مذكرة إلى لجنة التحقيق الدولية حول استيلاء النظام على أملاك سوريين

أراضي زراعية في ريف حماه (اتحاد الفلاحين في حماه)

camera iconأراضي زراعية في ريف حماه (اتحاد الفلاحين في حماه)

tag icon ع ع ع

أصدرت “هيئة القانونيين السوريين” مذكرة قانونية حول “استيلاء” النظام السوري على أملاك وعقارات السوريين المعارضين وأموالهم المنقولة بقرارات أمنية صادرة عن حزب “البعث” الحاكم، مع “غياب تام للقانون والسلطة القضائية”.

وقالت الهيئة في مذكرتها الصادرة اليوم، الأحد 10 من كانون الثاني، إن الاستيلاء على الأملاك يندرج ضمن “خطة ممنهجة” للنظام، بدأت بقوانين مكافحة “الإرهاب”، ثم القانون “رقم 10” لعام 2018 الذي طال أملاك السوريين المسجلة في السجلات العقارية، وصولًا إلى “حرمانهم من حقوق الانتفاع والإيجار والمزارعة وجني المحاصيل”.

وتزامنت المذكرة مع “حملة النظام الأخيرة في الاستيلاء ومصادرة الممتلكات، التي لم تتوقف حتى اليوم، إذ بادر إلى تأجير الأراضي بعد الاستيلاء عليها”، بحسب ما قاله عضو “هيئة القانونيين السوريين” الحقوقي عبد الناصر حوشان، لعنب بلدي.

وكانت اللجنة الأمنية والعسكرية في حماة، أعلنت، خلال الأشهر الماضية، عن مزادات علنية لاستثمار أراضٍ تعود ملكيتها لمدنيين مهجرين بسبب عمليات النظام العسكرية على ريفي حماة الشمالي والغربي، وهو ما تناولته الهيئة في مذكرتها.

وبالمثل، أعلنت “الرابطة الفلاحية في إدلب” (التي يديرها النظام السوري) عن مزادات علنية لضمان استثمار أراضٍ زراعية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تعود ملكيتها لمدنيين مهجرين بسبب العمليات العسكرية التي شنها النظام وحلفاؤه على المنطقة، إضافة إلى أراضي أشخاص يدينون للمصرف الزراعي.

وأشارت المذكرة إلى أن النظام يعرض هذه الأملاك “مكافأة” لعناصر “الشبيحة” والميليشيات التي تسانده، “عن جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري”، كما تأتي ضمن سياسة “العقاب الجماعي”، إضافة إلى أنها “سبيل من سبل رفد خزينته بالأموال لتفادي الحصار والعقوبات الدولية المفروضة عليه”.

ما أهمية المذكرة؟

أوضح عضو “هيئة القانونيين السوريين” المحامي عبد الناصر حوشان، لعنب بلدي، أن المذكرة عبارة عن تقرير قدمته الهيئة إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، مشيرًا إلى أن أهميته تكمن “باعتباره رصدًا وتوثيقًا لجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفق ما نصت عليه القوانين الدولية”.

وقال حوشان، إن المذكرة تهدف إلى “وضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن أمام مسؤولياتهم بحماية السوريين في أرواحهم وممتلكاتهم”.

وعادة، تُعاد صياغة التقارير كمذكرة قانونية ترسل إلى جميع الدول الفاعلة في الملف السوري وإلى منظمات حقوقية ومواقع إعلامية دولية، بحسب حوشان.

وتتبع “هيئة القانونيين السوريين” عددًا من الخطوات، تشمل الأولى “التوثيق”، وهو ما أُنجز، ثم الخطوة الثانية وهي “إيداع التقرير لدى اللجنة الدولية المستقلة الخاصة بسوريا”.

أما الخطوة الثالثة فتبقى “معلّقة حتى إسقاط النظام، والبدء بعملية العدالة الانتقالية، ومحاسبة هؤلاء أمام القضاء الوطني”، وفقًا لعضو الهيئة.

ماذا تضمنت المذكرة؟

تطرقت مذكرة “هيئة القانونيين السوريين” إلى آلية إصدار القرارات التي يطرح النظام بموجبها أراضي مهجّرين للاستثمار.

وأوضحت أن القرارات تُتخذ من بشار الأسد، أعلى رأس هرم السلطة، بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة والأمين القطري لحزب “البعث”، ثم تُحال إلى القيادة القطرية للحزب، وهي أعلى سلطة حزبية وسياسية في البلد، ويتبع لها “مكتب الأمن الوطني” المشرف على الأجهزة الأمنية كافة.

وتُحال القرارات السياسية من قبل القيادة القطرية المركزية لحزب “البعث “إلى فروع الحزب في المحافظات، بينما تُحال القرارات الأمنية إلى “مكتب الأمن الوطني”، الذي يرأسه اللواء علي مملوك.

وتعمم قيادات الفروع الحزبية القرارات المذكورة على قيادات الشُعب والفرق الحزبية والدوائر الحكومية الرسمية، في حين يعمم “مكتب الأمن القومي” القرارات الأمنية واللجان الأمنية في المحافظات، مذيلة بحاشية “للتنفيذ الفوري”.

ما قانونية القرارات؟

وصفت “هيئة القانونيين” تصرف النظام بـ”الاعتداء الصارخ” على حق المالكين بالتصرف في هذه الملكيات المقرر في المادة “768” من القانون المدني، التي تنص على أنه “لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه”.

وقال مدير “تجمع المحامين السوريين”، غزوان قرنفل، لعنب بلدي، إن هذه القرارات “الأمنية والحزبية” بالسطو على أموال المزارعين ومالكي الأراضي وطرحها للاستثمار والتصرف بعائداتها، هي قرارات باطلة من الوجهتين القانونية والدستورية.

وأضاف قرنفل أن النظام السوري عندما يعرض أراضي الأشخاص الآخرين للمزادات، فهذا لا ينزع ملكية الأراضي من أصحابها، إنما يطرحها للاستثمار عبر هذه المزادات، وبالتالي الملكية تبقى باسم صاحب الأرض.

ولكن المذكرة القانونية اعتبرت الإجراء “نهبًا لثمار هذه الملكيات”، التي قرر القانون أنها من حق المالك حصرًا، بحسب ما جاء في المادة “770” من الدستور السوري، التي تنص على أن “لمالك الشيء الحق في كل ثماره ومنتجاته وملحقاته ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك”.

وليس للجمعيات الفلاحية أو أي جهة غير الدائن طلب الحجز أو التنفيذ الجبري، ما يعني بطلان تصرف “الجمعية الفلاحية” لمخالفته نص المادة “15” من قانون المصرف الزراعي التعاوني، التي تنص على أنه “يحصّل المصرف مباشرة جميع الأموال الناشئة عن قروضه ومعاملاته الأخرى وفقًا لقانون جباية الأموال العامة، وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي”.

كما يخالف أحكام المادة “9” من قانون جباية الأموال العامة التي تخوّل وزير المالية فقط إصدار قرار تنظيمي بتحديد أصول اتخاذ قرار الحجز وتنفيذه وبيع العين المحجوزة.

ويضاف إليها أن الحرب تعتبر من أسباب القوة القاهرة التي تمنع من التنفيذ الجبري على المدنيين في العقود الملزمة للطرفين عملًا بالمادة “166” من القانون المدني.

أما من الناحية الدستورية، فيعتبر الإجراء مخالفًا لنص المادة “15” من الدستور، التي نصت على أنه “لا تنزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل وفقًا للقانون، ولا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي”، بحسب ما أوضحته الهيئة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة