آخرها معجزة.. خمسة احتمالات لانتهاء الحرب في أوكرانيا

camera iconجندي جريح من القوات العسكرية الأوكرانية يدخن بعد معركة مع القوات الروسية والانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة لوغانسك في 8 من آذار (AFP)

tag icon ع ع ع

بعد أقل من أسبوعين من الغزو الروسي لأوكرانيا، يواصل الشعب والقوات المسلحة في البلاد شن مقاومة ضد القوات الروسية، ويعتقد العديد من المحللين والاستراتيجيين أنها مسألة وقت فقط قبل أن تطغى القوة العسكرية لموسكو على أوكرانيا.

في هذ الصدد ذكرت شبكة “CNBC” احتمالات انتهاء الغزو الرسي لأوكرانيا وفقًا لعدد من الخبراء، يتوقع أكثرهم صراعًا طويل الأمد، مشيرين إلى أنه حتى في السيناريو الأكثر إيجابية، وهو أن تسحب روسيا قواتها وتظل أوكرانيا دولة ذات سيادة، من غير المرجح أن تعود أوروبا إلى الوضع الراهن قبل الحرب، وقد يكون الآتي بالنسبة لأوكرانيا قاتمًا.

“سيطرة غير مكتملة”

يقول مراقبون للحرب الروسية الأوكرانية، إن الطبيعة المتغيرة للصراع تجعل من الصعب قياس ما سيحدث بعد ذلك في أوكرانيا، إذ لا يمكن التنبؤ بخطوات موسكو والغرب التالية.

ومع ذلك فمن المتوقع على نطاق واسع أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الكاره للحكومة الأوكرانية الحالية الموالية للغرب وتطلعاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي “وحلف شمال الأطلسي” (الناتو)، يريد تثبيت نظام موال لروسيا في كييف.

ومن غير المؤكد كيف ومتى سيحدث ذلك، لكن سيناريو “مجموعة أوراسيا” للأشهر الثلاثة المقبلة هو أن تحصل روسيا على “سيطرة غير مكتملة” على شرق أوكرانيا، حتى نهر دنيبرو، “والاستيلاء على العاصمة كييف بعد حصار طويل الأمد، وإنشاء حكومة عميلة مدعومة من روسيا”.

قال رئيس مجلس إدارة “مجموعة أوراسيا”، كليف كوبشان، وزملاؤه في مذكرة، يوم الخميس 3 من آذار، أنه من المرجح أن تتم قيادة “دولة أوكرانية” من لفيف، وهي مدينة تقع في غرب أوكرانيا وبالقرب من الحدود مع بولندا، ومن المرجح أن تتلقى الحكومة “شبه المنفية” دعمًا غربيًا كبيرًا.

في مثل هذا السيناريو، توقعت “مجموعة أوراسيا” أن “حلف شمال الأطلسي”، الذي رفض حتى الآن التدخل عسكريًا في النزاع، سيقدم “مساعدة عسكرية كبيرة للدولة الأوكرانية الغربية، لمواجهة التمرد في شرق أوكرانيا”، لكن المجموعة أضافت أن هذا قد يؤدي إلى مخاطر وقوع اشتباكات جوية بين طائرات روسية وحلف شمال الأطلسي.

قال كبير محللي الدفاع في شركة “Rand Corp“، سكوت بوسطن، يوم الجمعة 4 من آذار، إن الروس “لديهم الكثير من القوة القتالية المتبقية، ولديهم الكثير من القدرة على تصعيد العنف، والذي يبدو أنه يحدث بالفعل. هذا الشيء يمكن أن يستمر لفترة طويلة”.

“التطهير والتقسيم”

يتفق بعض المحللين على أن أي سيطرة غير مكتملة على أوكرانيا من قبل روسيا قد تؤدي إلى نوع من تقسيم البلاد، لا سيما مع ترسيخ روسيا بقوة في إقليم دونباسك شرقي أوكرانيا، حيث اعترفت باستقلال جمهوريتين مواليتين لروسيا قبل غزوها الأوسع للدولة.

كتب الباحث في جمعية “هنري جاكسون”، تاراس كوزيو، في مقال لـ”المجلس الأطلسي“، في 3 من آذار، أن موسكو تهدف إلى “الغزو العسكري الكامل لأوكرانيا، يليه تقسيم وتطهير واسع النطاق للسكان المدنيين”.

يتمثل هدف بوتين الواضح في القضاء على كل بقايا الهوية الأوكرانية بينما يحكم البلاد بمستقبل قاتم، كدكتاتورية عسكرية محصورة بقوة داخل إمبراطورية روسية جديدة.

هذه “الرؤية الكابوسية” تتوافق بشكل وثيق مع أهداف بوتين المعلنة للحملة العسكرية الحالية جنبًا إلى جنب مع سجله الطويل من الازدراء العام، والعداء تجاه الدولة الأوكرانية.

وأشار الباحث كوزيو إلى أن هناك تكهنات بشأن سعي موسكو لتنصيب الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، الذي جرده المشرعون الأوكرانيون من سلطاته، عندما فر من كييف إلى روسيا، خلال ثورة 2014.

وأكد كوزيو إلى أن هذا يتماشى تمامًا مع دعاية الكرملين، التي أصرّت على مدى السنوات الثماني الماضية على أن إبعاد يانوكوفيتش كان بشكل غير قانوني عن طريق انقلاب مدعوم من الغرب.

“تمرد”

قال استراتيجي الأسواق الناشئة في “BlueBay Asset Management“، تيم آش، إن روسيا من المرجح أن تواجه احتلالًا طويل الأمد، ومكلفًا ومؤلمًا لأوكرانيا.

“بافتراض فوز بوتين بالحرب العسكرية، فإن سؤال التريليون دولار هو: كيف يربح السلام في أوكرانيا، إذ تمتع الأوكرانيون بـ30 عامًا من الحرية، وهو ما يستمتعون به”، بحسب آش، وكيف يمكن لبوتين إعادة عقارب الساعة إلى التسعينيات، حيث قامت القوات السوفيتية “NKVD” (وكالة إنفاذ القانون السوفييتية) بضرب المدنيين لإخضاعهم؟.

أشار الاستراتيجيون في برنامج “مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن” التابع “للمجلس الأطلسي”، باري بافيل وبيتر إنجلك وجيفري سيمينو، إلى أن انتصار روسيا في أوكرانيا سيكون “باهظ الثمن”، وأن أي انتصار لا يستحق الفوز لأنه سيفقد الكثير لتحقيق ذلك.

ويمكن أن يفرض التمرد الأوكراني “خسائر بشرية ومالية كبيرة ومستمرة على روسيا”، إذ سيكون مطلوبًا تخصيص قدر أكبر بكثير من مواردها على مدى فترة زمنية أطول بكثير مما توقعته، ومن المرجح في غضون ذلك، أن تقدم دول الناتو “مساعدة دفاعية سرية ولكن قوية للغاية للمقاومة الأوكرانية”.

في هذا السيناريو، “يستنزف الصراع خزائن موسكو ويحلها، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الانسحاب بعد الكثير من العنف والموت”، وهي نتيجة تردد أصداء الغزو الروسي “المشؤوم وغير الشعبي” والمكلف لأفغانستان عام 1979، وهو الصراع الذي استمر 10 سنوات وأدى إلى مقتل 15 ألف جندي روسي.

ولاحظ الاستراتيجيون، أن روسيا ستدرك أنها “خاضت مرة أُخرى حربًا لا يمكن الانتصار فيها”، في حين أن هذا السيناريو قد يبدو إيجابيًا بالنسبة لأوكرانيا، مع تحول روسيا إلى دولة منبوذة على المستوى العالمي وانسحابها بعد غزو مكلف، فإن أوكرانيا ستكون “مدمرة” في هذه العملية.

“الناتو في مواجهة روسيا”

رفض “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) التدخل المباشر في الحرب الروسية الأوكرانية، لأن القيام بذلك سيؤدي على الأرجح إلى صراع مباشر مع موسكو، التي حذرت من تدخل أي دولة فيما تسميه “عمليه خاصة” في أوكرانيا من مواجهة عواقب “لاتوصف”.

وحذر المحللون، بمن فيهم تيم آش، من “الستار الحديدي” الجديد على أوروبا الشرقية، في حال انتصرت روسيا على أوكرانيا، مما يخلق كتلتين جيوسياسيتين متعارضتين، يحتمل أن تكون عسكريتين أيضًا، الاتحاد الأوروبي ودول “الناتو” على جانب واحد من الحدود، وأوكرانيا ودول أخرى في المدار السياسي لروسيا، مثل بيلاروسيا ومولدوفا، من الجانب الآخر.

اعتبر رئيس “مجموعة أوراسيا” إيان بريمر، هذا الوضع بمثابة “صندوق بارود في أوروبا”.

وقال بريمر من “غير المبدئي” أن يرسل الغرب قوات للقتال إلى جانب الأوكرانيين أو تنفيذ منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، “لأن ذلك يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الناتو والقوات الروسية، وبالتالي يخاطر بالحرب العالمية الثالثة”.

ويعتقد بريمر، أن بوتين لا يزال ينظر إلى هذا النوع من المساعدة “على أنه أعمال حربية تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاء الناتو ضد روسيا، وتستحق الرد الانتقامي”.

قال مدير مكتب “وارسو” التابع لصندوق “مارشال” الألماني، ميشال بارانوفسكي، بعد ساعات فقط من الغزو الروسي، إن بوتين “أخبرنا بما يريد أن يفعله، إنه يريد تغيير الحكومة في كييف وعندما كان يطرح مطالبه كان يتحدث عن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي وبقية أوروبا أيضًا”.

“معجزة”

يتفق المحللون على أن الانسحاب الصريح للقوات المسلحة الروسية من أوكرانيا سيكون أفضل نتيجة ممكنة للبلاد في وضعها العصيب.

يتوقع المحللون في مركز “سكوكروفت” أنه في السيناريو “الأكثر وردية” لكيفية إنهاء الصراع في أوكرانيا، يمكن لأوكرانيا أن ترى قدراتها الدفاعية الخاصة مدعومة من قبل الناتو، مما يسمح لمقاومتها العسكرية والمدنية “بالتغلب على الصعاب ومقاومة تقدم موسكو”.

في هذا السيناريو المحتمل، سيمنع بوتين من الإطاحة بحكومة كييف وإقامة نظام “دمية”، في حين أن “تصميم ومهارة المقاومة الأوكرانية يشكلان طريقًا مسدودًا في ساحة المعركة لصالح المدافعين”، وفقًا لاستراتيجيي “المجلس الأطلسي” بافيل وإنجيلكي وسيمينو.

قال المحللون، إن الكرملين يدرك أن روسيا “ستدفع ثمنًا باهظًا” لغزوها أوكرانيا، وفي احتمالية مواجهة ضغوط طويلة ومكلفة في أوكرانيا، إلى جانب الانهيار الاقتصادي، والعزلة الدبلوماسية لروسيا، سيأمر بوتين بانسحاب قواته.

ومع ذلك، حذر المحللون من أن هذه النتيجة، حيث تظل أوكرانيا دولة ديمقراطية ذات سيادة، يمكن أن تكون “محفوفة بالمخاطر”.

تسبب تصعيد النزاع في أوكرانيا في تدمير البنية التحتية المدنية، وسقوط ضحايا من المدنيين، وأجبر الناس على الفرار من ديارهم، إذ عبر أكثر من مليوني لاجئ من أوكرانيا الحدود، إلى البلدان المجاورة، بحسب إحصائية المفوضية السامية للأم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتواجه روسيا مستقبلًا غير مؤكد مع وصول المشهد السياسي الروسي إلى نقطة تحول.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة