طوابير لا تنتهي في شعبة تجنيد حماة والعساكر يتحوّلون إلى “سماسرة”

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حماة

تمتد طوابير المراجعين لشعبة التجنيد في حماة من الباب الرئيسي إلى الحديقة المقابلة، ويبدأ الاصطفاف منذ السابعة صباحًا تحت إهانات العناصر ومزاجيتهم.

يصف الأهالي الشعبة بأنها المركز “الأكثر فسادًا” في المدينة، ويعتبرون موظفيها “عصابة مافيوية” تتسلط على الشباب الذين يخشون بالأصل الاقتراب من المبنى، خوفًا من اعتقال محتمل أو تجنيد فوري إن لم يدفعوا “المعلوم”.

تتحرك الطوابير عند الساعة التاسعة لشراء أضابير التأجيل من الندوة، ثم الانتظار على باب العقيد رئيس الشعبة حتى يضع تأشيرته على مصدقة التأجيل.

وتنتقل العملية إلى الديوان والحاسوب، ثم مكتب الدراسات الذي يقرّر استحقاق التأجيل وتعدّ المرحلة الأصعب في سير المعاملة، إذ ينظر الموظفون إلى انتماء المراجع وخلفيته عند أفرع الأمن قبل اتخاذ القرار.

داخل غرفة الدراسات يتسلم الشاب” تأشيرة حياته لسنة مقبلة”، بحسب تعبير عمر عبد الرحيم، وهو طالب جامعي من حماة، إذ تسمح ورقة التأجيل الدراسي بالمرور على الحواجز دون سحبه إلى “موت مؤكد”.

وقد يمنع العناصر المراجعين من الدخول إلى الغرفة بطريقة نظامية (على الدور)، ليضطروا إلى المحاولة لأيامٍ متتالية، وفقط “يلي داعيتله أمه” ينهي معاملته في يومٍ واحد، وفق ما يقوله عبد الرحيم، لكثرة أصحاب الواسطات والبدلات العسكرية التي لا تبقي مجالًا لغيرهم.

ويضيف عبد الرحيم “رأيت شبابًا يترددون على الشعبة لثلاثة أيام، ويعودون دون إكمال المعاملة، بينما يقضي الموظفون دوامهم كاملًا ولا يلبون سوى احتياجات قرابة 10 مراجعين لا يملكون واسطة”.

وبعد تخطي مكتب الدراسات، يقصد الشباب طوابير أخرى، على مكاتب الحاسوب، ثم المرحلة الأخيرة عند رئيس الشعبة مجددًا للحصول على التوقيع الأخير.

“عصابة” مصغرة

اعتاد المراجعون على دفع “الرشاوى” لإكمال معاملاتهم، وتصل التكلفة إلى ألف ليرة تقريبًا، من ضمنها 100 ليرة فقط لرسوم الإضبارة والبقية للعناصر والموظفين.

شعيب، نضال، غيث، جعفر…، يشكلون “العصابة المصغرة” داخل المؤسسة، حتى إن الصفحات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي تشتكي دومًا من هذه الشخصيات، وغالبًا تدفع سياسة “التعجيز” في تسيير الأوراق والطوابير إلى الاستعانة بالواسطة.

ويعمل بعض عساكر الشعبة “سماسرة” بين المراجعين والموظفين، إذ يتكفلون أحيانًا بالمعاملة كاملة وتصل التكلفة إلى 5 آلاف ليرة عن طريقهم.

“فوق الموت عصة قبر” يقول المراجعون، فرغم أنهم تركوا دراستهم ومشاغلهم فإن المعاملة السيئة ودفع الرشاوى بانتظارهم، لكن الردّ يكون على غرار صراخ أحد العساكر بالطوابير “مو إنتو بدكن تأجلو وبإرادتكن جايين لهون؟ إي تعذبوا لكن شهر مشان التأجيل وانبسطوا باقي السنة”.

المفارقة هنا أن نحو 90% من المراجعين هم من الشباب المتعلمين وطلاب الجامعات، في المقابل فإن معظم العساكر الذين يتحكمون بهم غالبًا لا يحملون شهادة تعليم أساسي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة