لتثبيت حضورها داخليًا وخارجيًا..

حرب إصدارات مرئية بين جماعات “جهادية” في سوريا

camera iconقناص من أنصار التوحيد على جبهات إدلب - شباط 2021 (أنصار التوحيد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- علي درويش

تراجع الضخ الإعلامي للجماعات “الجهادية” في سوريا، عبر ما تسميه “إصدارات” تستعرض فيها مرحلة سيطرتها على منطقة أو ملخصًا لأعمالها القتالية، وفي بعض الأحيان مكاسبها على الصعيد الشعبي من ضم أنصار جدد ونشاطات دينية وخدمية.

لكن وتيرة هذا التراجع تغيرت مطلع العام الحالي، فمن تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى “حراس الدين”، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، وصولًا إلى “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وفصيل “أنصار التوحيد”، نشرت هذه الجماعات أربعة إصدارات، منذ 2 من كانون الثاني الماضي، روّجت لجهات تصارعت فيما بينها على الأراضي السورية، لكن كانت لها رسائل وأهداف محددة لكل فصيل.

وطوّرت الجماعات “الجهادية” استخدامها للإعلام بدءًا من أفغانستان والشيشان وصولًا إلى العراق، الذي أفرز أبرز التنظيمات وأكثرها احترافية باستخدام الإعلام في سبيل الترويج، كتنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي بدأ تمدده في سوريا منذ دخول “جبهة النصرة” إليها أواخر 2011، وتتالى بعدها ظهور تنظيمات أخرى.

الترويج مستمر لكن التواتر مختلف

الباحثة في الجماعات “الجهادية” روان الرجولة، قالت لعنب بلدي، إن العمليات الترويجية للتنظيمات “الجهادية” لم تتوقف، لكن “اختلف المحتوى والكثافة والتواتر”.

واستهدفت التنظيمات “الجهادية” بشكل أساسي من خلال إصداراتها ومحتواها الترويجي الدائم المتعدد الرسائل، التواصل مع القاعدة أو الحاضنة الشعبية، أو الوصول إلى أنصار جدد، أو إبقاء الشريحة المستهدفة على اتصال، وإعلامها أن التنظيم وقيادته موجودون، إضافة إلى رسائل للخارج.

لكن إصدارات الجماعات الأربع الأخيرة بالذات، “أكدت التوجه الدولي والإقليمي بالاعتماد على (النصرة) لمحاربة (داعش)، وتهيئة الأرض لذلك”، حسب الباحثة روان الرجولة.

وأشارت الباحثة إلى أن الفترة الحالية هي وقت الاستحقاق السياسي، و”هذه التنظيمات، وبالأخص النصرة (تحرير الشام اليوم)، تسعى إلى وجودها على طاولة التسوية السياسية”.

وتساءلت الباحثة إلى أي مدى يمكن أن يتم ذلك، فـ”ما زلنا نراقب تطور بعض هذه التنظيمات وتطور رسائلها وشكلها وتعاطيها مع المحيط، والهدف الأساسي لها هو الوصول إلى السلطة”.

حرب.. وحرب مضادة

تضمّن فيلم أصدره تنظيم “الدولة” تحت اسم “النهاية والبداية”، في 2 من كانون الثاني الماضي، هجومًا على جميع الجهات الموجودة في سوريا، من الجماعات “الجهادية” وفصائل المعارضة والنظام.

وتضمّن الفيلم تسجيلًا لقائد ومؤسس تنظيم “الدولة” الأول، “أبو بكر البغدادي”، قال فيه، “انتدبنا الجولاني من العراق إلى الشام ليلتقي خلايانا في الشام، ودعمناه بالرجال والمال”.

وهاجم الفيلم قائد “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، بعد أن وصلت أنباء تدور حول “الجولاني” ومقربين منه سعيًا لاعتراف بأنها قوة غير “إرهابية”.

لكن “تحرير الشام” ومع ذكرى تأسيسها، نهاية كانون الثاني الماضي، نشرت فيلمًا بعنوان “أربعة أعوام على التأسيس”، وهاجمت فيه تنظيم “الدولة” واصفة إياه بـ”الخوارج”، وذكرت أن مقاتليه غدروا بها في الرهجان والقرى المحيطة فيها بريف حماة.

وجاء في إصدار “تحرير الشام” أنها استطاعت في عامها الرابع أن تثبت قدرتها وكفاءتها وجدارة قادتها، وأعطت درسًا أن الدول “لا تُبنى على اللصوص بل على التوحيد”.

وحمل الإصدار دعوة إلى الانضواء تحت رايتها، حيث “حققت ما حققته من انتصارات بسبب التوحد الجزئي”، وختمت الإصدار بأن الوحدة الكلية تحقق نتائج على الصعيد الدولي وليس المحلي فقط، وأن الوحدة تعني “لي الذراع الروسية والإيرانية” في سوريا.

وأشادت “الهيئة” بدور حكومة “الإنقاذ” صاحبة النفوذ في إدلب، وقالت إنها أثبتت أن القائمين عليها قادرون على البناء، و”ليس كما يحاول أن يصوّر النظام السوري”، وأنها تدعم بشكل كامل “الإنقاذ”، بسبب ما تقدمه من خدمات مدنية.

حملت “تحرير الشام” مسميات مختلفة، أولها “جبهة النصرة”، وصدر أول بيان عنها في 24 من كانون الثاني 2012، دعت فيه السوريين إلى “حمل السلاح والجهاد ضد النظام السوري”، لتصنَّف جماعة “إرهابية” من قبل واشنطن في كانون الأول 2012، وفي أيار 2013، قرر مجلس الأمن إضافتها إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعين لتنظيم “القاعدة”.

وأعلن “الجولاني”، في 28 من كانون الثاني 2016، فك الارتباط بتنظيم “القاعدة”، وتشكيل فصيل جديد يسمى “جبهة فتح الشام”.

وفي 28 من كانون الثاني 2017، أُعلن عن تشكيل “هيئة تحرير الشام” من اندماج “جبهة فتح الشام” و”جبهة أنصار الدين” و”جيش السنة” و”لواء الحق” وحركة “نور الدين الزنكي”.

“حراس الدين” محاولة جذب عناصر بعد الضعف

ترى الباحثة روان الرجولة أن محتوى إصدار تنظيم “حراس الدين” الأخير يركز على “تجنيد المتشددين الذين سينسلخون (أو انسلخوا) عن (تحرير الشام)، والتحشيد والتجييش للوصول إلى عناصر سوريين وعرب”، مشيرة إلى أن معظم المنتمين للتنظيم حاليًا من الإيغور (ينحدرون من تركستان الشرقية) والطاجيك والتركمانستان والأوزبك، وقليل منهم سوريون وعرب.

ولا تعتقد الباحثة أن الأمر سيتعدى مناكفات أو زيادة محدودة في توظيف موارد بشرية قتالية جديدة لـ”حراس الدين”.

ونشرت مؤسسة “شام الرباط” التابعة لتنظيم “الحراس”، في 25 من كانون الثاني الماضي، إصدارًا لعملية الهجوم على القاعدة الروسية قرب بلدة تل السمن شمالي الرقة، وهي أولى عمليات التنظيم بالمدينة في إطار ما سماه “غزوة العسرة”.

وتجنب “حراس الدين” في إصداره مهاجمة أي جهة عسكرية أخرى، بعكس “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “الدولة”، لكنه هاجم الفعاليات السياسية للمعارضة، وقال إن المؤتمرات السياسية عرقلت المعارك ضد النظام.

وجرت اشتباكات بين غرفة عمليات “فاثبتوا” (التي تضم فصائل “جهادية” أبرزها “حراس الدين”) مع “هيئة تحرير الشام”، في حزيران 2020، انتهت بتوقيع اتفاق بين الطرفين يمنع “الحراس” من نشر أي حواجز أو شن أي هجمات على مواقع النظام دون التنسيق مع غرفة عمليات “الفتح المبين”.

وتضم “الفتح المبين” “هيئة تحرير الشام”، و”الجبهة الوطنية للتحرير” التابعة لـ”الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، و”جيش العزة”.

“أنصار التوحيد”.. القنص وسيلة صامتة

وثّق إصدار فصيل “أنصار التوحيد” عمليات القنص التي ينفذها عناصر الفصيل، مستهدفًا فيها ضباطًا وعناصر من قوات النظام وروسيا على محاور التماس جنوبي إدلب.

وركز الإصدار على أهمية سلاح القنص، وطرق اختيار الأهداف وأولوياتها، وحمل عنوان “من حيث لا يشعرون”، ونُشر في 9 من شباط الحالي.

ويعتبر “أنصار التوحيد” من الفصائل المستقلة غير المرتبطة بأي غرفة عمليات منذ أيار 2020، إذ أعلن حينها تركه غرفة عمليات “وحرض المؤمنين” التي تضم فصائل “جهادية”، أسست لاحقًا هذه الفصائل غرفة عمليات “فاثبتوا”.

والفصيل امتداد لجماعة “جند الأقصى”، التي أُسست منتصف عام 2012، على يد “أبو عبد العزيز القطري”، الذي قُتل في ظروف غامضة عام 2014، ووُجدت جثته في بلدة دير سنبل، قرب مقر “جبهة ثوار سوريا” (المنحلة)، واتُّهم قائد الجبهة جمال معروف بتصفيته.

وجرت اشتباكات بين “جند الأقصى” و”حركة أحرار الشام” في 2015 نتيجة عدة خلافات، منها رفض قتال “الأنصار” لتنظيم “الدولة” واتهامات متبادلة بين الطرفين.

وبعد إخراج مجموعات “جند الأقصى” إلى الرقة، بقيت مجموعات منشقة وفلول في المنطقة، أعلنت بدورها، في 2 من آذار 2018، من مدينة سرمين بريف إدلب، تشكيل فصيل “أنصار التوحيد” بقيادة “أبو دياب سرمين”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة