريا 90% من السوريين، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.

وحذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، إليزابيث بايرز، التابع للأمم المتحدة، من أزمة غذاء غير مسبوقة في سوريا، بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

وقالت المسؤولة الأممية، إن تسعة ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون إلى الغذاء الكافي، وأوضحت أن عدد من يفتقر للمواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع مليون و400 ألف خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.

كيف تتصرف فرق “الدفاع المدني”

بلغ عدد استهدافات النظام للسيارات والآليات الزراعية للمزارعين في مناطق سهل الغاب أربعة استهدافات خلال كانون الأول الحالي، لكن الاستهداف الأخير، بتاريخ 26 من الشهر نفسه، هو أول هجوم يسقط فيه ضحايا مدنيون في الشهر الحالي، حسبما تحدث به مدير مركز قسطون في “الدفاع المدني”، سليمان نصار، لعنب بلدي.

وأوضح نصار أن فرق “الدفاع المدني” لا تقترب بسيارات الإسعاف خلال استجابتها لمثل هذه الاستهدافات، لأنها مناطق مكشوفة، والاستهداف الأول يكون طعمًا للسيارات الأخرى.

بينما تقترب فرق “الدفاع” من المنطقة المستهدفة عبر دراجات نارية أو مشيًا على الأقدام، بمطافئ حرائق يدوية وعدة إسعاف ونقل بسيطة، وتطفئ النيران، وتسحب الجرحى والجثث إلى مكان وجود السيارة في منطقة غير مكشوفة رُكنت بها مسبقًا.

وكان الاستهداف السابق، في 24 من كانون الأول الحالي، لسيارة في محيط قرية القرقور، في أقصى شمال غربي حماة، ولكنه لم يسفر عن إصابات.

كما سبب استهداف لقرية غانية إصابة شخصين، ونفوق 17 رأسًا من الغنم.

المعارضة ترد

رغم اتفاق “وقف إطلاق النار”، الساري منذ آذار الماضي، لا تلتزم قوات النظام به وتعمل على خرقه بشكل شبه يومي، حسبما قال قيادي في “الجبهة الوطنية للتحرير”، لعنب بلدي.

وأضاف القيادي، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن الفصائل ترد على القصف في المقابل، من خلال غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تضم كلًا من “جيش العزة” و”هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير”.

وقال المتحدث الرسمي في “الجبهة”، النقيب ناجي مصطفى، لعنب بلدي في وقت سابق، إن الفصائل “على جهوزية”، وتصد باستمرار محاولات للتسلل تحاول استغلال مواقع الضعف على خطوط التماس.

وكررت قوات النظام وروسيا والميليشيات الرديفة استهداف المزارعين في مناطق سيطرة المعارضة، وذلك خلال عملهم بحراثة أراضيهم وتجهيزها للزراعة أو خلال موسم قطاف الزيتون خلال الأسابيع الماضية.

وكان مزارع قُتل، في 2 من تشرين الثاني الماضي، وأُصيب اثنان آخران بجروح بليغة، إثر استهدافهم بصاروخ موجه من قبل قوات النظام، في أثناء عملهم بقطاف الزيتون في قرية إحسم بريف إدلب الجنوبي، بحسب ما نشره “الدفاع المدني”.

“ولم تكتفِ قوات النظام وروسيا بالأساليب التقليدية للهجمات، بل بدأت بشن هجمات بطائرات مسيّرة مستهدفة المدنيين”، حسب “الدفاع المدني”.

وأدت هجمات الطيران المسيّر إلى مقتل مدني وإصابة خمسة آخرين، وذلك نتيجة استهدافه مزرعة مأهولة بالمدنيين قرب بلدة الشيخ بحر غربي إدلب، بألغام من نوع (pom-2) روسية الصنع، في 31 من تشرين الأول الماضي، كما أُصيب باليوم نفسه ثلاثة مدنيين، بينهم سيدة، بجروح بعد استهدافهم بطائرة مسيّرة خلال عملهم في قطاف الزيتون بقرية نحلة جنوبي إدلب.

كما اُستهدفت فرق “الدفاع المدني” التي توجهت إلى المكان بعدة ألغام أُلقيت من طائرة مسيّرة، ووضعت فرق “الدفاع المدني” علامات تحذيرية، وطلبت من الأهالي عدم الاقتراب من الألغام لخطورتها الشديدة.

واستجاب” الدفاع المدني” لأكثر من 900 هجوم، أدت إلى مقتل 113 شخصًا بينهم خمسة أطفال، منذ 6 من آذار الماضي حتى منتصف كانون الأول الحالي، بحسب ما نشره على موقعه الرسمي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة