صيدلية داريا المركزية تحاول تغطية حاجات المحاصرين وتصنّع أدويتهم يدويًا

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – داريا

انتشار عدة أمراض على شكل موجات تصيب نسبة كبيرة من سكان المدينة، البالغ عددهم اليوم قرابة 10 آلاف، مثل الإنفلونزا والتهاب القصبات والتهاب الأمعاء الناتج عن تناول الأغذية منتهية الصلاحية، إلى جانب حالة الوهن العام التي تصيب كثيرًا من الأهالي بسبب سوء التغذية، أسباب زادت الحاجة إلى الدواء بشكل كبير وسط جهود تحاول تأمينها.

أبو القاسم، طبيب في الصيدلية المركزية، يقول إنها أنشئت بعد مرور أشهر على الحملة التي شنتها قوات الأسد على المدينة في تشرين الثاني 2012، بسبب الحاجة الماسة للأدوية وإغلاق معظم الصيدليات التي كانت موجودة في المدينة ونزوح أصحابها.

افتتحت الصيدلية بالاشتراك مع صديق أبي القاسم، وسام أبو أحمد، بقليل من التبرعات من جهات غير رسمية، واختير مكانها بعيدًا عن المشفى الميداني بحيث تغطي قسمًا أكبر من المدينة، واشترى الفريق مخزون الصيدليات الأخرى مع محاولة إدخال بعض الأدوية الضرورية من الخارج عن طريق التهريب، عبر الحواجز رغم صعوبة الأمر وندرة نجاحه.

ويوضح أبو القاسم أن الصيدلية تقدم الدواء مجانًا لكافة السكان من مدنيين وعسكريين، بالإضافة إلى التواصل مع شبكة استشارية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، تضم أطباء من كافة الاختصاصات غير الموجودة في المدينة مثل الجلدية، لتقديم التشخيص المناسب للمريض مع الدواء اللازم له.

وينشط الفريق بشكل إضافي خارج أوقات الدوام في الصيدلية، إذ يتفقد أبو القاسم المقاتلين على عدة جبهات وبشكل شبه يومي، وهو يحمل بعض الأدوية الأساسية مثل أدوية الالتهاب والمسكن ومضاد الإنفلونزا، ويقدم الدواء لهم بشكل مباشر، لأن كثيرًا من المقاتلين لا يستطيعون ترك جبهاتهم نظرًا للتوتر الذي تشهده والاشتباكات المستمرة.

كما يقوم الفريق على متابعة بعض المصابين في منازلهم بشكل دوري، خصوصًا من يعاني من إصابات مزمنة والتي يطول علاجها أو ممن تعرضوا لشلل جزئي أو كلي.

الصيدلاني وسام أبو أحمد يقول إن نشاط الصيدلية لا يتوقف على تقديم الدواء فحسب، بل تصنع عدة أنواع من المراهم بطرق يدوية للعديد من الأمراض الجلدية مثل الجرب والأكزيما والفطريات، والتي تنتشر بسرعة بسبب غياب أدوات النظافة وانقطاع شبكة المياه بشكل كلي إضافة للتلوث الناجم عن القصف وعوادم إحراق البلاستيك لتحويله إلى محروقات.

ويعقب وسام على المراهم المصنعة، اعتمادًا على نشرات ومراجع طبية واستشاراتٍ لأطباء وصيادلة مختصين بالقول “لقد أظهرت فعاليةً ونجاحًا كبيرًا”.

العمل كمسعفين وتقديم الطبابة للجبهات، من أبرز ما تقوم به الصيدلية  أثناء اندلاع المعارك، وفق وسام، الذي يضيف “نقدّم الإسعافات الأولية للمصابين وقد تكون كفيلة بإنقاذ حياتهم أحيانًا”.

من جهة أخرى، يشكل الحصار المطبق وقلة الدعم أهم الصعوبات التي تواجه الصيدلية المركزية، فقد اضطرت لشراء أدوية بأسعار وصفها وسام بالـ “فاشحة”، إذ تصل إلى 10 أضعاف ما تباع عليه  في العاصمة دمشق والتي لا تبعد سوى ثلاثة كيلومترات.

وتعاني الصيدلية أيضًا من نفاد العديد من الأدوية الأساسية كأدوية الأطفال، بينما توقفت عن توزيع حليب الأطفال والفُوَط بسبب عدم القدرة على تأمينها، إذ لا يكفي الدعم الذي تتلقاه من جهات غير رسمية إلا جزءًا صغيرًا من تكاليفها.

ويعاني الواقع الطبي في المدينة بشكل عامٍ من غياب الخبرات والاختصاصيين في مجالاتهم بعد تهجير معظم سكانها، لكنّ العاملين في المشفى الميداني والصيدلية يحاولون تعلّم طرق الجراحة والطبابة والإسعاف بشكلٍ علمي مستفيدين ممن بقي من الأطباء أو بالتواصل مع غيرهم خارج المدينة، وقد استطاعوا تقديم خدماتٍ كبيرة رغم قلة الإمكانات.

حصار طال أمده يمنع إدخال المواد الغذائية والأدوية إلى داريا، وقصف متواصل تتعرض له المدينة منذ قرابة الثلاث سنوات، عاملان أثرا سلبًا على الوضع الطبي في المدينة وولّدا ضغطًا إضافيًا على صيدلية داريا المركزية والمشفى الميداني خصوصًا وأن المدينة تحوي عشرات المصابين جراء المعارك والقصف.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة