تعا تفرج

لو بقي عباس النوري ساكتًا

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

لا تقبل المعارضة السورية بآراء مثقف لم يغادر سوريا، سواء أكانت هذه الآراء مهمة ومفيدة، أو سخيفة وتشبيحية. عن عباس النوري أتحدث.

عباس، بالمناسبة، ممثل نجم، والممثل النجم تعريفًا هو الذي يُعطى، في فيلم، أو مسلسل طويل، دور البطولة، إما منفردًا وإما بصحبة نجوم آخرين، وهؤلاء في سوريا قلة: دريد لحام، أيمن زيدان، جمال سليمان، ياسر العظمة، بسام كوسا، باسم ياخور، عابد فهد، فارس الحلو، قصي خولي… ومن السيدات منى واصف، أمل عرفة، كاريس بشار، سلافة معمار، نسرين طافش… (ومؤكد أنني نسيت بعض الأسماء).

عُرف عباس النوري بثقافته المستنيرة، وأذكر أنه، قبيل الثورة بقليل، كان يعمل على إعداد برنامج إذاعي يتضمّن فقرات تحمل هذا التوجه، ولا يمكن لنا أن ننسى تصريحاته القريبة عن صلاح الدين الأيوبي، قائلًا إنه لم يحرر القدس، بل دخلها صلحًا، وضمن الشروط الصليبية، وأنه تزوج خاتون زوجة نور الدين بعدما قتله. وقامت الدنيا عليه يومئذ، من “البعثيين” و”الناصريين” و”الإخوان المسلمين”، مع العلم أن الأديب والباحث المصري يوسف زيدان يقدم، عن صلاح الدين والقدس، في ندواته المتوفرة على “يوتيوب”، معلومات أكثر إغاظة، حتى إنه قال، في ندوة أُقيمت له في أربيل، إن صلاح الدين ليس كرديًا، بل تركي، وإننا عرفنا تاريخ القدس من خلال فيلم سينمائي قام ببطولته أحمد مظهر! ولكن هذه المدينة، بحسب يوسف زيدان، اسمها أورشليم، وكان اليهود يسمونها “بيت مقداش”، وعندما بُنيت فيها كنيسة “القيامة”، أصبح اسمها إيلياء، وعندما حاصرتها جيوش المسلمين، رفض القيّم عليها تسليمها إلا إذا حضر عمر بن الخطاب، شخصيًا، فحضر، ووقّعوا معه عهدة تنص على احترام عقيدة أهل المدينة، فوقّع عمر العهدة التي عُرفت باسم “العهدة العمرية”، وفيها يتكرر اسم المدينة ست مرات، إيلياء، وفي أيام الوليد بن عبد الملك، أو ربما في أيام عبد الملك بن مروان، بعد حوالي 70 سنة من الهجرة، بُنيت فيها قبة الصخرة، وحملت من يومها اسم بيت المقدس، ثم القدس.

تطرّق عباس النوري، في مقابلته الأخيرة، إلى أفكار كثيرة، منها سؤال لم يسأله أحد من الموالين لحكم بشار الأسد، أو الساكتين خوفًا من بطش المخابرات، وهو: لماذا أُعطيت أموال البنك المركزي لرفعت الأسد سنة 1984 مقابل أن يخرج من سوريا؟ هو لم يقلها بهذا الوضوح طبعًا، وكان يضمر سؤالًا عن سبب إيواء ذلك المجرم رفعت في سوريا بعدما لفظته فرنسا، وفكرة أخرى، أكثر أهمية من سابقتها، وهي عدم جواز مقارنة الحرية في البلاد التي يحكمها العسكر، (تحديدًا سوريا الأسد وعراق صدام)، بالحرية الموجودة في باقي الدول العربية، دول الخليج العربي على سبيل المثال.

هذا كلام صحيح، بالطبع، ومهم، لأنه يصدر عن مثقف مقيم في سوريا، وبالنسبة إلى الذكاء، نحن المعارضين أذكياء، بدليل أننا عرفنا، مسبقًا، أن النظام الأمني سيجبر عباسًا على تغيير أقواله، ولكن المهم أنه تجرأ وحكى، يعني، سؤال يطرح على حضراتكم: هل كنتم تفضّلون لو أنه لم يقل هذا الكلام؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة