توماس باخ والهدنة الأولمبية

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

كثيرة هي “الكليشيهات” والعناوين العريضة والشعارات البراقة التي تخرج بها علينا مؤسسات الرياضة الدولية، بدءًا من اتحادات الألعاب وعلى رأسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وصولًا إلى اللجنة الأولمبية الدولية، وأهم هذه العبارات و”الكليشيهات” فيما يخص السلام والحرب والوئام والتعاون والمحبة والتآخي… وبما أن هذه الجمل والكلمات موجودة في قوانين وأدبيات مؤسسات الرياضة الدولية، فيجب أن تُرمى أمامنا للتذكير ولإشغال الإعلام بالنيات الطيبة والحسنة التي تقف خلف أصحاب هذه العبارات والعناوين في حياتنا.

وحتى لا يبقى كتاب الفضيلة والأخلاق في الرياضة حبيس أدراج المسؤولين وفي مستودعات أرشيفية، يتحول إلى خطب رنانة في كل حدب وصوب وحسب التوصيات الدولية.

وحتى “لا ندخل في نظرية المؤامرة”، ونقول إن هذه المؤسسات تُدار بشكل سياسي، سنمر على هذا الجسر لنقول إنها توصيات للمحبة والسلام ورفض الحرب، حتى لو أن المذكور صهيوني وليس فلسطينيًا، أو يوغسلافي وليس عراقيًا، لا مشكلة، فهذا أقصى ما يمكن أن يقدم من توماس باخ أو من السيد جاكروك أو من السيد خوان أنطونيو سامارانش، بحسب المدة الزمنية التي شغل بها كل منهم عملًا في اللجنة الأولمبية الدولية.

اليوم يخرج علينا بيان اللجنة الأولمبية الدولية ليدين العدوان الروسي على أوكرانيا ويصفه بالخرق الفاضح للهدنة الأولمبية، التي تبدأ مدتها الزمنية قبل بدء بطولات الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية والبارالمبية بأسبوع، وتنتهي بعد نهاية المسابقات بأسبوع، والتي تفرض أن تحترم الدول الألعاب والوجود والمناسبة الأولمبية الجامعة فتوقف صراعاتها لمدة من الزمن تسمى هدنة أولمبية، وبحسب بيان السيد توماس باخ، رئيس اللجنة، فإن بوتين وجيشه قد تصرف بعدوانية وخرق الهدنة وبدأ باحتلال أوكرانيا.

ليست مشكلة صدور مثل هذا البيان فيما يخص أوكرانيا، بل إنه يحمل المعاني الإنسانية والسامية لنصرة المظلوم وتجريم المعتدي، ولكن روسيا ترتكب منذ سبع سنوات جرائم يومية، وتقتل وتشرد وتحتل وتفتك بالأرض السورية وبشعبها المظلوم، وتزوّد نظام دمشق بالأسلحة المحرمة والفتاكة لقتل البشر والحجر، كما حدث في حلب وإدلب ودير الزور والغوطة الشرقية ويحدث كل يوم، ولم يصدر أي بيان من اللجنة الأولمبية الدولية لا في أولمبياد ريودي جانيرو 2016 ولا في أولمبياد طوكيو 2020، ولا عبر الاتحاد الدولي لكرة القدم في مونديال 2014 بالبرازيل ومونديال 2018، الذي نُظم في روسيا من أجل إدانة الوحشية الروسية والاعتراف بخرق كل المبادئ السامية في الرياضة والحياة، وليس فقط خرق الهدنة الأولمبية بقتل يومي وممنهج وتهجير فاضح للشعب السوري.

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ فسياسة الكيل بمكيالين واضحة وصريحة في عمل هذه المؤسسات، ومن يشرف على بطولاتها ولجانها وانتخاباتها وقراراتها، وسياسة الانحياز والتعتيم فاضحة ومقرفة لهذه الشخصيات التي تتناول في أحاديثها يوميًا رسائل وبيانات معسولة، ولكنها قاتلة بنفس الوقت.

مع كل الأمنيات بانتهاء الاحتلال الروسي لأوكرانيا وأرضها ولبلادي سوريا، التي مزقها الحقد الروسي وعيون توماس باخ ومن معه تتفرج وتتابع، باسم السلام كما يدعون.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة