“الشتوي” بدمشق.. سعر “الجاكيت” يفوق راتب الموظف الشهري

camera iconسوق "الحميدية" بدمشق- 23 من كانون الثاني 2022 (حسان حسان- عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – دمشق

بعد موجة الصقيع التي مرت على مدينة دمشق وريفها، خلال كانون الثاني الماضي، تعاني العائلات في المدينة صعوبات في تأمين أولوياتها من الاحتياجات، منها توفير الألبسة الشتوية في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية.

لجوء معظم عائلات المدينة إلى التدفئة عن طريق البطانيات والحرامات، أو باللباس الثقيل الذي يقي من البرد، سببه قلّة مواد التدفئة الأولية مثل مادة المازوت والغاز وغلاء أسعارها، بالتزامن مع انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، ما يؤدي إلى صعوبة تشغيل المدافئ.

ويتندر بعض من التقت بهم عنب بلدي بالقول، إن تحضير البطانيات صار جزءًا أساسيًا من أساسيات استقبال ضيوف الشتاء، فإذا أردت أن تكرم ضيفك، حضّر له ما يلقيه على جسمه قبل أن تحضّر له حاجيات الضيافة من طعام أو شراب.

أسعار مرتفعة

تتنوع الألبسة المنتشرة في المتاجر والأسواق داخل المدينة، منها الصوف، والقطن، والجلد، بحسب نوع قطعة الألبسة، وبذلك يختلف سعرها باختلاف المواد المصنوعة منها وباختلاف نوع كل قطعة.

وبحسب استطلاع رأي أجرته عنب بلدي لأصحاب الأسواق في منطقة الصالحية وشارع الحمراء وسوق “الحميدية” وسط دمشق، فإن هناك عزوفًا من قبل أغلبية الناس عن شراء الألبسة الشتوية الجديدة، مقارنة بعام 2021، إذ يتجاوز سعر “الجاكيت” (المعطف) الشتوي الرجالي الواحد في أغلب أسواق بيع الألبسة 100 ألف ليرة سورية (30 دولارًا).

هذه الأسعار تفوق القدرة المالية للموظف الحكومي على شرائها، أو حتى عمّال المياومة، إذ يدفع الموظف أسبوعيًا ما لا يقل عن مبلغ 20 ألف ليرة (خمسة دولارات) كأجور للنقل ليصل إلى مكان عمله.

حتى عام 2021، كانت الألبسة الشتوية مرتفعة الثمن مقارنة بدخل الأفراد، إلا أنه في عام 2022، تضاعف الغلاء، ما جعل إقبال الناس على شراء الألبسة رغم موجة البرد الشديد شبه معدوم، واقتصر البيع والشراء على قلة قليلة فقط، وهي فئة المسافرين إلى خارج البلاد.

وفي كانون الأول 2021، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا يقضي بزيادة نسبة 30% على الأجور المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين.

وبحسب نص المرسوم، تشمل زيادة الرواتب بنسبة 30% كلًا من “المشاهرين والمياومين والمؤقتين”، بجميع أنواع التعيينات، والعاملين على أساس الدوام الجزئي، أو على أساس الإنتاج، أو الأجر الثابت والمتحول.

وتضمّن المرسوم رفع الحد الأدنى العام للأجور، والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك إلى 92 ألفًا و970 ليرة سورية (ما يعادل 26 دولارًا).

ويلجأ معظم الأفراد في العاصمة دمشق إلى الاعتماد على أكثر من مصدر، لمحاولة الموازنة بين الدخل والمصاريف، بحسب دراسة أعدها مركز “السياسات وبحوث العمليات” (OPC)، وأبرز تلك المصادر الحوالات المالية من مغتربين خارج سوريا، والاعتماد على أعمال ثانية، كما تستغني عائلات عن أساسيات في حياتها لتخفض من معدل إنفاقها.

كما تعرّض اقتصاد مدينة دمشق خلال السنوات العشر الماضية لتغيرات بنيوية واسعة، وقد كانت حصة المدينة من التراجع الاقتصادي العام في البلد كبيرة للغاية، نتيجة ظروف النزاع والإجراءات الأمنية والعسكرية القسرية التي فرضها النظام على مختلف أنحاء سوريا.

تأمين موارد التشغيل

يُرجع البائعون في أسواق مختلفة ضمن مدينة دمشق سبب غلاء الألبسة الشتوية إلى قلة الكهرباء وانعدامها أحيانًا، فتضطر المصانع إلى اللجوء لتوليد الكهرباء عن طريق مولدات تعمل على مادة المازوت أو البنزين، وهذا الأمر يجعل سعر القطعة الواحدة من الألبسة يتضاعف بسبب تأمين موارد التشغيل عن طريق السوق السوداء.

بالإضافة إلى السبب الأول، يأتي ارتفاع سعر القماش سواء كان مستوردًا أو من إنتاج محلي، فكلا الصنفين مرتفع السعر مقارنة بفترات سابقة، واستيراد الأقمشة ممنوع حاليًا، وفق ما قاله أكثر من بائع التقت بهم عنب بلدي، فإما أن تكون هناك مستودعات للأقمشة المهربة، وإما بضاعة محلية الصنع.

ولكن أصحاب المعامل يشترون الأقمشة بسعر مرتفع جدًا، وهذا ما يضطرهم إلى رفع سعر القطعة الواحدة.

أما عن سوق “الحميدية”، الذي يوصف بأنه سوق شعبي يلبي كامل احتياجات طبقات المجتمع، فيُلاحظ وجود ارتفاع كبير بأسعار الألبسة الشتوية، إذ تبدأ أسعار القمصان الصوفية من 30 ألف ليرة (ثمانية دولارات)، ويصل سعر أغلى نوع إلى 80 ألف ليرة (22 دولارًا).

وأما المعاطف في سوق “الحمدية” فيبدأ سعرها من 50 ألف ليرة، ويصل إلى 100 ألف ليرة (حوالي 30 دولارًا).

ظروف الحياة في مدينة دمشق، باعتبارها عاصمة سوريا، وتعتبر أحد مركزَين اقتصاديَّين رئيسَين في البلاد، يمكن أن تُعطي صورة مكثفة عن الحياة في عموم البلد، بناء على أن الخدمات وفرص العمل فيها يجب أن تكون أفضل، وهو ما يؤشر على أن أي مشكلات يتسبب بها ضعف الخدمات أو البطالة فيها، يكون مضاعفًا خارجها، فوفق عدة دراسات بحثية، لطالما حصلت المدينتان الكبيرتان في سوريا، دمشق وحلب، على مستويات أعلى من التنمية الاقتصادية والخدمات العامة مثل التعليم والصحة والكهرباء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة