خُيّرت بين ثلاث دول لإقامة “إسرائيل”.. ماذا تعرف عن “الحركة الصهيونية”؟

camera iconقوات نازية في حراسة على محل تجاري يمتلكهه يهود، وتقول الرسومات الموجودة على النافذة: "أيها الخنزير اليهودي فلتتعفن يداك"- آذار من عام 1938

tag icon ع ع ع

شهد العالم خلال أيار الحالي عدة مظاهرات في دول مختلفة، أقامها متدينون يهود ينددون فيها باحتلال إسرائيل لأراضٍ فلسطينية، وسياسة الفصل العنصري التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

ومن هؤلاء المتظاهرين من أشار إلى أن إقامة دولة مثل إسرائيل على أراضٍ عربية يعتبر مخالف للعقيدة اليهودية، مستشهدين بأقوال من كتبهم المقدسة، “التي توصيهم بعدم التجمع في مكان واحد وإنما الانتشار في الأرض”.

تقوم دولة إسرائيل الحالية على الفكر الصهيوني، الذي ظهر لأول مرة في أوروبا أواخر القرن الـ19، وطالب بإقامة دولة لليهود المضطهدين في العالم من أجل جمع شملهم وحمايتهم من الاضطهاد والقتل، اللذين عانى منهما الشعب اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية.

ما الصهيونية؟

حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن الـ19، ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد.

وترفض الحركة اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذي وقع عليهم خلال القرن الـ19، الذي شهد الحرب العالمية الثانية التي قُتل فيها أكثر من ستة ملايين يهودي، بحسب “موسوعة الهولوكوست“.

وارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية الصحفي والكاتب المسرحي اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل، الملقب من قبل اليهود باسم “رؤيا الدولة”، والذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.

وباعتبار أن هرتزل كان يعمل مراسلًا لصحيفة “نويه فراي برس في باريس، تابع قضية “درايفوس”، وهي فضيحة سياسية قسمت الجمهورية الفرنسية الثالثة من عام 1894، إلى أن تم حلها عام 1906، وكانت حادثة “معاداة السامية” سيئة السمعة في فرنسا، حيث أُدين “زورًا” نقيب يهودي في الجيش الفرنسي بتهمة التجسس لمصلحة ألمانيا.

وذكر هرتزل في كتابه “في دولة اليهود”، أن قضية “درايفوس” جعلت منه صهيونيًا، وأنه تأثر بشكل خاص بهتافات “الموت لليهود” من الحشود التي تجمعت لمشاهدة إعدام الضابط اليهودي.

وتعود تسمية “الحركة الصهيونية” إلى أحد ألقاب جبل صهيون في القدس كما ورد في “سفر إشعياء”، أحد مصادر العقيدة اليهودية، وصاغ هذا المصطلح الفيلسوف ناتان بيرنباوم، عام 1890، لوصف حركة “أحباء صهيون”، وأقر التسمية المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897.

واعتقد هرتزل أنه يجب على اليهود الانسحاب من أوروبا، وأنه لا يمكن التغلب على “معاداة السامية” أو الشفاء منها، بل تجنبها فقط، وأن الطريقة الوحيدة لذلك هي إنشاء دولة يهودية.

وتهود أسباب معاداة اليهود في أوروبا، إلى رؤية المسيحيين لليهود على وجه الخصوص على أنهم قتلة المسيح، ثم “الشعب الشاهد” (في الرؤية الكاثوليكية)، و”أداة الخلاص” (في الرؤية البروتستانتية).

المؤتمر الصهيوني الأول.. عدة أوطان متاحة

في شهر آب من عام عام 1897، حاول هرتزل عقد المؤتمر الصهيوني الأول في ميونيخ الألمانية، إلا أن المعارضة الشديدة من قبل التجمُّع اليهودي في ألمانيا والحاخامية في ميونيخ، حالت دون ذلك، ما اضطره لتأجيل المؤتمر.

نص المؤتمر على العمل لإقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين، وإما في الأرجنتين، وإما في أوغندا، وكان هذا المؤتمر يضم كل الجاليات اليهودية، بهدف العمل على تنفيذ هذا المشروع، وكان الأساس في إنشاء ما يعرف ببرنامج “بازل”، بحسب كتاب “حلم صهيون”، للكاتب الأمريكي لورانس جي ابشتاين.

لكن هرتزل نجح في الترويج لفكرة استعمار فلسطين، وإقامة وطن لليهود، وكان من أهم نتائج برنامج “بازل” إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ البرنامج الصهيوني، الذي ينص على أن “هدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام”.

حُددت الآليات التي ستتبعها المنظمة الصهيونية آنذاك في تنفيذ مشروعها من خلال ثلاثة بنود، وهي تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية، واتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني (إعطاؤه شرعية دولية)، وتشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل، وتشكيل الجهاز التنفيذي لـ”الوكالة اليهودية” لتنفيذ قرارات المؤتمر.

واقتصرت مهمة “الوكالة اليهودية” على جمع الأموال في صندوق قومي، لشراء الأراضي وإرسال مهاجرين يهود لإقامة مستعمرات في فلسطين، الأمر الذي تحقق على أرض فلسطين عام 1948.

ما “الساميّة” التي تعاقب القوانين على معاداتها؟

ينتشر مصطلح “معاداة السامية” في أغلب دول العالم، وتعتبر “معاداة السامية” جريمة يعاقب عليها في كثير من الدول، مثل أوروبا العلمانية، التي لا تحتوي قوانينها على تجريم ازدراء الأديان باستثناء جريمة “معاداة السامية”، فما أصل هذا المصطلح؟

استُعمل مصطلح “معاداة السامية” لأول مرة من قبل الباحث الألماني فيلهم مار، لوصف موجة العداء لليهود في أوروبا الوسطى في أواسط القرن الـ19، بحسب أرشيف “الموسوعة البريطانية“.

وجاء مصطلح “السامي” ليشمل العرب، والأكاديين، والكنعانيين، والعبرانيين، وبعض الإثيوبيين، والقبائل الآرامية، بلاد ما بين النهرين، والساحل الغربي من البحر الأبيض المتوسط، و شبه الجزيرة العربية، والقرن الإفريقي، و”السامي” هو عضو في شعب يتحدث مجموعة من اللغات ذات الصلة يفترض أنها مشتقة من لغة مشتركة.

أحد أهم وأكبر الشعوب السامية في العالم هم المتحدثون باللغة العربية الفصحى كلغة أولى، ويبلغ عددهم أكثر من 200 مليون شخص يعيشون في منطقة واسعة تمتد من ساحل المحيط الأطلسي في شمال إفريقيا إلى غربي إيران.

إلا أن عقوبة “معاداة السامية” في دول العالم لا تطبّق على معاداة السامية العربية أو الأكادية على سبيل المثال، إنما تطبق بحق من يعادي اليهود فقط.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة