موجة حر “تُخرج العقارب من جحورها” بريف القامشلي.. الأهالي متوجسون

عقرب (غيتي)

camera iconعقرب (غيتي)

tag icon ع ع ع

قُبيل غروب الشمس، يخرج صلاح الرمو (49 عامًا) مع عائلته للجلوس أمام منزلهم، فوق مسطبة طينية مرتفعة قليلًا عن الأرض، ليتجنبوا العقارب والزواحف السامة، في إحدى القرى النائية بريف القامشلي الجنوبي، أو ما تعرف بقرى منطقة جنوب الرد، حيث لا كهرباء إلا ساعة واحدة كل 24 ساعة.

يقوم صلاح من مكان جلوسه مرتين في الساعة تقريبًا، وعلى ضوء هاتفه الجوال ينفذ “دورية” حول المنزل للبحث عن العقارب والأفاعي التي قد تظهر فجأة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مسببة الرعب في نفوس أطفاله.

“حصاد العقارب”

“في ليلة واحدة قتلتُ عشرة عقارب متجمعة مع بعضها، على بعد عدة أمتار من منزلي”، يقول صلاح لعنب بلدي، متسائلًا عما كان سيحصل إذا دخلت هذه المجموعة البيت.

وبخبرته، يعرف صلاح أن ارتفاع درجات الحرارة يجبر العقارب والأفاعي على الخروج من أوكارها، “خصوصًا إذا كانت مصحوبة برياح شرقية جافة”، وهو الطقس السائد حاليًا في المنطقة.

كما تعرف أنواع العقارب المتدرجة اللون بين الأسود والبني والأصفر، وهذا الأخير هو “الأكثر خطورة”، على حد وصفه.

وتعيش المنطقة موجة من ارتفاع درجات الحرارة منذ عدة أسابيع، يُتوقع لها أن تستمر طوال شهر آب الحالي.

لا يجد سكان الريف الجنوبي لمدينة القامشلي حلًا لمشكلة انتشار الزواحف السامة بكثرة خلال الصيف الحالي، ويضطرون للجوء إلى عدة أساليب وقائية تقليدية منها ما يفعله صلاح، كالجلوس مع عائلته على مكان مرتفع.

واتخذ بعض الأهالي من أسطح منازلهم، إذا كانت مبنية من الطوب (البلوك)، مكانًا للسهر والنوم أيضًا، حيث يصعب على العقارب الصعود، كما يقومون بالبحث عنها وقتلها قبل أن تصل إليهم، وهي طريقة يطلق الأهالي عليها اسم “حصاد العقارب”، التي تكون أكثر انتشارًا من الأفاعي.

وحسبما رصدت عنب بلدي وأكده سكان المنطقة، لا يوجد أي مركز صحي أو نقطة طبية قريبة للتعامل مع حالات اللدغات، ما يجبر الأهالي على نقل الملدوغ حصرًا إلى مراكز المدن كالقامشلي والحسكة والشدادي لتلقي المصل المضاد للسم.

ويزيد من صعوبة الموقف بعد المسافة، فقد تستغرق رحلة نقل المصاب نحو ساعة وربما أكثر في حال وجود حواجز عسكرية “غير متعاونة”، ويزداد الوضع سوءًا إذا تعرض أحدهم للدغ بعد منتصف الليل، إذ يصعب نقله وإسعافه خوفًا من الوضع الأمني المتردي في المنطقة.

مبيدات لمكافحة العقارب

وكانت “بلدية الشعب” في القامشلي، التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا وزعت، في 18 من تموز الماضي، الدفعة الأولى من مبيدات العقارب، وبلغت 300 ليتر.

وقالت الإدارية بقسم الحدائق في البلدية وفاء حسن، إن الكمية مخصصة لمدينة القامشلي وقريتي كرباوي والتنورية وبلدة هيمو ومنطقة أم الفرسان شرقي المدينة، بحسب ما نقلته إذاعة “ARTA FM”.

وأضافت أن كل عائلة يمكنها الحصول على كمية من المبيد، تتراوح بين عشرة و20 سنتيمترًا حسب مساحة كل منزل.

الحذر أولًا

عيدو العباوي (40 عامًا) ممرض من ريف القامشلي الجنوبي، قال لعنب بلدي، إن مشكلة زيادة اللدغات في فصل الصيف قديمة في المنطقة، ولا توجد أي جهة تؤمّن نقطة طبية للتعامل مع هذه الحالات.

وينصح الممرض الأهالي بـ”الحذر الشديد، خصوصًا عند ارتداء الملابس وتبديلها”، فعادة يضع بعض أهالي الريف ملابسهم معلقة على الحائط، ما يسهل على العقارب الاختباء فيها، وبمجرد لبسها “يلدغ فورًا”

كذلك الأمر بالنسبة لفرش وأغطية النوم، إذ يجب “فتحها وفحصها قبل النوم فيها”، بحسب الممرض، فالكثيرون يتعرضون للدغ وهم نائمون، إذ يكون العقرب مختبئًا بين طيات أغطية النوم.

ونوه الممرض إلى وجوب الحذر عند رفع أي شيء مرمي على الأرض، كالصخور والأواني وغيرها، فمن المتوقع وجود عقارب أو أفاعٍ تحتها.

وعن كيفية التعامل مع الملدوغ قال العباوي، إن من المهم التعامل بهدوء مع الموقف وإجراء بعض الإسعافات الأولية، كتعقيم مكان اللدغ بالكحول، ووضع ثلج إذا كان متوفرًا لخفض حرارة العضو المصاب، ومنع المصاب من الحركة الزائدة والعمل على تهدئته، “ولا بأس من إعطاء الملدوغ مسكنًا” إلى حين نقله إلى أقرب مركز صحي.

ويعتبر الأطفال هم الأكثر عرضة للدغ، لكثرة لعبهم بكل ما يصادفونه أمامهم، كما يسير بعضهم حافي القدمين.

وأوضح الممرض أن الأمصال متوفرة في بعض الصيدليات لكنها غالية الثمن، ويصل سعر المصل إلى نحو 15 ألف ليرة سورية، كما أن مصادر البعض منها مجهول، وفعاليتها قليلة.

والأمصال المرخصة محصورة في مستشفى “القامشلي الوطني”، ومركز “اللؤلؤة الصحي” في الحسكة الواقع تحت سيطرة النظام السوري، لذلك يخشى أغلب الأهالي من الذهاب إلى المستشفى خوفًا من تعرضهم للاعتقال.

ويوجد في سوريا مركز وحيد لإنتاج الأمصال المضادة لسم العقارب والأفاعي، وهو معهد “بحوث الصناعات الصيدلانية والكيميائية” في مركز “الدراسات والبحوث العلمية” بدمشق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة