أربعة أعوام على “النكبة الحورانية”.. حين تخلت واشنطن وحلفاؤها عن الجنوب

فرق الدفاع المدني تخلي ضحايا القصف الصاروخي على ريف درعا الشرقي - 19 من حزيران 2018 (الدفاع المدني)

camera iconفرق "الدفاع المدني" تخلي ضحايا القصف الصاروخي على ريف درعا الشرقي- 19 من حزيران 2018 (الدفاع المدني)

tag icon ع ع ع

قبل أربعة أعوام من اليوم، في 29 من حزيران، كانت قوات النظام تدك الريف الشرقي لمحافظة درعا بقصف جوي وبري، محاولة التقدم على الأرض.

يستذكر الشاب محمد المفعلاني (25 عامًا) ذكرى التهجير من بلدته ناحتة في ريف درعا الشرقي الذي بدأ منذ نزوحه من بلدة غصم القريبة من بصرى وبعدها إلى تل شهاب في ريف درعا الغربي، بحثًا عن الأمان وهربًا من القصف الذي استهدف تلك المناطق.

لجأ المفعلاني وعائلته إلى بلدة الرفيد على الشريط الحدودي قرب الجولان السوري المحتل، وقال لعنب بلدي، “حملت وعائلتي أمتعتنا الشخصية فقط على عجل. وخرجنا من البلدة، وطيران النظام وروسيا لا يهدأ في سماء البلدة”.

وتابع، “لن أنسى طوابير سيارات المدنيين، بكاء الأطفال ووجوه النساء وهي شاحبة، كانوا يحملون أمتعتهم كيوم الحشر، ولم نجد مكانًا نؤوي إليه في الرفيد. نمنا في سيارتنا بعد أن وضعنا شادرًا يقينا من حر الشمس”.

كان محمد يعاني من إصابة في القدم نتيجة قصف البلدة، ويروي لعنب بلدي توجهه للمستشفيات الميدانية، ورؤيته الجرحى الذين كان من بينهم العديد من الأطفال.

“أبو باسم” (50 عامًا) من سكان بلدة صيدا، قال عن وقائع النزوح في ذلك اليوم، “لم نجد مكانًا نؤوي إليه سوى ظل مبنى حكومي، فالحدود أُغلقت ودول العالم أطلقت يد النظام والروس علينا رغم مرارة التهجير”.

لكن ما كان يهم “أبو باسم” ليس فقط تأمين نفسه وعائلته، بحسب ما قاله لعنب بلدي، بل “كانت الأخبار القادمة عن سقوط بلدات جديدة أشد مرارة”.

ما الذي جرى

كانت قوات المعارضة قبل حزيران 2018 تسيطر على كامل الريف الشرقي حتى الحدود الإدارية لمركز مدينة درعا، التي حافظت عليها قوات النظام إلى جانب درعا البلد والريف الغربي وقسم كبير من الريف الشمالي وعلى محافظة القنيطرة.

وفي أيار 2017، وتحديدًا في الجولة الرابعة لاجتماعات “أستانة”، وقّعت كل من روسيا وإيران وتركيا على إضافة المنطقة الجنوبية لمناطق “خفض التصعيد”.

والتزمت الفصائل العسكرية بهذه الاتفاقية، وامتنعت عن تنفيذ أي عمل عسكري يخفف الضغط عن ريف دمشق الشرقي الذي كان يتعرض لحملات عسكرية مكثفة في شباط 2018.

وبعد اتفاقية وقف إطلاق النار، امتنعت “غرفة الموك” (لتنسيق الدعم)، ومقرها الأردن، عن تزويد المعارضة بالسلاح، على الرغم أن المعارضة كانت تخوض حربًا ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي سيطر على كامل حوض اليرموك وعلى تل الجموع الاستراتيجي.

كذلك أعلنت منظمة “فاب” الأمريكية، في منتصف آذار 2018، التوقف عن دعم مادة الطحين مع نهاية العام ذاته في جنوبي سوريا، بعد تزويد المنطقة بالطحين لمدة خمس سنوات سابقة.

واعتبر ناشطون حينها هذه الخطوة بمنزلة تشديد الحصار على المعارضة، وقال موظف إغاثي سابق لعنب بلدي، “منذ إعلان (فاب) التوقف عن تزويد المنطقة بمادة الطحين، تبيّن أن هناك سيناريو جديدًا للمنطقة، والذي ظهر لاحقًا بتسليمها للنظام السوري”.

ولم يكن إيقاف “فاب” الدعم بالطحين الإشارة الوحيدة، إنما توقفت مشاريع عديدة كانت تقوم على دعم البنية التحتية للجنوب السوري، وكذلك تراجع تقديم الأدوية.

وكانت المساعدات العسكرية والغذائية والطبية تدخل سوريا من معبر “الرمثا” الحدودي مع الأردن، الذي توقف العمل به بعد سيطرة النظام السوري على الشريط الحدودي.

وأضاف العامل الإغاثي الذي تحدث لعنب بلدي، أن قادة الفصائل في درعا والقنيطرة كانوا يعوّلون على موقف أمريكي يلجم روسيا والنظام السوري، إلا أن الصدمة كانت عندما تلقوا رسالة من الجانب الأمريكي مفادها: “نتوجه إليكم الآن لنؤكد ضرورة عدم الرد على الاستفزازات، فكروا بعوائلكم وأبناء شعبكم وافعلوا كل ما بوسعكم من أجل حقن الدماء”.

وبعد تخلي أمريكا والأردن عن المعارضة في الجنوب، تمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي من السيطرة على كامل الريف الشرقي خلال مدة 17 يومًا من المعارك، في حين دخلت درعا البلد والريف الغربي بمفاوضات “تسوية” مع الروس انتهت بتسليم السلاح الثقيل ودخول النظام المناطق دون إقامة حواجز عسكرية فيها.

وتعهدت روسيا لقادة الفصائل بتحقيق مطالبهم بالإفراج عن المعتقلين ورفع المطالب الأمنية وسحب الجيش لثكناته وعودة الموظفين المفصولين، إلا أن هذه المطالب لم تتحقق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة