بوادر لتجاوزها.. ما أبرز ملامح الخلافات التركية- الإماراتية؟

camera iconوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش_ 25 من كانون الثاني (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

بعد تصريحات حادة اللهجة بين الإمارات وتركيا على مدار أكثر من ثلاث سنوات، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن الإمارات أكبر شريك تجاري لتركيا في المنطقة العربية.

وجاء ذلك في مقابلة أجراها مع قناة “سكاي نيوز عربية”، في 11 من كانون الثاني الحالي، أبدى خلالها رغبة أبو ظبي بعلاقات طبيعية مع تركيا، معتبرًا أن المشكلة تكمن في السياسة التركية تجاه المحيط العربي، بحسب قرقاش.

التصريح الذي جاء بعد أقل من أسبوع على انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي، وتوقيع بيان “العُلا”، وطي صفحة الخلاف الخليجي، يخالف تصريحات إماراتية أطلقها قرقاش، ووزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، ضد تركيا سابقًا.

“استفزاز” باسم العثمانيين

بدأت بوادر الأزمة بشكلها العلني بين الجانبين حين أعاد ابن زايد، ثم قرقاش، في كانون الأول 2017، نشر تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، تتهم العثمانيين بالإجرام والسرقة، وأثارت هذه التغريدة ردود فعل غاضبة من الجانب التركي.

إذ قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عبر تويتر، إن “بعض المسؤولين في الدول العربية يهدفون من خلال معاداتهم لتركيا إلى التستر على جهلهم وعجزهم وحتى خيانتهم”، على حد تعبيره.

وأعاد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، نشر التغريدة التي أغضبت الجهات الرسمية في تركيا، وخاطب ابن زايد مستنكرًا ما جاء فيها، وواصفًا إياها بـ”الكاذبة والاستفزازية”.

وعقب ذلك، قلل وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من أهمية علاقة بلاده مع الإمارات، على خلاف السعودية “التي تملك علاقات جيدة مع أنقرة”، في إشارة إلى تدهور العلاقات بين تركيا والإمارات.

واستمرت هذه التصريحات المتبادلة دون أن تنخفض حدتها، وكان من أبرزها ما جاء على لسان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في لقاء مع قناة “الجزيرة“، في 31 من تموز 2020، أن “حكومة أبو ظبي قامت بأعمال ضارة في ليبيا وسوريا، ونحن نسجل كل ما تفعل، وستتم محاسبتها في الزمان والمكان المناسبين”.

واعتبر قرقاش أن تصريح أكار يمثل “سقوطًا جديدًا لدبلوماسية بلاده”، واصفًا إياه بـ”الاستفزازي”.

وتشهد الساحة السياسية في المنطقة حضورًا لأنقرة وأبو ظبي على طرفي نقيض في كثير من قضايا المنطقة.

ومع انطلاق ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض الرؤساء، ووصول “الإخوان المسلمون” إلى تولي سدة الحكم في مصر وتونس، خشيت أبو ظبي من وصول المد الثوري، أو أي تيار سياسي أو ديني إليها، فآثرت الوقوف على الضفة الأخرى من حيث تقف أنقرة، التي ساندت ثورات الربيع العربي.

حصار قطر

في حزيران 2017، فرضت كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات حصارًا على قطر، شمل إغلاق المعابر البرية والبحرية والجوية أمام الدوحة، بزعم دعمها للإرهاب، وعلاقتها بإيران.

واتخذت أنقرة منذ بداية الحصار موقفًا داعمًا لقطر، وتجلى ذلك بإمدادها بالمواد الغذائية عبر جسر جوي، بالإضافة إلى الوجود العسكري التركي في قطر، متمثلًا بقاعدة عسكرية أُقيمت في تشرين الأول 2015، في إطار محاولة الإسهام بالسلام الإقليمي، كما تقول أنقرة.

وفي تشرين الثاني 2019، كشف الرئيس التركي عن قرب الانتهاء من إنشاء القاعدة العسكرية التركية الثانية في قطر، التي ستحمل اسم الصحابي “خالد بن الوليد”.

وأبدت الإمارات رفضها للوجود التركي في قطر على لسان الوزير قرقاش، الذي اعتبر هذا الوجود طارئًا، ويسهم في الاستقطاب السلبي بالمنطقة، بحسب تغريدة في “تويتر” نشرها قرقاش في تشرين الأول 2020.

ليبيا

صدّقت الأمم المتحدة في أيلول 2020، وبموجب المادة “102” من ميثاقها على مذكرة التفاهم الموقعة بين ليبيا وتركيا، وتتمحور حول تحديد مناطق النفوذ البحري للبلدين شرق البحر المتوسط.

وجاءت هذه المذكرة ثمرة للدعم العسكري الذي قدمته أنقرة لحكومة “الوفاق الوطني” المعترف بها دوليًا، بقيادة فائز السراج، في حربها ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأسهمت أنقرة عبر الطائرات المسيّرة التركية (طائرات من دون طيار) في قلب موازين المعارك بعد تدميرها منظومة “بانتسير إس 1” الروسية، وسيطرة حكومة “الوفاق” على قاعدة “الوطية” الجوية، التي كانت تشكل أحد أبرز المواقع الاستراتيجية في مشروع حفتر المتمثل بالدخول إلى العاصمة طرابلس.

ورغم مشاركة الإمارات في التحالف الغربي الذي أسقط حكم القذافي في ليبيا، دعمت حكومة أبو ظبي حفتر لانتزاع العاصمة.

وانتقدت تركيا الدور الإماراتي في ليبيا، وقال وزير خارجيتها، في أيار 2020، “إذا كنت تسأل من الذي يزعزع استقرار هذه المنطقة، من الذي يجلب الفوضى، فسنقول أبو ظبي دون تردد”.

الثورة في سوريا

قاطعت الدول الخليجية في بداية الأمر النظام السوري، وأغلقت سفاراتها لديه، وخفضت مستوى التمثيل الدبلوماسي، لكن حكومة أبو ظبي لم تجاهر بعدائها للنظام، وانعكس ذلك في خطاب إعلام النظامي الرسمي الذي انشغل عن الإمارات بمهاجمة دول أخرى مثل تركيا وقطر والسعودية.

وأزاحت الإمارات برود علاقتها بالنظام بشكل علني، عبر إعادة فتح سفارتها في دمشق، بعدما أغلقتها في 2012 مع الدول الخليجية الأخرى، بسبب استخدام النظام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وإراقة الدماء.

وأجرى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، اتصالًا هاتفيًا برئيس النظام، بشار الأسد، في آذار 2020، لبحث مستجدات وتداعيات انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بحسب الإعلام الرسمي.

وقدمت حكومة أبو ظبي الدعم لبعض الفصائل التي كانت نشطة في سوريا، لا سيما في المنطقة الجنوبية، مثل “جبهة ثوار سوريا”، كما قدمت دعمًا عبر غرفة “موك” التابعة للتحالف الدولي، والتي كانت تتخذ من الأردن مقرًا لها.

وفي 11 من كانون الثاني 2019، غادر قائد غرفة عمليات “البنيان المرصوص” سابقًا في درعا، جهاد المسالمة، إلى الإمارات ضمن تفاهمات مع روسيا، ضمنت سفر المسالمة الذي تسلّم قبل سفره ملف مفاوضات درعا البلد مع النظام، وعمل على تسليم الطريق الحربي وأسلحة المعارضة إلى روسيا والنظام السوري.

ووقفت أنقرة في الثورة التي أوشكت على إتمام عامها العاشر إلى جانب فصائل المعارضة، ولا تزال تستضيف على أراضيها نحو 3.5 مليون لاجئ.

وسبّب التدخل التركي الذي شكّل توازنًا في القوى بعد دعم إيران للنظام، إزعاجًا للجانب الإماراتي، وقال قرقاش في تغريدة عبر “تويتر”، في كانون الأول 2017، “العالم العربي لن تقوده طهران أو أنقرة، بل عواصم مجتمعة”.

من أولًا؟ الرياض أم أبو ظبي؟

بدت الإمارات كمراقب في مشهد المصالحة الخليجية مع قطر، وذلك بعد تصريحات أدلى بها وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في 6 من كانون الأول 2020، أعلن من خلالها عن تقريب لوجهات النظر بين الدوحة والرياض، مقابل تصريحات سعودية نقلتها “رويترز“، وتفيد بأن حل الخلاف “بات بمتناول اليد”.

وأعربت أبو ظبي على لسان قرقاش، عن تقديرها للوساطة الكويتية والمساعي الأمريكية، وعن دعمها للجهود السعودية بالنيابة عن الدول الأربع، ولم تلعب دورًا محوريًا في المفاوضات أو المشاورات التي أفضت إلى التوصل لبيان “العلا”.

وأعلن وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر الصباح، عشية انعقاد قمة “العُلا” طي صفحة الخلاف الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات.

وتأتي التصريحات الأخيرة لقرقاش حول العلاقات الإماراتية مع تركيا، بعد ملامح تقارب سعودي- تركي محتمل، إذ وجّه الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، بتقديم مساعدات لمتضرري الزلزال الذي ضرب مدينة إزمير، غربي تركيا، وقتل فيه أكثر من 100 شخص، في تشرين الأول 2020.

واتصل الملك سلمان، في تشرين الثاني 2020، بنظيره التركي، لتنسيق الجهود حول أعمال قمة “العشرين” في الرياض، كما اتفق الجانبان على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، لتطوير العلاقات الثنائية، وإزالة المشاكل العالقة، بحسب ما نقلته حينها وكالة الأنباء السعودية “واس”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة