قروض ذوي الدخل المحدود.. مخدر للأزمة يُصرف من مستقبل السوريين

camera iconأوراق نقدية سورية من فئة ألفي ليرة (متداول)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – زينب مصري

من توفير قروض لذوي الدخل المحدود، ورفع سقف القروض الطلابية، إلى إتاحة أنواع أخرى من القروض، توالت إعلانات حكومة النظام السوري، خلال الأسابيع الماضية، عن توفير القروض للمواطنين في مناطق سيطرتها، لدعمهم ماليًا، بدلًا من العمل على إيجاد حلول للأزمات المعيشية التي يواجهونها.

تروّج حكومة النظام إتاحة القروض من المصارف التابعة لها أو العاملة في مناطق سيطرتها لدعم ذوي الدخل المحدود، لكن المصارف تفرض شروطًا تجعل الحصول عليها متعذرًا لتلك الشريحة، كسقف مرتفع للرواتب وتسديد قروض سابقة إن وجدت، وتطلب كفلاء.

كما أن ارتفاع سعر الصرف يجعل من قيم تلك القروض الفعلية متدنية، ويخفض من قدرتها الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار بمختلف القطاعات والأسواق في سوريا.

وتتفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام، فمعدلات التضخم مرتفعة وسعر الصرف غير مستقر، والدولار الأمريكي اقترب من حاجز خمسة آلاف ليرة سورية مع تدهور الليرة قبل أن تتحسن وتعود إلى حدود 3725 ليرة للدولار الواحد.

كما أن التوريدات النفطية غائبة، وعجلة الإنتاج متوقفة، إلى جانب مجموعة من العقوبات الغربية التي تحد من عمليات الاستيراد والتصدير، والقبضة الأمنية التي يتحكم بها النظام لضبط المتعاملين في مناطق سيطرته بغير الليرة السورية.

وتنعكس آثار تلك الأزمات المتمثلة بغياب استقرار المستوى العام للأسعار، الذي يترتب عليه حدوث اختلال في توزيع الدخول وآثار أخرى تؤثر سلبًا على الاستهلاك والعمالة، على معيشة المواطنين، إذ تجعل 90% منهم يعيشيون تحت خطر الفقر، بحسب تقديرات أممية، مع طوابير لهم شبه دائمة أمام محطات الوقود والأفران، وعند مواقف الحافلات وكراجات النقل.

ما القروض؟

القروض، مبلغ من المال يقدم نقديًا أو عينيًا من قبل المصرف، للأفراد أو الشركات بهدف تمويل نشاط اقتصادي خلال فترة زمنية محددة، وتُحسب فائدة على إجمالي المبلغ سلفًا، يُتفق عليها في بنود العقد المبرم بين الطرفين، ويُشترط السداد على دفعات مستحقة شهريًا.

أنواع القروض

القروض التجارية، وهي قروض تُمنح للمتعاملين بعمليات التسويق والتبادل التجاري المحلي والخارجي.

القروض الاستهلاكية، قروض يحصل عليها الأفراد بهدف تمويل إنفاقهم الاستهلاكي.

القروض الاستثمارية، هي قروض وتسهيلات ممنوحة إلى المشاريع والمؤسسات الإنتاجية بهدف توفير مستلزمات الاستثمار والإنتاج.

قروض المضاربة، قروض تُستخدم لبيع وشراء الأسهم والسندات بهدف تحقيق الأرباح.

معايير منح القروض

تمنح المصارف القروض وفقًا لخمسة معايير، وهي شخصية العميل وقدرته على تحقيق الدخل، وبالتالي قدرته على سداد القرض، ورأس ماله، والضمان الذي يضعه تحت تصرف المصرف مقابل الحصول على القرض، والظروف المحيطة بالعميل التي يدرسها المصرف لمعرفة مدى تأثيرها على النشاط الاقتصادي أو المشروع المطلوب تمويله.

إنفاق من المستقبل

تبيّن آلية توظيف القرض المصرفي وما إذا كان للاستثمار أم للاستهلاك الفائدة المرجوة منه، فقرض الاستثمار يساعد في سد قيمة القرض والفوائد الناتجة عنه، بينما قرض الاستهلاك لا يساعد سوى في صرف القرض، وبالتالي وجود صعوبة في تسديد القيمة والفوائد للمصرف.

وعادة ما تمتلك عروض القروض التي توفرها المصارف العديد من المزايا، طالما أن العميل يستطيع دفع الأقساط في الوقت المحدد لذلك.

لكن في حالة الوضع الاقتصادي في سوريا، وصف الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، سحب القروض “كمن ينفق من مستقبله”.

وقال في حديث إلى عنب بلدي، إن سحب القروض آلية تغير بالسلوكيات والأنماط الاستهلاكية حتى لا تكون كبيرة عبر الزمن، وذلك يعني أنه عند الاقتراض، يمكن أن يجعل المستهلك التغيرات في الأنماط الاستهلاكية (الإنفاق) ثابتة إلى حد ما، أو أقل تذبذبًا.

وتهدف الحكومة من منح القروض إلى تسهيل الضائقة الاقتصادية على المواطنين، بحسب الباحث، الذي نوه إلى ضرورة معرفة آلية تمويل القروض من المصرف المركزي، ففي حال كان التمويل من النقد الموجود في السوق أساسًا فلن ينعكس ذلك بعواقب كبيرة على التضخم.

أما في حال كانت المبالغ الجديدة التي سيتم إقراضها للناس ستُضخ في السوق من جديد، فسيكون لذلك آثار تضخمية.

وتوقع الباحث عدم التغير في التضخم في كلتا الحالتين، لأن الإقبال على هذا النوع من القروض منخفض بسبب الشروط الصعبة للحصول عليها.

التوجه إلى منح التسهيلات الائتمانية

في 16 من آذار الماضي، وجه رئيس النظام، بشار الأسد، حكومته، بتقديم إعانة مالية إلى حساب صندوق التسليف الطلابي قيمتها خمسة مليارات و200 مليون ليرة، ليُصبح رأسمال الصندوق ستة مليارات ليرة سورية، بهدف تمكين الصندوق من زيادة قيمة القرض الشهري للطلاب إلى 40 ألف ليرة، وزيادة القرض الشخصي للطلاب إلى 300 ألف ليرة سورية.

وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، يسهم رفع مبلغ القرض الشهري في تخفيف الأعباء المادية عن الطلبة وأسرهم في ظل الظروف المعيشية الحالية، على أن يبدأ صندوق التسليف الطلابي بالعمل وفق سقف القروض الجديدة للطلاب بعد شهر من تخصيص مبلغ الإعانة المقرر للصندوق.

وكان مصرف “التسليف الشعبي” رفع سقف قرض الدخل المحدود إلى مليوني ليرة سورية، لمدة خمس سنوات وبمعدل فائدة 7% سنويًا، وقرر بدء التطبيق في 1 من آذار الماضي.

وعلى الرغم من تسميته “قرض الدخل المحدود”، لا تستطيع جميع شرائح “الدخل المحدود” الحصول على سقف المليوني ليرة كاملًا، لأن الحصول عليه يتطلب أن يكون الراتب الشهري بحدود 100 آلاف ليرة سورية، بحسب حديث سابق لمدير المصرف، عدنان حسن، إلى صحيفة “تشرين” الرسمية، في شباط الماضي.

وأوضح حسن أن رفع سقف القرض يشمل كل الشرائح من المتقاعدين والعسكريين والعاملين في الدولة بالتعليمات نفسها المعمول بها من قبل، وبإمكان المستفيدين سابقًا من قروض المصرف تسديد ما عليهم لكي يستفيدوا مجددًا من القرض بسقفه الجديد، بكفلاء جدد أو الكفيلين السابقين إذا وافقا على الكفالة من جديد.

وتتراوح الرواتب في سوريا بين 37 ألف ليرة سورية (ثمانية دولارات) كحد أدنى، و663 ألف ليرة (نحو 146 دولارًا) كحد أعلى، بينما يبلغ متوسط الرواتب الشهرية للموظفين في سوريا (في القطاع الخاص والعام) 149 ألف ليرة سورية (32 دولارًا)، بحسب موقع “Salaryexplorer”.

وفي شباط الماضي، أصدر الأسد قانونًا يسمح بموجبه بتأسيس مصارف التمويل الأصغر، التي تمنح قروضًا تشغيلية لشريحة محدودي الدخل، من أجل تأمين دخل إضافي لها، وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.

وفي أيلول 2020، وجه مصرف سوريا المركزي المصارف العاملة في سوريا لاستئناف منح التسهيلات الائتمانية للقطاع الزراعي، وللمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولأصحاب الدخل المحدود، بالإضافة إلى القروض العقارية، بعد ثلاثة أشهر من إيقافها، بشرط عدم تجاوزها مبلغ 500 مليون ليرة سورية، ومبلغ 400 مليون ليرة سورية في حال كان التسهيل الممنوح قرضًا عقاريًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة