ثلاث قوميات جديدة دخلت التركيبة السكانية في سوريا

tag icon ع ع ع

عبادة كوجان – عنب بلدي

تشهد “الديموغرافيا” السورية متغيرات وتقلبات مستمرة منذ أربعة أعوام، حيث هدمت العديد من القرى والبلدات وسويت على الأرض، وهاجر ألوف السوريين نحو أوروبا ودول الجوار طلبًا للأمان النسبي.

الديموغرافية أو علم السكان: تقوم على دراسة علمية لخصائص السكان المتمثلة في الحجم والكثافة والتركيب والأعراق ومعدلات النمو وأسباب الهجرة والتوزع الجغرافي وغيرها

ويكيبيديا

لكن ظروف الحرب المعقدة سببت دخول قوميات جديدة إلى سوريا، لتصبح موطنًا جديدًا لآلاف من الوافدين الجدد، فما هي أبرز هذه القوميات؟

القوقاز

تعرف القوقاز على أنها المنطقة الواقعة في الحد الفاصل بين أوروبا وآسيا، وتنقسم إلى منطقتين: القوقاز التي تضم دولًا سابقة في الاتحاد السوفيتي، ومنها جورجيا، أرمينيا، أذربيجان.

والقوقاز الروسي وتضم كراسنودار، ستافروبول، أديغيا، قراتشاي، تشيركيسيا، قبردينو، بلقاريا، الشيشان، إنغوشيا، أوسيتيا الشمالية، وداغستان، كما يضم القوقاز ثلاث دول أعلنت استقلالها غير المعترف به دوليًا وهي: أبخازيا، أوسيتيا الجنوبية، وقرة باغ.

عانت منطقة القوقاز من ويلات الحروب خلال القرن العشرين وامتدت حتى مطلع القرن الحالي، وكانت موسكو اللاعب الرئيس في معظم هذه الحروب ولاسيما معركة الشيشان وما تبعها من احتلال روسي أعقبه حكم ذاتي مطلع القرن الواحد والعشرين، وتأسيس إمارة القوقاز الإسلامية بقيادة دوكو عمروف 2007.

وينتمي سكان هذه المنطقة لأعراق مختلفة، بمن فيهم الشيشان والشركس وذوو الأصول البيزنطية، ويعتنق  معظم سكان هذه المنطقة الديانة الإسلامية، وتأتي المسيحية في جورجيا وأرمينية بالمرتبة الثانية.

ومع نهاية العام الأول للثورة السورية ضد نظام بشار الأسد 2011، دخلت مجموعات من القوقازيين لتقاتل إلى جانب فصائل الجيش الحر آنذاك، واتسم دخولها بالمجموعات التي ضمت نساء المقاتلين وأطفالهم، لتكون سوريا موطنًا جديدًا لهم.

ويعتبر القوقازيون أبرز المهاجرين إلى سوريا خلال السنوات الأربعة الماضية، من حيث العدد والتوزع الجغرافي والانتماء العسكري، لكن معظمهم اليوم يعملون تحت جناح جبهة النصرة (فرع القاعدة في بلاد الشام)، بعد سلسلة اندماجات حصلت مؤخرًا، وبالتزامن مع التدخل الروسي في سوريا.

ونسرد في تقريرنا عددًا من الفصائل القوقازية المقاتلة في سوريا، وتوزعها الجغرافي وانتماءاتها العسكرية والعقيدية.

أكثر من 2000 مقاتل من دول الاتحاد السوفييتي متواجدون على الأراضي السورية، وهناك خطر من أنهم سيعودون إلينا، لذا الأفضل لنا أن نقدم المساعدة للأسد للقتال ضدهم هناك على الأراضي السورية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- أيلول 2015

قوقاز “الدولة الإسلامية”: يقاتل عدد كبير من القوقازيين في صفوف “الدولة”، ويقودهم القائد العسكري العام للتنظيم أبو عمر الشيشاني (طرخان باتيراشفيلي) ذو الأصول الجورجية، والذي ترأس سابقًا فصيل “جيش المهاجرين والأنصار” قبل انشقاقه مع عدد كبير من العناصر والتحاقه بالتنظيم في تشرين الثاني 2013.

قوقاز جبهة النصرة: في نهاية أيلول المنصرم، بايعت مجموعات قوقازية جبهة النصرة، وعلى رأسها جيش المهاجرين والأنصار بقيادة أبي ابراهيم الخراساني، وكان سابقًا أحد مكونات جبهة أنصار الدين العاملة في ريف حلب الغربي.

فصائل أخرى من القوقاز بايعت النصرة خلال الأيام القليلة الماضية، من بينها “جماعة القرم” العاملة في ريف حماة الشمالي، ويقودها رمضان القرمي.

فصائل قوقازية مستقلة: رغم أن معظم الجماعات القوقازية باتت تنضوي في صفوف تنظيم الدولة وجبهة النصرة، إلا أن فصائل أخرى لا زالت تعمل مستقلة في ريفي حلب واللاذقية، أبرزها “مجاهدي إمارة القوقاز” الذين انفصلوا عن جيش المهاجرين والأنصار قبل 3 أشهر وفضلوا العمل متفردين دون الانصهار في فصائل أخرى، وملتزمين الحياد في القتال الدائر بين المعارضة وتنظيم الدولة، ويقودهم صلاح الدين الشيشاني، القائد السابق لجيش المهاجرين والأنصار.

تجدر الإشارة هنا إلى كتائب “جنود” العاملة في ريفي اللاذقية الشمالي وإدلب الغربي، بقيادة مسلم الشيشاني، قائد معركة كسب، آذار 2014، وتنتمي هذه المجموعة في الأصل إلى إمارة القوقاز الإسلامية أيضًا، أي أن لها ذات الأصل بالتوازي مع جيش المهاجرين والأنصار، لكنها تعمل متفردة على الرغم من محاولات اندماجها بحركة أحرار الشام الإسلامية.

وأخيرًا، هناك فصيل “جند القوقاز”، الذي يعمل أيضًا في جبال اللاذقية، ويقوده عبد الحكيم الشيشاني من مدينة غروزني، عاصمة الشيشان، والذي رفض بدوره الدخول في أي صراعات مسلحة بين الفصائل ويعمل إلى جانب جبهة النصرة وجند الأقصى، لا سيما في معارك سهل الغاب الأخيرة.

التركستان

تعرف تركستان على أنها المنطقة الواقعة في آسيا الوسطى، وتنقسم إلى قسمين: تركستان الشرقية، ومعظم سكانها من الإيغور المسلمين، وتتبع لجمهورية الصين الشعبية حاليًا، وتسمى باللغة العربية “تركستان الصينية” و”شينجيانغ” باللغة الصينية.

تركستان الغربية، وتضم خمس جمهوريات إسلامية استقلت أواخر القرن العشرين عن الاتحاد السوفيتي، وهي: كازاخستان، أوزباكستان، تركمانستان، طاجاكستان، قيرغيزستان.

ومنذ أن انضمت تركستان الشرقية إلى الصين عام 1950، وسكانها من عرق الأيغور يعانون الاضطهاد العرقي والديني، وتحاول بكين جاهدة تغيير ديموغرافية المنطقة السنية بالكامل، من خلال تهجير الشبان نحو مدن أخرى في الصين، وجلب أناس من قوميات وأديان أخرى وتوطينهم في تركستان. هذه الظروف المتفاقمة دعت الآلاف من الأيغور للهجرة إلى تركيا، ومنهم من جاء سوريا قبل نحو عامين، ليتبلور تشكيل جديد على الساحة “الجهادية”، وهو الحزب التركستاني الإسلامي.

فضلت أسر من أتراك الصين المسلمين “الأيغور”، العيش تحت نار الحرب في سوريا، على العيش تحت قمع واضطهاد السلطات الصينية، في إقليم تركستان الشرقية “شينجيانغ”، بحسب ما أشار إليه “إبراهيم منصور”، المسؤول في حزب تركستان الإسلامي

الأناضول- كانون الأول 2014

ولعل تقرير وكالة الأناضول التركية، كانون الأول 2014، أكد بصورة واضحة توافد مئات العوائل من الأيغور إلى سوريا عبر أراضيها، قبل أن تحذفه الوكالة بشكل كامل من موقعها عبر الإنترنت.

ويتجلى وجود الأيغور في سوريا، في الحزب التركستاني الإسلامي، وهو تنظيم مسلح يقاتل ضمن جيش الفتح في ريفي إدلب وحماة، وكان له دور كبير في معركتي جسر الشغور ومطار أبو الظهور العسكري.

لا أحد يعلم حقيقة عدد الأيغور في سوريا، لكن معلومات حصلت عليها عنب بلدي من نشطاء في ريف إدلب، أكدوا خلالها أن نحو 3000 مقاتل أيغوري يقاتلون ضمن الحزب التركستاني، معظمهم أتوا مع عوائلهم، ويقيمون في ريف إدلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي.

مؤخرًا، أصدر الحزب صورًا تظهر تدريب عشرات الأطفال على السلاح وتعليمهم ضمن حلقات وفي معسكرات مغلقة، قيل إنها أقيمت في جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي.

تواجد التركستان لا يقتصر في سوريا على الأيغور، إذ تفيد معلومات وتقارير دولية أن عشرات العوائل من الطاجيك والأوزبك والتركمان توافدت إلى الأراضي الخاضعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة الشرقية، ليصبح هذا المكون أساسيًا في صفوف قوات التنظيم.

كذلك فإن فصيل “التوحيد والجهاد” العامل في ريف إدلب والمكون من مقاتلين طاجيك وأوزبك، بايع جبهة النصرة، نهاية أيلول الماضي.

الأفغان

تقع دولة أفغانستان في آسيا الوسطى، وتحدها كل من طاجاكستان وتركمانستان وأوزباكستان من الشمال، وإيران من الغرب، والصين من الشرق، وباكستان من الجنوب.

وعلى الرغم من أن الأكثرية الدينية في أفغانستان، ذات الـ 30 مليون نسمة، هي من المسلمين السنة، إلا أن أقلية الهزارة التي تقطن المرتفعات وسط البلاد، تعتنق المذهب الشيعي الاثني عشري وتتكلم اللغة الفارسية، ويبلغ عدد أفرادها نحو 3 ملايين نسمة، حسب إحصائيات 2014.

يعتبر الشيعة الأفغان، الذين يملكون بغالبيتهم تجارب تدريبية مع الحروب الطائفية الضروس في أفغانستان، المرشحين الأمثل لمحاربة الثوار السُّنة في سوريا، على الرغم من أن فعاليتهم في ساحة المعركة ما زالت غير مؤكدة، لكن وجودهم المتنامي يتيح على الأقل للقوات الإيرانية وغيرها التابعة لها فترة راحة هي بأمسّ الحاجة إليها.

فيليب سميث، معهد واشنطن- حزيران 2014

بدأ دخول الأفغان الهزارة إلى سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد، وهذا ما أكده تقرير أعده معهد واشنطن للدراسات، حزيران 2014، إذ أشار في بحثه إلى أن نحو ألفي أفغاني شيعي انتقلوا للعيش في جنوب سوريا في محيط مقام السيدة زينب بريف دمشق، وسرعان ما اندمجوا في ميليشيات للقتال ضد الجيش الحر وفصائل المعارضة الأخرى، أبرزها لواء “أبي الفضل العباس”.

وتلا ذلك تورط إيران بتجنيد مئات المقاتلين الأفغان، اللاجئين في أراضيها منذ أعوام، وفق مقومات تقدمها طهران لهؤلاء البؤساء، أهمها رواتب عالية قياسًا على معيشتهم المتدنية، إضافة إلى وعود وصكوك “دخول الجنة” وفق مشاهدات وتسجيلات مصورة لناشطي الثورة.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أيار 2014، أن الحرس الثوري الإيراني جنّد اللاجئين الأفغان الشيعة للقتال في سوريا، وفق رواتب شهرية تبلغ 500 دولار أمريكي بالإضافة إلى أوراق إقامة إيرانية.

صحيفة التايمز البريطانية وفي تقرير نشرته في حزيران 2015، أشارت إلى أن 5 آلاف مقاتل أفغاني وباكستاني يقاتلون إلى جانب قوات الأسد، وبتجنيد مباشر من إيران التي اعتمدت بشكل كلي على أقلية الهزارة الفقيرة واللاجئة في المدن الإيرانية.

وأثبتت معارك الجنوب السوري مطلع العام الحالي، في منطقة التماس بين المحافظات الثلاثة (دمشق، درعا، القنيطرة)، أو ما بات يعرف بـ “مثلث الموت”، تورط مئات المقاتلين الأفغان في القتال إلى جانب قوات الأسد، وسط تسجيلات مصورة ووثائق تظهر عشرات الجثث أو الأسرى الذين وقعوا في قبضة الجيش الحر.

وشهدت مدينة حلب استعانة كبيرة من قوات الأسد بمقاتلي الأفغان، واستطاعت فصائل المعارضة أسر وقتل عدد منهم في رتيان وحندرات شمال المدينة، وخلال معارك منطقة الشيخ نجار الصناعية التي أحكمت قوات الأسد السيطرة عليها قبل أشهر، كما رصد مقاتلو المعارضة تواجد الأفغان في ريفي حماة واللاذقية، ويبقى تواجدهم الأكبر في محيط منطقة السيدة زينب، في ريف دمشق الجنوبي، إذ يعتبرون أنفسهم “حراسًا للمقام” بحسب العقيدة التي تحكمهم.

لا يعتبر التغيير الديموغرافي في بنية المجتمع السوري هو الأول من نوعه، إذ تعرضت هذه البقعة إلى موجات هجرة خلال القرون العشرة الماضية، فاختلط المجتمع العربي بمكونات أجنبية أضحت وعلى مر الزمان جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر: الأكراد والشركس والتركمان والأرمن، والذين توزعوا على طول البلاد وعرضها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة