في اليوم العالمي للمرأة.. مخاوف الاعتقال والتعذيب أبعدت نساء في درعا عن التعليم

camera iconصورة تعبيرية (سارة الخياط)

tag icon ع ع ع

منذ أول عبارة كتبها أطفال درعا على الجدران في تعبير عن نبض الشارع، وكانت “أجاك الدور يا دكتور” ، فرض النظام تضييقًا أمنيًا مشددًا على المدينة، امتد ليطال كامل المحافظة في وقت لاحق، وعمل على حصار أهلها نفسيًا وجسديًا محاولًا  “الاقتصاص” مما فعلوه، والضحية الأولى كانت نساء درعا.

بين التضييق الأمني الذي فرضه النظام، وخوف العائلات من أن يكون “الانتقام” عبر نسائهم، قُيدت أحلام العديد من النساء، وحرمن من حقهن بإكمال مسيرتهن التعليمية والحصول على وظائف.

يصادف اليوم 8 من آذار، اليوم العالمي للمرأة المعتمد من قبل الأمم المتحدة، وتحتفل معظم دول العالم بهذا اليوم منذ عام1975، للمطالبة بحقوق النساء، وتقدير جهودهن في مختلف مجالات الحياة، والسعي لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة.

خوف غلب الحلم

“كان تعلم الأدب الفرنسي حلم طفولتي، وحين شعرت أن الحلم صار قريبًا مني بدخولي الجامعة، أجبرني خوف عائلتي عليّ من الاعتقال على ترك الجامعة”، تروي إيمان (32 عامًا) لعنب بلدي.

“ورغم أن النظام أجرى (تسوية) لطلاب الجامعات حين سيطر على درعا في تموز 2018، ظلّ الخوف من الاعتقال مسيطرًا على المشهد” وفق قول الفتاة التي تتحفظ عنب بلدي عن ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية.

ونُقل فرع إيمان إلى جامعة دمشق بعد “التسوية”، مما وضع حاجزًا آخر في طريقها، إذ إن تكلفة الطريق والدراسة في دمشق كانت تفوق قدرة عائلاتها المادية، بحسب قولها.

“معظم زميلاتي تخرجن من الجامعة، وأنا رغم تفوقي، فقدت مستقبلي كاملًا بسبب الخوف”، تشتكي إيمان فقدان حلمها، وضياع مستقبلها نتيجة ظروف لم تخترها.

من جهته برر والد إيمان (65 عامًا) خوفه ومنع ابنته من إكمال تعليمها، بأن قوات النظام والحواجز الأمنية كانت تعتقل الفتيات انتقامًا من عائلاتهن، وبسبب تقاريرٍ كيدية.

وأضاف، “أعرف أن ابنتي خسرت مستقبلها لكنّ شبح الخوف ظلّ يطاردني لأحميها من شر النظام”.

بحسب ما رصدته عنب بلدي، لم تستطع العديد من النساء، في المحافظة التي تقع أقصى جنوب سوريا، إكمال مسيرتهن التعليمية وأجبر بعضهن على الانقطاع عن التعليم لسنوات، رغم محاولاتهن العديدة كسر حاجز الخوف، لكن، غلب الخوف أحلامهن.

واعتبرت معظم النساء اللاتي تحدثت إليهن عنب بلدي، أن خوف عائلاتهن كان مبررًا، إذ إن “إجرام النظام” واستغلاله جنس المرأة، خطر يمكن أن يدمر مستقبلهن بطريقة أقسى من حرمانهن من التعليم.

الحلم الضائع

“ظلّت شهادة المحاماة حلمًا حرمه الخوف فرصة أن يصير واقعًا” بهذه الكلمات بدأت بتول (28عامًا) تتحدث عن حلمها الضائع.

وتابعت بتول، فضلت تتحفظ عنب بلدي عن كر اسمها الكامل لأسباب أمنية، “لم أجرؤ على العودة إلى الجامعة وعبور الحواجز الأمنية كل يوم حتى بعد التسوية لأن جرائم النظام كانت في رأسي دائمًا”.

اختارت بتول الزواج، ليصير حلمها الوحيد الآن، أن تستطيع بناتها إكمال تعليمهن دون أن يكون الخواف عائقًا في طريقهن، وفق تعبيرها.

أما سلوى (32 عامًا)، اسم مستعار لأسباب أمنية، استطاعت إكمال دراستها في تخصص الأدب العربي، رغم تعرضها لبعض المضايقات الأمنية أثناء عبور الحواجز، بحسب ما قالته لعنب بلدي.

وفي عام 2018 بعد سيطرة النظام على محافظتي درعا والقنيطرة، أصدر مجلس التعليم العالي قرارًا يقضي بإعادة طلاب درعا والقنيطرة إلى جامعاتهم، بعد إغلاق الجامعات في درعا لأشهر بسبب القصف والمعارك في المدينة.

المرأة بين حق التعليم والحرب

جرّدت الحرب العديد من النساء السوريا في مختلف مناطق السيطرة من حقهنّ بالتعليم، لتمضي معظمهن سني حياتهن بانتظار أن ينلن فرصة لإكمال مسيرتهن التعليمية دون خوف.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، أجبرت العديد من النساء في درعا على التخلي عن تعليمهن، جرّاء مقتل أحد أفراد العائلة أو اعتقاله، مما حملهن مسؤوليات إضافية.

ورغم أن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، وشرط لتحقيق جميع حقوق الإنسان الأخرى، إذ إنه يمكّن الفتيات والنساء، ويسهم بحصولهن على حقوقهن، وفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، استغل النظام السوري قطاع التعليم لزيادة قبضته الأمنية على أهالي درعها وغيرها من مناطق سيطرته.

ومنذ آذار 2011 حتى آذار 2022، قُتلت في سوريا نحو 16 ألفًا و228 سيدة، 74% منهن على يد النظام السوري وحلفائه، كما تعرضت نحو 11 ألفًا و523 سيدة للعنف الجنسي، 70% منهن على يد النظام، حسب تقرير لـ “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” صدر اليوم، 8 من آذار 2022.

واحتلت سوريا المركز الثاني في ذيل “مؤشر السلام والأمن للمرأة “(WPS) لعام 2021، وحلّل المؤشر وضع المرأة في ثلاثة أبعاد، هي الإدماج (التعليم، الإدماج المالي، التوظيف، استخدام الهاتف المحمول، التمثيل البرلماني)، والعدالة (عدم وجود تمييز قانوني، الانحياز، القواعد التمييزية)، والأمن (عنف الشريك، سلامة المجتمع، العنف المنظم).


أسهم بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في درعا: حليم المحمد




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة