بعد عامين ونصف..

ما وراء إعلان كوريا الشمالية عن تفشي “كورونا” لأول مرة

camera iconالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يتفقد بناء منطقة سكنية في مدينة بيونغ يانغ- 3 من نيسان 2022 (KCNA)

tag icon ع ع ع

قالت وسائل الإعلام الرسمية لدولة كوريا الشمالية اليوم، الجمعة 13 من أيار، إن ستة أشخاص لقوا حتفهم، من جراء حمى انتشرت “بشكل متفجر” في جميع أنحاء البلاد، وأحد الأشخاص الستة أُصيب بمتحور “أوميكرون”، ولم يتضح على الفور عدد الإصابات بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

وأكدت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، أن 350 ألف شخص أُصيبوا بالحمى منذ أواخر نيسان الماضي، تعافى منهم 162 ألف شخص، واكتشفت الدولة 18 ألف شخص ظهرت عليهم أعراض الحمى الخميس 12 من أيار وحده، ويجري عزل 187 ألف شخص لتلقي العلاج.

يأتي ذلك بعد يوم من اعتراف البلاد بتفشي فيروس “كورونا” لأول مرة منذ بداية الوباء، بعد أن احتفظت لأكثر من عامين بادعاء مشكوك به على نطاق واسع بشأن سجل مثالي يحافظ على الفيروس، الذي انتشر في كل مكان بالعالم تقريبًا.

لا تزال كوريا الشمالية، التي تعد بالفعل واحدة من أكثر المجتمعات المنغلقة في العالم، في حالة إغلاق صارم للوباء، وأغلقت حدودها باستثناء الحد الأدنى من التجارة مع الصين، مع تداعيات خطيرة على الصحة والأمن الغذائي لسكانها.

تعتقد جو ميونغ هيون، من معهد “آسان” للدراسات السياسية في سيول، أن السبب الرئيس وراء اعتراف النظام رسميًا بوجود “كورونا” في البلاد هو أنه حدث في العاصمة بيونغ يانغ، وأن النظام يعرف أن العالم سيكتشف ذلك عاجلًا أم آجلًا”، وربما يتعلق الأمر بإظهار السيطرة بدلًا من البكاء طلبًا للمساعدة”، حسب قولها.

وفي حين أن هذه ليست على الأرجح أول حالة إصابة بفيروس “كورونا” في كوريا الشمالية، بحسب ما قالته جو، ربما تكون قد قدمت فرصة لكيم، لتأكيد جهوده للسيطرة على الفيروس، خاصة بالنظر إلى التقارير التي تدور بالفعل حول إغلاق بيونغ يانغ.

الترويج للإنجازات برفض المساعدات

ومن غير المعتاد أن تعترف كوريا الشمالية المعزولة بتفشي أي مرض معدٍ، بالأخص مرض كبير مثل “كورونا”، إذ إنها فخورة للغاية وحساسة للتصور الخارجي حول “المدينة الفاضلة الاشتراكية”، حسب وصفها لنفسها.

في عام 2021، رفضت كوريا الشمالية ما يقارب ثلاثة ملايين جرعة من لقاح “سينوفاك” الصيني، قائلة إن الشحنات يجب أن تذهب إلى الدول الأخرى التي تحتاج إليها أكثر، كما رفضت أيضًا مليوني جرعة من لقاح “أسترازينيكا” بسبب مخاوف واضحة بشأن الآثار الجانبية المحتملة، وفقًا لوكالة الأنباء “رويترز“.

وكانت كوريا الشمالية في أوائل عام 2020، قبل انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء العالم، اتخذت خطوات صارمة لإبعاد الفيروس، ووصفت الجائحة بأنها مسألة “وجود وطني”، وأوقف ذلك حركة المرور والتجارة عبر الحدود لمدة عامين، ويُعتقد أن الزعيم الكوري أمر القوات بإطلاق النار فورًا على أي متسللين عبروا حدودها.

أدى إغلاق كوريا الشمالية الصارم للحدود الذي لا يسمح إلا بحد أدنى من التجارة مع الصين سابقًا، إلى تفاقم أزمة الغذاء في البلاد وفقًا للأمم المتحدة، وألقى الزعيم الكوري كيم باللوم على “الإهمال والتراخي وعدم المسؤولية وعدم الكفاءة” لقطاع الوباء في تفشي المرض.

رغم أن كيم كان صريحًا في بعض الأحيان بشأن إخفاقات نظامه ومشكلاته، مثل الاعتراف بـ”أزمة الغذاء” في البلاد، من الجدير بالملاحظة بالنسبة لكوريا الشمالية أن تعترف بوجود ثغرات في إجراءاتها المضادة للفيروسات، بحسب ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست“.

شبح اللقاحات وافتقار الحاضنات

أشار المسؤولون الكوريون الشماليون بشكل خاص إلى أنهم يفضّلون لقاحات الحمض النووي للفيروس (mRNA)، مثل: “فايزر” أو “موديرنا”، وفقًا لتقرير صادر عن لجنة من الخبراء، عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن.

ووجدت اللجنة أنه مع عدم وجود لقاحات على الإطلاق، فإن كوريا الشمالية تخاطر بأن تصبح بؤرة للمتغيرات الجديدة نتيجة انخفاض مناعة السكان ضد الفيروس.

تشير وتيرة انتشار الحمى إلى أن الأزمة قد تستمر لأشهر وربما حتى عام 2023، ما يتسبب في اضطراب كبير بالدولة السيئة التجهيز، وفقًا للمحلل بمعهد “سيجونغ” في كوريا الجنوبية، تشيونغ سيونغ تشانغ.

شكّك العديد من الخبراء الأجانب بادعاء كوريا الشمالية بأنها خالية من فيروس “كورونا”، لكن المسؤولين الكوريين الجنوبيين قالوا إن كوريا الشمالية قد تجنبت على الأرجح تفشي المرض على نطاق واسع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها وضعت ضوابط صارمة للفيروس منذ بداية الوباء تقريبًا.

من المحتمل أن كوريا الشمالية ليست لديها اختبارات كافية للفيروس، وقالت إنها لا تعرف سبب الحمى الجماعية، لكن تفشي فيروس “كورونا” بشكل كبير يمكن أن يكون مدمرًا في بلد به نظام رعاية صحية معطل وسكان غير محصنين يعانون من سوء التغذية، بحسب ما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس“.

يقول الخبراء إن كوريا الشمالية تفتقر أيضًا إلى اللقاحات المضادة للفيروسات، ومن المحتمل أن يكون لديها عدد قليل جدًا من وحدات العناية المركزة لعلاج الحالات الخطيرة، والتي قد تسبب معدلات وفيات أعلى من الدول الأخرى،

تفتقر البلاد إلى أنظمة التخزين شديدة البرودة اللازمة للقاحات مثل “فايزر” و”موديرنا”، والتي أظهرت معدلات أعلى للوقاية من العدوى والأمراض الخطيرة والموت حتى ضد المتغيرات الأحدث مثل “أوميكرون”.

تحت غطاء المساعدات لتمويل برنامجها النووي؟

رغم الاستجابة المتزايدة للفيروس، أمر كيم المسؤولين بالمضي قدمًا في البناء المجدول والتنمية الزراعية ومشاريع الدولة الأخرى مع تعزيز الموقف الدفاعي للبلاد لتجنب أي فراغ أمني.

وبعد ساعات من تأكيد تفشي الفيروس، أطلقت كوريا الشمالية ثلاثة صواريخ باليستية قصيرة المدى باتجاه البحر في استعراض واضح للقوة.

وهذه هي الجولة الـ16 من إطلاق الصواريخ لكوريا الشمالية هذا العام، إذ تهدف للضغط على الولايات المتحدة لقبول فكرة أن تكون البلاد قوة نووية، كما أنها حريصة على التفاوض بشأن تخفيف العقوبات والتنازلات الأخرى من موقع القوة.

إقرأ أيضًا: أطلقه الزعيم الكوري بتصوير هوليودي.. تعرف إلى “الصاروخ الوحش”

قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين ساكي، ردًا على رفض كوريا الشمالية لقاحات “كوفاكس”، إن الولايات المتحدة تدعم جهود المساعدات الدولية لكنها لا تخطط لمشاركة إمدادات اللقاح مع كوريا الشمالية.

وأضافت أن الولايات المتحدة تواصل دعم الجهود الدولية الهادفة إلى توفير المساعدات الإنسانية الضرورية للكوريين الشماليين الأكثر ضعفًا، “وهو الجزء الأوسع من جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية التي تواصل استغلال مواطنيها من خلال عدم قبول هذا النوع من المساعدة”.

وأوضحت أن المساعدات تشمل مجموعة من المساعدات الإنسانية بجانب اللقاحات التي يمكن أن تساعد كثيرًا الشعب والبلد، لكن كوريا الشمالية بدلًا من ذلك تحول الموارد لبناء برامجها النووية والصواريخ الباليستية غير القانونية، بحسب قولها.

في 14 من نيسان الماضي، أصدر مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي (FBI)، بيانًا أسند فيه النشاط السيبراني “الخبيث” بسرقة عملات مشفرة عبر استهداف مستخدمي لعبة الفيديو  الشهيرة “آكسي إنفينيتي”، إلى جمهورية كوريا الشمالية.

وتمكّن المكتب من خلال التحقيق من التأكد من أن “لازاروس غروب” و”آي بي تي 38″، الجهتين الفاعلتين الإلكترونيتين المرتبطتين بكوريا الشمالية، مسؤولتان عن سرقة 620 مليون دولار من عملة “إيثريوم” ثاني أكبر العملات من ناحية القيمة السوقية.

تدرك الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية تعتمد بشكل متزايد على الأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية لتوليد إيرادات لأسلحة الدمار الشامل وبرامج الصواريخ الباليستية في الوقت الذي تحاول فيه التهرب من العقوبات الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

فرضت الولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات مشددة بشكل متزايد على كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة، لمحاولة كبح برامجها النووية والصاروخية الباليستية.

وتعتبر كوريا الشمالية “فريدة” في توظيف مجموعات مخصصة لسرقة العملات المشفرة، فسرقات العملات المشفرة، تعتبر مصلحة أمنية وطنية بالنسبة لهم، بينما تخضع كوريا الشمالية لعقوبات شديدة، وفقًا لمحلل التهديدات في شركة الأمن الرقمي “Netenrich” جون بامبنيك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة