يافا دياب.. ريشة شابة تكحّل عيون الثورة السورية

camera iconاللوحة المشاركة في “الفن بلا حدود من أجل السلام والدفاع عن حقوق الإنسان” المقام في إيطاليا في 18 من حزيران 2022 للرسامة السورية يافا دياب (يافا دياب/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

“القناعة الداخلية وحب النشاط الفني يشكّلان دافعًا جيدًا للاستمرارية وإنعاش الشغف حين يغلبه الخمول”، هكذا عبّرت الرسامة السورية الشابة يافا دياب، في حديث إلى عنب بلدي، عن مدى ارتباطها بالحالة الفنية التي تسعى لتكريسها بالريشة واللون، خدمة للثورة السورية.

شاركت يافا، في 18 من حزيران الحالي، في المعرض الجماعي الدولي الذي حمل اسم “الفن بلا حدود من أجل السلام والدفاع عن حقوق الإنسان” المقام في إيطاليا، وحصلت على جائزة “السلام الدولية” للسلام والدفاع عن حقوق الإنسان.

واختارت يافا للمعرض لوحة لعين خضراء إلى جانبها الكثير من الأرقام، باعتبار أن “العين عنصر الجذب الأكبر، وهذا ما يفسر النظر في عيني الآخر عند الحديث إليه مثلًا”، وفق رأيها، موضحة في الوقت نفسه أن دلالة اللون الأخضر مرتبطة إلى حد بعيد بخضرة الثورة وما يحمله اللون من صفاء وطاقة إيجابية، وارتباط الأخضر بالزيتون، في إشارة إلى مدينتها إدلب، الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ويقيم فيها ملايين السوريين المهجرين من مدنهم وقراهم وبلداتهم تحت وطأة الخوف والقصف.

وشكّلت الأوعية الدموية في العين وجوه الكثير من السوريين الذين قُتلوا على يد قوات النظام السوري، ولكل منهم حكايته الخاصة.

كما يتجلى منشد الثورة السورية عبد الباسط الساروت، الذي توفي في 8 من حزيران 2019، متأثرًا بجروح أصابته على مشارف قرية تل ملح في ريف حماة.

وفي اللوحة يبدو الساروت رافعًا سبابته عاليًا، في محاكاة لإحدى صوره الشهيرة، وخلفه أناس كثر، فيما يشبه المظاهرة، وكل ذلك يجري في عين مفتوحة على اتساعها ترنو إلى النصر، ولغد يعوّض الأمس واليوم معًا.

وحول الأرقام الموجودة على الجانب الأيسر من اللوحة، قالت يافا، “السوريون ليسوا مجرد أرقام، حتى لو تعامل العالم معهم وفق هذه المنهجية المجحفة”، مشيرة إلى القتل اليومي والمجاني، والتهجير والاعتقال واللجوء والنزوح الذي يعيشه الشعب السوري، فجاءت الأرقام انتقادًا للآلية التي تعامل بها المجتمع الدولي مع الملف السوري.

تؤكد يافا أن التكريم بحد ذاته ليس إضافة دون النظر إلى دافع المشاركة بحد ذاتها، مبيّنة أن غرضها من الانخراط في المعارض الدولية والمسابقات العالمية هو إيصال صوت السوريين وقضيتهم دون كلمات، طالما أن الحديث على مدار 11 عامًا لم يوقف قصفًا أو يمنع اعتقالًا أو يحقن دمًا.

لوحة للرسامة يافا دياب تجسد مظاهرة مناهضة للنظام السوري ترتفع فيها المطالبات بإسقاط النظام إلى جانب علم الثورة (يافا دياب/ فيس بوك)

“امتلاك الشخص موهبة لا يعني أنها ملكه وحده مقدار ما هي ملك للآخرين، فمن الضروري تسخيرها لخدمتهم ونصرة قضاياهم”، بحسب ما قالته يافا، فـ”حين يصعب سلخ قضية الآخر عن قضية الفنان نفسه، باعتبارها قضية واحدة أصلًا، تتمحور كيفما اتجهت في هذه الحالة حول الثورة السورية”.

وحول أهمية العمل والنشاط الفني في الثورة، تعتبر يافا الثقافة الفنية عزاء ونصرة للمتعبين، ورسالة غير منطوقة، فحواها أمل واكتراث بمشاعر الناس، ليدركوا أن هناك من يهتم بمآسيهم وهواجسهم، على أمل أن يخفف ذلك عنهم شيئًا من وطأة الألم الذي يكابدونه كروتين يومي منذ سنوات.

تمنح يافا لوحاتها أسماء، مشددة على أن اللوحة كالطفل، بحاجة إلى اسم ورعاية أيضًا، ففيها جزء من شخصية من يمسك الريشة، وتتطلّب الكثير من المشاعر التي تتكثف قبل تفريغها بما يلائمها من لون سينعكس بصريًا ونفسيًا على المتلقي، فلا يمكن الرسم عن قيم الجمال والعذوبة في الحياة حين يكون الفنان نفسه منهكًا أو محبطًا أو حزينًا، والعكس بالعكس، برأيها.

كما جمعت الكثير من رسوماتها، وقدمتها في مادة مصوّرة في آب 2021، تحت عنوان “أن ترسم بروحك لا بيدك”.

لوحة تجسد معاناة أحد المعتقلين في سجون النظام إلى جانب مطرقة مطلية بالأحمر (دلالة على استخدامها في التعذيب)_ (الرسامة يافا دياب/ فيس بوك)

القناعة والصدق والتصالح مع الذات، والشعور بما ترغب بتجسيده، يسهم برأي يافا في إيصال الرسالة والتأثير في المتلقي، حتى لا يكون الفن على اختلاف أنواعه موجهًا أو مؤدلجًا، أو يصب في خدمة كيان أو جهة ما تستثمر في القيمة الفنية لخدمة مصالحها.

تأمل يافا أن تستأنف مشوارها التعليمي، وتتخصص في مجال علم النفس، وهي لا تتعامل مع الفن كمهنة ووسيلة للربح، محتفظة بمنتجها الفني لنفسها، إلى جانب تقديمها هدايا من هذا النوع لبعض المدارس أو رياض الأطفال في إدلب.

“أحب التجريب في الفن، وتنفيذ ما يتبادر إلى ذهني ومخيلتي من أفكار فنية، آمل لبعضها ألا يظل حبيس الفكرة، ويتجسد واقعًا جميلًا في الحياة”.

لوحة للرسامة يافا دياب تجسيدًا للتعذيب في سجون النظام السوري (يافا دياب/ فيس بوك)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة