ارتفاع كلف التدفئة يخنق سكان في مدينة إدلب

camera iconمهجرون سوريون يشعلون نار للتدفئة في منطقة سرجبلة الأثرية في ريف إدلب الشمالي- 22 كانون الثاني 2022 (عنب بلدي / إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

أسعف محمد الحلبي طفلتيه البالغتين ثلاثة أعوام إلى مستشفى “ابن سينا للأطفال” في مدينة إدلب (شمال غربي سوريا)، حيث أجرى الكادر الطبي جلسات رذاذ وتنفس لهما، بعدما شارفتا على الموت بسبب صعوبة في التنفس.

بحسب ما قاله محمد الحلبي، الذي يقيم في مدينة إدلب لعنب بلدي، فإن الدخان الكثيف المنبعث من المدفئة في منزل عائلته أدى إلى مشكلات تنفسية للطفلتين وبقية أفراد العائلة.

التدفئة بالفحم أو الحطب بلا تهوية في الغرف المنزلية قد تكون مهلكة، وقد يتسبب عطل في بعض أجهزة التدفئة في انطلاق غازات سامة، مهددًا حياة ساكني المنازل.

هذا التحدي تواجهه عائلة محمد الحلبي (31 عامًا) العامل في مجال البناء، التي تعاني صعوبة توفير مواد التدفئة المناسبة، فـ”مَن لم يشترِ كميات كافية في بداية الشتاء لا يستطيع اليوم إيجاد مواد تدفئة جيدة لاستعمالها”، لأن المواد المتوافرة في الأسواق منذ بداية آذار الحالي “رطبة وغير جافة، وبالتالي لا تحترق بالشكل المطلوب وتبعث الكثير من الغازات السامة”.

تتزايد الأوضاع المعيشية ترديًا بمدينة إدلب، وبالتزامن مع ارتفاع الأسعار، يلجأ بعض السكان إلى حرق مواد مختلفة، مثل تفل الزيتون وبقايا المواد القابلة للاشتعال المضرة بالصحة كمادة أساسية للتدفئة، نظرًا لتدني سعرها مقابل مادة المازوت.

استغلال التجار

شهد مناطق شمال غربي سوريا، للمرة الثانية منذ مطلع 2022، عاصفة ثلجية أسفرت عن تضرر 22 مخيمًا.

وبحسب تقرير صادر عن فريق “منسقو استجابة سوريا”، 13 من آذار، تضرر 13 مخيمًا جديدًا إلى جانب تسع مخيمات متضررة سابقًا وتضررت من جديد، جراء العاصفة الثلجية على مناطق شمال غربي سوريا.

من جهته قال “فريق الدفاع المدني” إن الهطولات الثلجية أسفرت عن إغلاق العديد من الطرقات في ريفي حلب وإدلب، معلنًا استمرار العمل على فتح الطرقات من قبل فرقه.

الانخفاض الشديد بدرجات الحرارة التي ضربت ميدنة إدلب خلال الأسبوع الحالي أدت إلى زيادة الطلب على مواد التدفئة، ما جعل التجار يرفعون أسعار هذه المواد.

قال محمد المحمود (40 عامًا)، وهو أحد سكان مدينة إدلب، لعنب بلدي، إن أسعار مواد التدفئة شهدت ارتفاعًا مع انخفاض درجات الحرارة منذ بداية آذار الحالي، أدى ذلك إلى عدم قدرة العائلات من شراء كميات كافية لتقيهم انخفاض درجات الحرارة، وسعى بعض الأفراد لشراء كميات أقل من السابق لاستخدامها في فترات البرد الشديد فقط.

ارتفاع أسعار مواد التدفئة في المدينة برره صاحب محل التدفئة المنزلية بإدلب أحمد البكر (32 عامًا) بأنه بسبب “الطلب الكثيف عليها، وغياب السلع الجيدة من السوق، فرفع بعض التجار بضاعتهم التي خزنوها لمثل هذه الأيام”.

وفي مطلع آذار الحالي، حددت شركة المحروقات “وتد” العاملة في إدلب أسعار المحروقات بالدولار الأمريكي، بعد عدة انخفاضات شهدتها الليرة التركية قبل أشهر، أدت إلى حدوث الكثير من التقلبات في أسعار المحروقات.

ووصل سعر ليتر البنزين”مستورد أول” إلى 994 سنتًا، وليتر المازوت “مستورد أول” إلى 970 سنتًا، وسعر أسطوانة الغاز إلى 12 دولارًا و630 سنتًا.

في حين يحتاج عامل المياومة في إدلب إلى 65 يومًا لكسب التكلفة الشهرية من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية، بحسب تقارير مبادرة “REACH” الإنسانية.

وتعتمد 85% من عائلات المناطق في شمال غربي سوريا في دخلها المادي على الأجور اليومية، ويعاني 94% من العائلات من عدم القدرة الشرائية للوصول إلى تأمين الاحتياجات الأساسية.

ومن إجمالي عدد السكان البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة في المدينة، يقدر أن حوالي 2.7 مليون نازح يعتبرون أشخاصًا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، بحسب تقارير مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR).

أضرار صحية

تشمل علامات وأعراض التسمم بسبب التدفئة المضرة بالصحة ضيق النفس، والصداع والدوار، وفقدان الوعي، وألم في الصدر لدى من يعاني من أمراض القلب.

وبحسب ما قاله الطبيب العام المقيم في إدلب معتز البكور لعنب بلدي، فإن الإصابة بالتسمم بغاز التدفئة، مثل غاز أول أكسيد الكربون تعد إصابة خطيرة، تحديدًا مع الأشخاص النائمين، قد يُصاب الأشخاص بتلف مزمن في الدماغ، أو ربما يموتون قبل أن يدرك أي شخص أن مشكلة ما قد حدثت.

ومن المهم ضبط أجهزة الغاز في التدفئة المنزلية بشكل دائم، والانتباه لوجود تهوية مناسبة من وقت لآخر، بحسب ما أوصى به الطبيب، ويجب التأكد من صيانة معدات الاحتراق وتعديلها بشكل صحيح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة