النظام يخبئ “الكاش” تحت “مخدة المركزي” لضبط الليرة السورية

رزم من الأوراق النقدية السورية (AFP)

camera iconرزم من الأوراق النقدية السورية (AFP)

tag icon ع ع ع

تستمر حكومة النظام السوري بإجبار مواطنين في مناطق سيطرتها على إيداع مبالغ في المصارف عبر قرارات تتخذها، كما تحدّ من قدرتهم على سحب المبالغ التي يريدونها من المصارف بتحديد سقف معيّن لا يمكن تجاوزه، وتهدف من هذه الإجراءات إلى استقطاب السيولة من السوق وتداولها إلى المصارف، بغية الحفاظ على قيمة الليرة السورية.

وكانت حكومة النظام أصدرت قرارًا يقضي بإلزام الجهات العامة المخولة قانونًا بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها، والكتاب العدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعًا منجزًا وغير قابل للعزل قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانونًا.

ويجب في عمليات بيع العقارات السكنية والتجارية والأراضي، وفق القرار الذي شاركه موقع “إعمار سوريا”، سداد مبلغ عبر الحسابات المصرفية بما يعادل نسبة 15% من القيمة الرائجة للوحدة العقارية المباعة المعتمدة بموجب أحكام القانون رقم “15” لعام 2021.

ويجب سداد مبلغ عبر الحسابات المصرفية، بالنسبة إلى عمليات بيع المركبات، وفق الآتي:

  • ثلاثة ملايين ليرة سورية للمركبات التي سنة صنعها دون 2000.
  • خمسة ملايين ليرة سورية للمركبات التي سنة صنعها من عام 2000 وحتى عام 2010.
  • عشرة ملايين ليرة سورية للمركبات التي سنة صنعها من عام 2011 وحتى عام 2015.
  • 20 مليون ليرة سورية للمركبات التي سنة صنعها من عام 2016 وما فوق.

وينص القرار على تجميد مبلغ 500 ألف ليرة سورية في الحسابات المستخدمة لعمليات بيوع العقارات السكنية والتجارية والأراضي وبيوع المركبات لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.

لضبط الليرة

الخبير الاقتصادي خالد تركاوي، قال عبر حسابه في “تويتر“، إن عمليات “جمع الكاش” من الأسواق السورية وتغيبيها في خزينة المركزي تستمر في سبيل تحقيق استقرار في سعر الليرة السورية، وهي سياسة نجحت حتى الآن في تحقيق الاستقرار.

وأضاف تركاوي أن هذه العملية أضعفت على جانب آخر ما تبقى من نشاط في الأسواق، وأسهمت في إغلاق بعض المنشآت.

ولا يتوقع الخبير الاقتصادي أن تستمر هذه السياسة طويلًا.

من جانبها، علّقت وزيرة الاقتصاد السابقة، لمياء عاصي، على قرار إيداع 15% من قيمة العقار في المصارف، مشيرة إلى أن سقف السحب اليومي من المصارف يبلغ مليوني ليرة سورية.

وتساءلت عاصي، في منشور عبر “فيس بوك“، عما إذا كان الهدف من القرار رفع السيولة في البنوك التي تعاني أصلًا من ارتفاع معدلات السيولة لديها بشكل غير صحي.

وقالت إن قرار التداول عبر الجهاز المصرفي قد يكون صائبًا، ولكن حتمًا في حالة عدم تحديد سقف السحب اليومي مرة أخرى.

وأضافت أن موضوع تحديد سقف السحب النقدي من المصارف ضار جدًا بالاقتصاد الوطني، ويخفض الكتلة النقدية التي تتحرك في الأسواق، والعملة تأخذ قيمتها من عدد مرات التداول بها، وتعيد الناس إلى الاحتفاظ بمدخراتهم “تحت المخدة”.

وفي 25 من كانون الأول 2021، أعلن مصرف سوريا المركزي رفع سقف السحب اليومي المحدد بمليوني ليرة سورية، لأصحاب الفعاليات الذين تتطلب طبيعة عملهم سحوبات يومية كبيرة.

خيارات بديلة عن السحب النقدي

في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، مساء الأحد 20 من شباط، بررت رئيسة قسم الدراسات والتشريعات لدى مديرية المفوضية الحكومية في المصارف، حنان عيلبوني، قرار تحديد نسبة التحويل المصرفي بـ15% في البيوع العقارية، بأن سبب رفع النسبة يأتي بضوء رصد تداعيات ما يترتب على تنفيذ القرار ومواكبة أي قرار يصدر للتطور الحاصل في البيئة التشريعية لا سيما في مجال العقارات.

وقالت إن أسباب تعديل القرار متعلقة بشكل أساسي بضرورة وجود حسابات مصرفية لأكبر عدد ممكن من الأشخاص وصولًا إلى جميع الأشخاص، وذلك عن طريق عقود بيع العقارات والمركبات، واستقطاب السيولة من السوق وتداولها إلى المصارف هو عامل مهم، وبحسب الإحصائيات، فإن قيمة الأموال الموجودة في المصارف لا تشكّل إلا نسبة ضئيلة جدًا من قيمة التداول في السوق، وقد يعتبر هذا “مرعبًا أو غير طبيعي”.

وعلّقت عيلبوني على حديث وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي، بأن السيولة وفائض السيولة في المصارف هو موضوع مستقل ويتطلّب مراجعة وضع كل مصرف على حدة.

وأضافت أن المركزي معني بإدارة السيولة وحجم الأوراق النقدية المتداولة في السوق وليس فقط إدارة سيولة المصارف بما لها من انعكاسات على طباعة مزيد من النقد من جهة وتداول الأموال والأوراق النقدية من جهة أخرى، وعدم توظيف معيّن للسيولة يعود لعدة عوامل، منها تقييد التسهيلات أو عدم وجود مشاريع تستدعي ذلك.

وحول التخوف من سحب السيولة من السوق، أكدت أنه بدلًا من السحب النقدي لمليونين كل يوم أو بموجب استثناءات معيّنة لحالات ترد إلى المصرف المركزي يتم منح موافقات خاصة.

وأشارت إلى أنه ليس ممنوعًا التحويل لأي غاية يرغبها الشخص أو المواطن صاحب الأموال عن طريق المصرف ذاته، بمعنى غير ممنوع إجراء حوالة أو تحرير شيك أو غيرها بأي مبلغ يرغبه ضمن سقف الحساب الموجود، علمًا أن ما تم تقييده فقط هو السحب النقدي.

وبحسب عيلبوني، لا تصدر الحكومة قرارًا بهدف وضع العراقيل وتعمل ضمن ظروف صعبة إلى حد ما بهدف استمرارية العمل والحياة، والقرار يصدر بهدف منح المزيد من التسهيلات والتقدم في الأدوات.

ويسعى النظام السوري منذ أشهر إلى ضبط الأسواق عبر تجفيف السيولة النقدية، ومصادرة كتل نقدية كبيرة بالليرة السورية، ما أدى إلى خروج عدد من صغار المستثمرين والتجار من الأسواق نتيجة ضعف النشاط التجاري والصناعي.

وتحافظ الليرة السورية على نوع من الاستقرار في قيمتها أمام العملات الأجنبية منذ عدة أشهر، ويساوي الدولار الأمريكي نحو 3650 ليرة سورية في السوق السوداء، بينما يبلغ سعر الصرف الرسمي 2512 ليرة للدولار الواحد.

وامتصاص السيولة أو تجفيف السيولة إجراء اقتصادي تحدّ فيه سلطات الدولة من كمية السيولة المعروضة في السوق، عبر إجراءات منها تحجيم التوسع في الإقراض، وحصر السيولة المالية في المصارف، ورفع البنوك المركزية الاحتياطي الإلزامي للبنوك العاملة في الدولة.

وتهدف هذه الإجراءات إلى ضبط أسعار الصرف ومحاربة التضخم الناجم عن زيادة كتلة المعروض النقدي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة