tag icon ع ع ع

زينب مصري | حسام المحمود | أمل رنتيسي

في طريق يتاخم أراضي زراعية ويخلو من إشارات مرورية، ينعطف سائق سيارة نقل بشكل مفاجئ قاطعًا الطريق أمام سيارة نقل أخرى، فينعطف سائق السيارة الثانية مبتعدًا، ليتفادى حادثًا مروريًا كان وقوعه وشيكًا.

مشهد وثقته كاميرا مراقبة لنجاة سائقين من حادث على طريق باب الهوى- سرمدا، وتناقله ناشطون وصفحات محلية في وسائل التواصل الاجتماعي، مرفقًا بدعوات إلى توخي الحذر واتباع قواعد المرور في أثناء قيادة المركبات.

في مشهد آخر تتشابه فيه ظروف المكان على خط سير دارة عزة- دير سمعان بريف حلب الغربي، طريق زراعي، ولا إشارات مرورية أو لوحات تحذيرية أو إرشادية، ينعطف سائق سيارة نقل أمام دراجة نارية كانت تسير خلفه على ذات الطريق، لكن النتيجة هذه المرة اصطدام السيارة بالدراجة وارتطام سائقها بالأرض.

تتكرر هذه المشاهد في مناطق الشمال الغربي السوري حتى صارت حدثًا يوميًا مع توثيق 70 حادثًا مروريًا خلال ثلاثة أسابيع ماضية، بمعدل نحو ثلاثة حوادث سير في اليوم الواحد.

في هذا الملف، تبحث عنب بلدي أسباب ارتفاع معدل الحوادث المرورية في الشمال السوري، وتناقش مع مسؤولين واقع المرور في تلك المناطق، والحلول والإجراءات المتاحة للحد من حوادث الطرق.

الأسباب عديدة

مسؤولية حوادث السير على عاتق المدنيين والسلطات معًا

تعرض أحمد غنايمي، من سكان مدينة اعزاز شمال غربي حلب، مع صديقه لحادث مفاجئ جرّاء انقلاب السيارة التي كانا يستقلانها ليلًا، إذ خرجا عن مسار الطريق بسبب عدم وجود شاخصات مرورية وإشارات تحذيرية تنذر بوجود منعطف قاسٍ لأخذ الحذر.

“خرجنا من الحادث بسلام وبأضرار بسيطة بلطف الله”، قال أحمد لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن العديد من حوادث السير في المنطقة الشمالية ناتجة عن قلة الاهتمام بجاهزية الطرقات بشكل جيد، ووجود الحفر الكبيرة في وسط الطرقات الرئيسة، وبسبب عدم وجود الشاخصات المرورية التي تساعد في تقليل الحوادث وتنظيم السير بشكل كبير.

لا ممرات خاصة للمشاة

علي حجازي، من سكان مدينة اعزاز أيضًا، اصطدم بأحد الأعمدة على جانب الطريق الواصل بين مدينتي عفرين واعزاز، وذلك نتيجة انعطافه بسرعة كبيرة ليتجنب دهس أحد المارة في أثناء قطع الطريق بشكل عشوائي.

“الطرق غير مجهزة بشكل جيّد، ولا توجد ممرات مخصصة للمشاة أو شاخصات مرورية، ولنقص هذه الخدمات الدور الأكبر في التسبب بالحوادث في مناطق شمالي سوريا”، بحسب ما قاله علي لعنب بلدي.

ولا توجد مخالفات مرورية للأشخاص الخارجين عن قوانين السير والذين يتسببون في الضرر وخلق حالة من العشوائية على الطرقات وداخل المدن، الأمر الذي يزيد من التهور وكثرة الحوادث، أضاف علي.

حركة السير والمواطنون في مدينة الباب، خلال الأجواء الرمضانية الماطرة- 24 من نيسان (عنب بلدي)

حركة السير والمواطنين في مدينة الباب، خلال الأجواء الرمضانية الماطرة- 24 من نيسان (عنب بلدي)

إدلب.. طرق خطرة وتهوّر سائقين

إلى الجنوب من اعزاز، في مدينة إدلب، كان أحمد العبدو تعرض لحادث سير خلال حزيران الحالي على أوتوستراد باب الهوى- مفرق معرة مصرين، خلال قيادته دراجة نارية.

يرى أحمد أن أي حادث سير يحصل في العالم هو بسبب ارتكاب خطأ من السائق، والأمر ليس محصورًا بالشمال السوري.

وقال أحمد لعنب بلدي، إن الطريق الذي كان يقود عليه دراجته النارية كان واسعًا ومعبّدًا، لكن الخطأ الذي ارتُكب كان من قِبل أحد المارّين حين أراد العبور إلى الطرف الآخر من الطريق دون الالتفات أو الأخذ بعين الاعتبار أحقية مرور أحد غيره.

“كانت سرعتي مقبولة، لكن أحد السائقين دخل بشكل عرضي ومُفاجئ ما جعلني أفقد السيطرة على دراجتي، وكانت الأضرار مادية أكثر من الجسدية، إذ بلغت تكلفة إصلاح الدراجة 32 دولارًا أمريكيًا”، حسب أحمد.

وأضاف أن قانون السير وُضع لحماية مستخدمي الطريق، وأي حادثة تحصل هي تعدٍّ على القوانين.

وعلى طريق سرمدا- حارِم بالقرب من قرية رأس الحصن، الذي يُعتبر من الطرق الخطرة جدًا، إذ يتخلله العديد من الحفر الخطرة لعابريه، تعرّضت الإعلامية راميا الأخرس لحادث بسيارتها، الشتاء الماضي.

وقالت راميا لعنب بلدي، إن الطريق يحتوي منحدرًا قاسيًا، ومع الانعطاف فقدت السيطرة على السيارة ما أدى إلى انقلابها عدّة مرات، وتسببت الحادثة برضوض في الأضلاع فقط بسبب وجود بالون الهواء الذي حماها من الحادثة.

كيف تقع الحوادث الطرقية؟

ترجع حوادث الطرقات التي تجري في شمال غربي سوريا إلى عدة أسباب، أبرزها غياب قانون السير في المنطقة، وغياب التنظيم المروري، بالإضافة إلى غياب الوعي وتهور السائقين الشباب، بحسب استطلاع رأي أجرته عنب بلدي مع مجموعة من سائقي سيارات الأجرة وسائقي سيارات خاصة، في كل من إدلب وريف حلب الشمالي.

عبدو قنطار، مالك سيارة خاصة، لا يمتلك رخصة على الرغم من أنه يقود منذ نحو عشر سنوات بعد أن علّمه والده القيادة على “سيارة قلاب” يعمل عليها، وذلك لعدم وجود جهة تمنح رخص القيادة في الشمال السوري.

يرى عبدو أن الاكتظاظ السكاني الموجود في الشمال من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حوادث السير، إذ يقيم نحو أربعة ملايين شخص في منطقة جغرافية ضيقة.

وقال لعنب بلدي، إن أي شخص في المنطقة الآن يستطيع شراء سيارة والقيادة دون الحصول على رخصة ودون معرفة قوانين القيادة.

وبحسب عبدو، فإن “تنمير” السيارات في الشمال إجراء غير كافٍ، إذ يجب فرض رخصة سير على كل الأشخاص الذين يقودون سيارات، ومنع الأطفال تحت سن 18 عامًا من القيادة.

وأوضح عبدو أن الأهالي في المنطقة الشمالية يقودون سياراتهم من دون رخصة، حتى إن معظمهم لم تكن لديهم أوراق ثبوتية للسيارة قبل العام الحالي.

محمود جاروخ من إدلب، وهو سائق سيارة أجرة، حصل على شهادة قيادة عمومية قبل نحو 15 عامًا، يرى أن قلة الوعي عند شباب الجيل الصاعد، وقلة الانتباه، وعدم وجود إشارات سير، وعدم وجود مطبات، بالإضافة إلى تقصير الجهات المسؤولة، من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث.

وتحدث محمد لعنب بلدي عن ضرورة وجود قانون سير وإشارات مرور في طرقات المنطقة، بالإضافة إلى وجود المطبات، ومنح شهادات القيادة وتنظيم دروس توعية للشباب.

ويؤيد محمد خضوع جميع من يود القيادة في الشمال السوري لتدريب، مشيرًا إلى أنه في حال إحداث مدرسة لتعليم القيادة سيخضع مجددًا للتدريب على الرغم من ممارسته القيادة لأكثر من 15 عامًا، للحد من وقوع الحوادث.

الشمال بحاجة إلى شبكة طرقية جديدة

تعتبر رداءة الطرقات التي تعرضت لقصف مكثف من قبل النظام وروسيا أحد أهم أسباب الحوادث في الشمال السوري، إلى جانب اكتظاظ المنطقة بالسكان، وبروز ظاهرة البناء دون تنظيم وتجمعات الخيم العشوائية، والسكن في الأراضي الزراعية، تجنبًا للقصف.

ومع سيطرة قوات النظام على مناطق مختلفة وقطع طرق رئيسة، لجأ الأهالي إلى سلك الطرقات الفرعية والجبلية، وهي طرقات غير مجهزة لعبور أنواع محددة من المركبات أو لتخديم أعداد كبيرة من المدنيين.

المهندس المدني العامل في المديرية العامة للخدمات في إدلب أحمد دعبول، أوضح، في حديث إلى عنب بلدي، أن بناء الطرق كبناء أي منشأة مدنية، يحتاج إلى مواصفات بناء وتكلفة قد تكون عالية، كما يحتاج إلى صيانة مستمرة، وحماية من التخريب والتعدي عليها.

لكن الوضع “المأساوي” للبنى التحتية في الشمال السوري وخاصة الطرق، يحتاج إلى كثير من إعادة الترميم أو الصيانة أو إعادة البناء كاملًا في كثير من المواقع، بحسب المهندس.

ويلزم حتمًا، وفقًا لدعبول، وصل المراكز السكنية الجديدة التي أُحدثت في الشمال السوري مع التجمعات الكبيرة الموجودة سابقًا لتخديمها، ولذلك يلزم بناء شبكة طرق جديدة لتأمين المطلوب.

أما النظام المروري في الشمال فيحتاج إلى شرطة مرور مدربة وتملك الصلاحيات، ونظام مروري يقيّد السائق ويعطي مواصفات العربة والشاحنة ومقدار الحمولات المسموح بسيرها على الطرقات، ويضع الضوابط لكل قضية مرورية، بحسب دعبول.

تنظيم حركة السير في شوارع إدلب – كانون الثاني 2020 (عنب بلدي)

الدراجات النارية.. انتشار أكبر وخطر أعلى

يختلف مستوى الخطورة واحتمالية إلحاق الأذى في الحوادث المرورية بحسب وسيلة النقل، إذ تسبب الدراجات النارية مستوى أعلى من الضرر الجسدي عن ذاك الذي تحدثه السيارات، كون الجسم مكشوفًا ككل في الدراجة النارية، إضافة إلى سهولة اختلال التوازن في أثناء القيادة، باعتبار أن الدراجات النارية تعتمد على عجلتين لا أربع كما في السيارات.

ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته عنب بلدي في الشمال السوري، أكد الأهالي أن المسؤولية في الحوادث المرورية تقع على عاتق الأهالي الذين يسمحون لأبنائهم بقيادة الدرجات النارية في سن مبكرة.

كما أوضح الأهالي أن قيادة الأطفال للسيارات والدراجات النارية في الطرقات الرئيسة والفرعية بسرعة عالية تسهم في وقوع الحوادث وربما تحقيق إصابة للسائق أو المشاة في الطريق.

وأشاروا إلى السلوكيات المتهورة التي يتبعها بعض سائقي الدراجات والسيارات كـ”التشبيب” للدراجات النارية، وهو قيادة الدراجة النارية على العجلة الخلفية فقط، و”التشفيط”، وهو مصطلح شعبي يعبر عن السرعة الشديدة ثم محاولة التوقف المفاجئ، بغرض الاستعراض.

ودعا المشاركون في الاستطلاع إلى تطبيق قانون سير صارم يمنع الأطفال دون 18 عامًا من القيادة، ويمنع أيضًا القيادة دون وجود رخصة، مع الإشارة إلى ضرورة وجود مدارس لتعليم القيادة، و”تنمير” الدراجات النارية لمعرفة هوية مالكها في حال ارتكاب مخالفات أو وقوع حادث.

وأسهم انخفاض أسعار الدراجات النارية التي يمكن شراؤها أحيانًا بمبلغ 200 دولار أمريكي في انتشارها بشكل كبير في الشمال السوري الذي يعيش فيه نحو أربعة ملايين سوري، ضمن نطاق جغرافي ضيّق، ما يرفع الكثافة السكانية ويزيد احتمالية وقوع خسائر بشرية أكبر في حال وقوع الحوادث المرورية ضمن الأحياء المأهولة أو الأسواق التجارية.

أحد أفراد الأمن التابع للمجلس المحلي في مدينة الباب بريف حلب الشمالي وهو يراقب السير في المدينة- أيلول 2020 (عنب بلدي)

قانون السير غير مُفعّل

ما دور السلطات المحلية في تنظيم المرور؟

تعد الضابطة العدلية بمن في ذلك ضباط وأفراد قوى الأمن الداخلي في سوريا الجهة المسؤولة عن تنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين لقواعد السير والمرور، وذلك بموجب قانون السير والمركبات رقم “31” لعام 2004.

ينظم قانون السير السوري آلية السير على الطرقات والشروط الفنية التي تتعلق بتجهيز المركبات وفحوصها وقواعد التسجيل ورخص السير وإجازات قيادة المركبات وواجبات السائق، بالإضافة إلى العديد من الأحكام الأخرى المتعلقة بقواعد المرور والمركبات.

لكن بنود هذا القانون لا تُطبّق في كامل مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا، بسبب عدم وضوح القوانين التي تعتمدها حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، واعتماد مناطق ريف حلب الخاضعة لنفوذ “الحكومة السورية المؤقتة” على النموذج التركي في المرور والقيادة، مع عدم وجود نُظم رادعة توحد بمقتضاها سير المركبات والنقل في المنطقة.

“الإنقاذ” تتبرأ من المسؤولية وتلوم الشباب

للوقوف على دور حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب بتطبيق قوانين المرور وتنظيم آلية منح رخص القيادة وتغريم المخالفين، تواصلت عنب بلدي مع مدير المكتب الإعلامي للحكومة، ملهم الأحمد، وقال إن الحكومة تعتذر عن عدم التصريح.

وكان رئيس فرع مرور إدلب، محمد الخضر، اعتبر أن مسؤولية التسبب بالحوادث تقع على عاتق فئة الشباب، خلال مقابلة سابقة في حلقة لبرنامج “شو مشكلتك” الذي تعرضه عنب بلدي عبر منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، بعنوان “حوادث مرور متكررة في ريف إدلب.. ما أسبابها؟”.

إذ إن 90% من الشباب لا يعلمون قواعد السير وأصول القيادة، بحسب الخضر، ويُلاحَظ أن السائقين من هذا الصنف يقومون بالتجاوز من جهة اليمين دون إعطاء إشارات الأمان بين الآليات، إضافة إلى السرعة الزائدة.

ومن أسباب وقوع حوادث السير، بحسب الخضر، الحصار والكثافة السكانية في المنطقة، نتيجة التهجير القسري الذي قام به النظام السوري، وأغلب السكان لديهم آليات من دراجات وسيارات.

وتحدث رئيس فرع المرور عن وجود قانون سير صدر عن حكومة “الإنقاذ”، تُطبق أغلب المخالفات الواردة فيه حسب الأماكن الموجودة في الشمال السوري، وهو أمر نفاه أهالٍ التقت بهم عنب بلدي، مشيرين إلى أنه لا قانون ينظم السير في الشمال والمخالفات “شكلية”.

وأوضح الخضر أن الحكومة تراقب الطرقات عبر نشر الدوريات في المدينة وخارجها، و”تقمع” بعض مظاهر المخالفات الخطرة مثل “التشبيب” بالدراجات النارية والقيادة الرعناء والسرعة الزائدة، وعدم استعمال الأنوار وتعطلها على الطرق الرئيسة.

والأمر الذي يعوق تنظيم المرور، بحسب الخضر، هو ضيق الشوارع في “المحرر” وعدم تأهيلها مسبقًا للكم الهائل من عدد السكان والآليات في الشمال.

دعوات سابقة إلى “تنمير” المركبات

خلال السنوات الماضية، دعت حكومة “الإنقاذ” مالكي المركبات الآلية إلى تسجيل مركباتهم لدى المديرية العامة للنقل أو أحد فروعها، “حفاظًا على ممتلكاتهم، وعونًا للأجهزة الحكومية في رفع المستوى الأمني وتنظيم حركة السير في المحرر”.

ولعملية تسجيل المركبة واستخراج لوحة تعريفية لها (نمرة) عدة مراحل، إذ تمر بمرحلة معاينة الآلية وتحديد نوعها واسمها التجاري وتسجيل رقم “الشاسيه” على إضبارة خاصة بالمركبة، ومن ثم استخراج دفتر خاص بها، قبل إعطاء المركبة رقمًا تسلسليًا جديدًا يثبّت على المركبة بلوحة معدنية صادرة من مديرية النقل في مدينة إدلب.

وذلك لأن معظم السيارات التي وصلت إلى الأراضي السورية، عبر الحدود التركية، والموجودة في شوارع الشمال السوري، غير مرتبطة بأي عقود أو أوراق رسمية، ويُستعاض عن الأوراق بعقود بيع تُثبت بشهادة شاهدين، لكن يسهل تزويرها.

إجراءات سابقة

في آذار الماضي، بدأت عدة جهات في مدينة إدلب حملة لتأهيل الدوّارات في المحافظة، مع إعلان حكومة “الإنقاذ” ترميم وإعادة هيكلة الدوّارات في المدينة مثل دوّار “السبع بحرات”، ودوّار “المفتاح” مع ترميمه، ودوّار “الجامع سعد”، في خطوة للحد من حوادث السير.

وتحاول وزارة الداخلية في “الإنقاذ” إنشاء وحدات شرطية مرورية جديدة، كمركز شرطة مرور سرمدا ومخفر مرور سلقين ومفرزة مرور حزانو، شمالي إدلب.

وفي نيسان الماضي، وضع المجلس المحلي في مدينة إدلب مطبًا مسماريًا في منطقة مزودة بإنارة ليلية، لتخفيف عرقلة السير عند تقاطع مستشفى “الأورينت”، في خطوة اعتبرها سكان من المدينة تخفيفًا للمشكلة لكن لا تحلها جذريًا.

وكان رئيس فرع المرور في إدلب، الرائد أحمد فواز الحموي، قال، في كانون الثاني 2020، إن فرع مرور إدلب يتألف من أربعة أقسام أساسية، والقسم الرئيس هو العمليات، ويعتبر العمود الفقري للفرع، ويضم ثلثي العناصر، ودوره تنظيم حركة السير وضبط المخالفات المشاهَدة.

ويبلغ عدد عناصر فرع المرور نحو 100 عنصر، موزعين على عدة أقسام، ولكل منها مهمة خاصة، وأغلب عناصر الفرع هم شرطة منشقون عن النظام السوري، ويُستفاد من خبراتهم حسب اختصاصهم، وفق الحموي.

ماذا عن مناطق ريف حلب؟

يتركز دور السلطات المحلية في ريف حلب الخاضع لسيطرة المعارضة السورية في مجال المرور على مشاريع لترخيص وتركيب اللوحات التعريفية للمركبات، بالإضافة إلى دورات لتعليم قيادتها، ترتبط بمديريات التربية والتعليم في المنطقة، وليس بإدارات النقل، تُمنح بعدها رخص القيادة، في نظام مشابه لنظام منح رخص القيادة المُتبع في تركيا.

وتنطبق الآلية ذاتها على مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” التي تحظى بدعم تركي لخدمات المنطقة عبر المجالس المحلية في المدن وأريافها.

ويعتمد تسجيل المركبات على الهويات الشخصية الممنوحة من قبل المجالس المحلية في المنطقة، كما تتطلب دورات القيادة صورة عن الهوية وسند إقامة من “أمانة السجل المدني”، وتقرير طبي وصور شخصية، بالإضافة إلى وثيقة إتمام المرحلة الابتدائية أو وثيقة محو أمية.

وتنظم المجالس المحلية رخص قيادة عن ثلاث فئات هي: فئة “أ” للدراجات النارية، وفئة “ب” للسيارات السياحية، وفئة “ج” للمركبات المتوسطة والكبيرة، وتبلغ رسوم دورة القيادة 50 ليرة تركية للدراجة النارية، و100 ليرة تركية للسيارة السياحية، و150 ليرة تركية للمركبات الكبيرة.

رئيس فرع المرور بمدينة الباب شمال شرقي حلب، الملازم أول أنس الشرقاط، أوضح في حديث إلى عنب بلدي، أن فرع المرور بدأ بتطبيق قانون السير منذ ستة أشهر تقريبًا، ويعني ذلك البدء بتطبيق المخالفات المرورية، من ضمنها القيادة تحت السن القانونية.

وبحسب ما قاله، لا يوجد تقصير في الإجراءات للحد من حوادث الطرقات، ولكن العمل بقسم المرور بدأ منذ سنة ونصف تقريبًا، ويعمل القسم ونعمل على وضع إشارات مرورية في الطرقات.

وتحدث عن زيارة أجراها الفرع إلى بعض المدارس، نبهوا من خلالها الأطفال والشباب إلى عدم قطع الشارع حتى يتأكدوا من خلوه من السيارات والدراجات، كما نوّهوا إلى ضرورة السير على الأرصفة.

كما تحدث الشرقاط عن زيارة لمسؤولين أتراك وجولة لهم في المدينة لتنظيم الطرقات ووضع إشارات مرورية في المستقبل.

وأشار الملازم أول إلى عدم وجود مدارس لتعليم القيادة في المنطقة، لكن تحدث عن وجود امتحان لرخصة القيادة، يخضع المتدرب قبله لدورة مدتها شهر تقريبًا، يُعطى من خلالها دروسًا في ميكانيك السيارة والتمريض والإشارات المرورية، ثم يخضع لفحص نظري وعملي ومن ينجح بالامتحان يُعطى شهادة القيادة.

حركة المرور حول دوار “السنتر” في مدينة الباب 26 من أيار 2020 (عنب بلدي)

“الدفاع المدني” يبادر.. جهود في التوعية وإصلاح الطرقات

بحسب إحصائيات حصلت عليها عنب بلدي من “الدفاع المدني السوري”، أدت الحوادث المرورية منذ بداية العام الحالي إلى مقتل أكثر من 27 شخصًا خلال نحو 600 حادث سير في شمال غربي سوريا.

وبسبب هذه الحوادث، أُسعف أكثر من 650 شخصًا من بينهم أكثر من 100 طفل وطفلة تحت سن الـ14.

وذكر فريق “الدفاع المدني السوري” أن 70 حادثًا من تلك الحوادث المرورية حصلت خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من أيار الماضي.

وفي وقت سابق، بيّن الفريق أن عدد الحوادث منذ بداية العام الحالي وحتى 3 من أيار الماضي، تجاوز 370 حادثًا، وتسببت بمقتل 14 شخصًا، وإسعاف أكثر من 390 إلى المستشفيات والمراكز الطبية.

وبالنظر إلى الإحصائيات الصادرة عن الجهة نفسها خلال عام 2020، يُلاحَظ ارتفاع واضح في أعداد الحوادث، وأعداد الضحايا التي خلفتها أخطاء القيادة على الطرقات الرئيسة والفرعية، خلال العام الحالي.

وأدت الحوادث المرورية عام 2020 إلى مقتل نحو 35 شخصًا، خلال أكثر من ألف و76 حادثًا جرى تسجيلها العام الماضي، بمعدل ثلاثة حوادث يوميًا في مناطق سيطرة فصائل المعارضة شمالي سوريا.

وحول وجود حملات توعيه بمخاطر القيادة المتهورة، للحد من وقوع الحوادث المرورية التي تودي بأرواح المدنيين والسائقين أحيانًا، أوضح مكتب فريق “الدفاع المدني السوري” لعنب بلدي، أن هناك محاولات للتعامل مع هذه القضية والحد من الحوادث عبر التوعية المباشرة ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى اتخاذ إجراءات على الأرض ضمن الإمكانات المتاحة.

وتتجلى الخطوات العملية لجهود الفريق في صيانة الطرقات وتخطيط بعضها، وإصلاح بعض اللوحات الطرقية أيضًا، مع الإشارة إلى تركيز الجهود بشكل كبير خلال فترة سوء الأحوال الجوية (ضباب وصقيع ووحل على الطرقات)، حيث تُنشر الفرق على الطرقات الرئيسة الخطرة لتنبيه المدنيين والتعامل مع أي حالة طارئة.

وحول النتائج الملموسة لهذه الجهود، أوضح “الدفاع المدني السوري” أن الاستجابة لا تزال خجولة وضعيفة، لكن المدنيين بدؤوا يتلمسون أخطار القيادة بظروف وأساليب غير مناسبة، ما يسبب خسائر في الأرواح وإصابات مباشرة.

وبيّن الفريق أن الحد من الحوادث عملية متكاملة تبدأ من السائقين والمدنيين والتزامهم بإجراءات السلامة وقوانين المرور، ثم يأتي دور المجتمع بضبط ظاهرة السرعة الزائدة، وعدم السماح بقيادة الأطفال للسيارات والدراجات، بالإضافة إلى جودة الطرق وتأهيلها.

وشدد فريق “الدفاع المدني السوري” على ضرورة تجنب السائقين السرعة الزائدة، والحذر الشديد خلال القيادة، خاصة في الطرقات التي تكثر بها المنعطفات والتقاطعات والعقد المزدحمة، للحفاظ على سلامتهم وسلامة الناس، كما ذكّر الأهالي بضرورة منع أطفالهم من قيادة الدراجات النارية، وتعليمهم قواعد المرور والسير في الطرقات وتفرعاتها.

مقالات متعلقة