تعا تفرج

جريمة الشيخ مبروك عطية

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

كنا نظن أن الله قد أصلح حال الشيخ مبروك عطية الذي اعتاد أن يوبخ النساء في برنامجه التلفزيوني، وخاصة إذا ذكرتْ له إحداهن، في اتصال هاتفي، أنها كانت “عَيَّانة”، فلم تستجب لرغبات زوجها.

هذه الفكرة الخاطئة عن الشيخ مبروك، وصلتنا عندما ابتدأ الفيديو الذي خصصه للتعليق على جريمة قتل الفتاة نيرة بالترحم عليها، وظل يترحم عليها حتى ظننا أنه خضع لعملية غسيل دماغ عكسية، فامتلأ رأسه بأفكار جمال الأفغاني وقاسم أمين وطه حسين وفرج فودة… ولكنه، فجأة، ودون سابق إنذار، التفت إلى الضحية المسكينة، المغدورة نيرة، ونزل بها بهدلة من كعب الدست، وخلال لحظات تطورت الحالة لديه، وتصاعدت، أو كما يقال عَمَّن يدخل في حالة الوجد الصوفية “شَيَّخ”، وصار يوبخ عموم النساء المصريات، موضحًا لهن أن خروج المرأة من بيتها، في هذه البلاد، ليس بالأمر الروتيني، يعني مش بالبساطة التي تخرج بها نساء العالم كله إلى جامعاتهن وأعمالهن، بل إنه يجب أن يكون مدروسًا، مخططًا له، فأن تسرّح شعرها، وتدردره، فيصبح مهفهفًا على الخدود، وترتدي المحزق، والملزق، والملفلف، وتخرج، فهذا يعني أنها خرجت لحتفها، وهنا يبدأ الشيخ مبروك بالإساءة غير المقصودة لشبان مصر، فيصورهم على أنهم كائنات غريزية بهيمية “ريقها يجري” عندما يرون فتاة طبيعية تعبر الشارع نهارًا. وهنا يوجد عند الشيخ مبروك شيء جديد، من الوكالة، وهو أن الشاب ذا الريق الجاري لا يلحق الفتاة لكي “يلطشها حكي”، ويقول لها: هتندم يا جميل، أو أنا دخيل ريحة عطر الشانيل، أو يمد يده فيقرصها مثلًا، لا لا، هذا النوع من التحرش، في قاموسه، عفا عليه الزمن، فالحديدة اليوم حامية، والقتل جارٍ على قدم وساق، وكأننا في مسلخ كبير! ويلخص الشيخ الكبير، المحبوب، ذو الجمهور الواسع، نصائحه لبنات مصر المسكينات بقوله: اطلعي من بيتك قفة، وبوقتها مش هيقدر أبو ريق جاري أنه يصطادك.

لم يأتِ الشيخ مبروك عطية من فراغ، فمحاولات “الإخوان المسلمين” تحجيب نساء مصر (بالعافية) موجودة منذ الخمسينيات، بدليل الخطاب الذي ألقاه جمال عبد الناصر (موجود على يوتيوب)، وحكى فيه للشعب، بشكل علني، أن مرشد “الإخوان المسلمين”، مأمون الهضيبي، قد جاء إليه طالبًا منه، باعتباره حاكم البلاد، أن يفرض الطرحة (الحجاب) على نساء مصر قشة لفة، وعبد الناصر، وقتها، ميّع الموضوع، فجعله يشبه النكتة، إذ قال للمرشد: ابنتك في كلية الطب غير محجبة، فإذا كنت مش قادر تحجب فتاة واحدة، كيف أحجب أنا عشرة ملايين امرأة؟

لم يقصر مشايخ السلفية عن رجال “الإخوان” في السعي المحموم لتحجيب المجتمع المصري، بل إنهم تمكنوا، منذ الصحوة التي ابتدأت في السبعينيات، من تحجيب حتى تلميذات الابتدائي، ولسنا بحاجة لعرض مقاطع من أقوالهم، فهي موجودة على “يوتيوب”، يكفي أن نعرض ما قاله الشيخ متولي الشعراوي، من أن الفتاة غير المحجبة اللي بتمشي كده في الشارع، عايزة إيه؟ وأما اللي لابسة طويل، فكأنها تقول للناس: انتبهوا، أنا مش من الجماعة دول!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة