أربع سنوات على مجزرة الأطفال بمعرة حرمة.. الجرح مفتوح

camera iconآثار الغارات الجوية الروسية على بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي - 18 نيسان - (الدفاع المدني)

tag icon ع ع ع

“ناقصنا نفتح جروحاتنا؟ ناقصنا بكاء؟”، هذه الجملة المقتضبة، هي جل ما أجاب به المواطن واصل نابو عن أسئلة حول ما حفرته مجزرة بلدة معرة حرمة جنوبي إدلب، قبل أربع سنوات، في ذاكرته.

امتنع واصل في البداية عن فتح باب الذكريات المؤدي إلى ذلك اليوم، لكنه استجمع قواه في النهاية ليروي لعنب بلدي ما جرى في تلك الليلة.

خمس فاجعات

حوالي الثالثة من ساعات فجر الثلاثاء 18 من نيسان 2017، أسكت صاروخ أطلقه الطيران الروسي أصوات خمسة من أبناء واصل إلى الأبد، وخلّف مجزرة في المنزل وجواره، ولم تترك لهذا الأب الأربعيني سوى ابنته صفاء وزوجته.

“كنا نائمين ولم نشعر إلا بالبيت ينهار فوقنا، طُمرنا بالركام ولكنني لم أفقد الوعي”، وصف واصل الحادثة، وأضاف “صرت أصيح يا الله (…) سمعني إخوتي (يقطنون في الجوار) وتتبعوا الصوت، واستدعوا الدفاع المدني وأهالي الحي”.

بعد 40 دقيقة من الحدث، تمكنت فرق الإنقاذ من الوصول إلى الأسرة العالقة، لتنقذ واصل وزوجته وابنته عند الرمق الأخير، وتنتشل جثث الأبناء الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة أشهر وتسع سنوات.

الخسارة الكبرى بالنسبة لواصل، الذي نزح لاحقًا إلى مخيمات “دير حسان” شمالي إدلب، كانت بأطفاله الخمسة، ولكن خسارته المادية لم تكن سهلة أيضًا، إذ أفقدته الغارة الروسية منزله المكوّن من طابقين، وموارد رزقه التي كان يجنيها من محال تجارية يملكها.

“هذه الماديات لا تعوض طفلًا (…) ماتوا خمسة أولاد يعادلون الكرة الأرضية كلها”.

وفي مثل هذا اليوم من عام 2017، نفذ الطيران الروسي غارة في بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي موقعًا مجزرة بين المدنيين، جلهم من الأطفال.

وأفاد مراسل عنب بلدي في ريف إدلب، أن المجزرة خلّفت عشر ضحايا مدنيين من عائلة واحدة (نابو)، إلى جانب عشرات الجرحى، وذلك من جراء أربع غارات جوية روسية بالصواريخ الفراغية، وهو ما أكدته شبكات حقوقية استنادًا إلى شهادات حية لشهود وعناصر “الدفاع المدني السوري”.

تقاسم الموت

قتلى هذه المجزرة تقاسمتهم عائلة نابو، فبعد قليل من استهداف منزل واصل، استهدف قصف مماثل منزل ابن عمه مصطفى نابو، ليفقد أيضًا أربعة من أطفاله، من أصل خمسة، (أعمارهم بين سنتين و13 سنة)، كما فقد والدته (70 سنة).

ليست ذكرى المجزرة فقط هي ما حفر بذاكرة واصل، إذ يتذكر في حديثه مع عنب بلدي أنه بعد مرور يوم المجزرة، قرأ خبرًا على إحدى محطات الأخبار التابعة للنظام السوري مفاده، “تم تدمير أكبر مقر للإرهابيين بمعرة حرمة”، وعلّق على ذلك، “طبعًا اعتبروا الأطفال إرهابيين (…) عندهم قتل الطفل أهم من قتل الكبير (…) إجرام ليس بعده إجرام”.

جمود وصدمة

قريب المفجوعين أيمن نابو كان يمكث على بعد نحو 50 مترًا من مكان الانفجار، استذكر في مقابلة مع عنب بلدي صوت الانفجار القوي جدًا والحالة النفسية التي كانوا بها ذاك اليوم.

وأوضح أيمن أنه عندما سمع صوت الانفجار هرع إلى مكان الانفجار، ليجد الموقع المستهدف هو منزل عمه، وقال “صرخات النساء والأطفال كانت تملأ المكان. جاءتنا حالة من الصدمة”.

تلك اللحظات لا تزال حية في الذاكرة، وكانت من أصعب المواقف سواء على المفجوعين بخساراتهم أو على من حولهم، بحسب أيمن.

كان هذا التصعيد متزامنًا مع عمليات عسكرية استأنفتها قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له في ريف حماة الشمالي، واستعادت فيها عدة بلدات كانت خسرتها.

وفي اليومين السابقين للمجزرة، استهدف الطيران الحربي مدينة خان شيخون بالقنابل الفوسفورية، ما أدى إلى اندلاع حرائق في البلدة، ووقوع عشرات الجرحى بين المدنيين.

وجاء التصعيد العسكري على مناطق المعارضة بشكل ملحوظ، بعد الضربة الأمريكية لقاعدة “الشعيرات” الجوية في حمص، وخاصة على مدينة خان شيخون والبلدات المحيطة بها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة