حرب كلامية بين أمريكا والسعودية.. وقودها النفط

Biden

camera iconالرئيس الأمريكي، جو بايدن، يحيي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بقبضة يده خلال زيارة للمملكة في 15 من تموز 2022 (AFP)

tag icon ع ع ع

تمارس الولايات المتحدة التي ظهرت عاجزة مرة أخرى، في محاولتها تأخير قرار خفض إنتاج النفط لمنظمة “أوبك+” وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، سياسة لم تعد تؤتِ ثمارها مع الحليف الذي ربما أصبح ندًا بكثرة الصد.

كان قرار خفض الإنتاج أحدث علامة على تدهور العلاقات السعودية- الأمريكية، تمثّلت أولاها برفض زيادة الإنتاج، عقب الوعيد الأمريكي بتقييم العلاقات مع السعودية لانتهاكات حقوق الإنسان، الذي كسره غلاء أسعار الطاقة.

اليوم، الأحد 16 من تشرين الأول، عاد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، لينقل على لسان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قوله إنه سيتصرف “بشكل منهجي” في إعادة تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية عقب قرار خفض إنتاج النفط الأسبوع الماضي.

وأوضح سوليفان أن بايدن ليست لديه خطط للقاء ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في قمة زعماء “مجموعة العشرين” في تشرين الثاني المقبل، ولا توجد تغييرات “وشيكة”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز“.

كان بايدن تعهد سابقًا بإعادة تقييم العلاقات الأمريكية- السعودية، في بداية توليه الحكم عام 2021، بعد أن وعد بجعل الرياض “منبوذة” خلال الحملة الرئاسية لعام 2020 وسط انتهاك لحقوق الإنسان إثر مقتل الصحفي والناقد السياسي السعودي جمال خاشقجي.

لكن بعد أن ارتفعت أسعار الوقود بشكل حاد هذا العام، متأثرة بالغزو الروسي لأوكرانيا، سعى بايدن لإصلاح العلاقات مع السعودية، من خلال زيارة للسعودية في تموز الماضي، في محاولة أظهرت فشلها بإقناع البلاد بزيادة إنتاج النفط.

أدى فشل بايدن في تحقيق أي تعهد من أكبر منتجي النفط في منظمة “أوبك” لزيادة المعروض من النفط خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، إلى بقاء إمدادات النفط شحيحة، ما أبقى الأسعار مرتفعة.

خفض ممنهج

بعد أيام من قرار خفض الإنتاج، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن السعودية دفعت دول “أوبك +” الأخرى إلى خفض الإنتاج.

ولفت كيربي إلى أن “أكثر من عضو في (أوبك) اختلفوا مع مساعي السعودية لخفض الإنتاج، وشعروا بأنهم مضطرون إلى التصويت”، مضيفًا أنه لن يفصح عن الأعضاء للسماح لهم بالتحدث بأنفسهم.

وكانت الإمارات والعراق والبحرين من بين الأعضاء الذين لم يكونوا مرتاحين للتخفيضات، وفقًا لأشخاص مطلعين على المناقشات، رغم عدم إعلان معارضتهم، بحسب ما ذكرته صحيفة “Financial Times“.

وأوضح كيربي عبر بيان نُشر في 13 من تشرين الأول الحالي، أن الولايات المتحدة قدمت للسعودية تحليلًا يظهر أنه لا يوجد أساس سوقي لخفض إنتاج النفط قبل قرار “أوبك +” بخفض الإنتاج.

وأكد أن التحليل أظهر أيضًا أن الخفض كان يمكن أن ينتظر حتى اجتماع “أوبك” المقبل، بعد انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة في تشرين الثاني المقبل.

وتحدد الانتخابات ما إذا كان الحزب “الديمقراطي” الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيحتفظ بالسيطرة على “مجلس الشيوخ”.

وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تضم 13 دولة وحلفاؤها، ومن بينهم روسيا، إنتاجها بمقدار مليوني برميل يوميًا الأسبوع الماضي، وكانت الرياض زعمت أن سبب خفض الإنتاج “اقتصادي بحت”.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية السعودية عبر بيان، في اليوم ذاته، إن قرار “أوبك +” اعتُمد بالتوافق، آخذين في الاعتبار توازن العرض والطلب، وبهدف كبح تقلبات السوق.

ودافع وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، عن القرار، في 5 من تشرين الأول الحالي، في تصريح للتلفزيون السعودي، قائلًا إن مصلحة بلاده تأتي أولًا، ثم مصالح الدول الحليفة، مشيرًا إلى أن القرار يراعي مصالح الجميع “لتنمية الاقتصاد العالمي”.

“رفض الإملاءات”

اعتبر كيربي تبريرات السعودية محاولة انقلاب على الواقع قائلًا، “يمكن لوزارة الخارجية السعودية أن تحاول الالتفاف، لكن الحقائق بسيطة”، مضيفا أن خفض الإنتاج من شأنه أن “يزيد الإيرادات الروسية ويقلل من فعالية العقوبات ضد روسيا لغزوها أوكرانيا”.

بدورها، ردت الحكومة السعودية على التصريحات الشديدة للولايات المتحدة بعد الإعلان عن القرار، مؤكدة أن القرار لم يتأثر بموقف المملكة من الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت وزارة الخارجية السعودية، إنها شعرت بضرورة إظهار “الرفض التام” للتصريحات التي “وصفت القرار بانحياز المملكة إلى طرف في النزاعات الدولية، وأنه كان لدوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأمريكية”.

وأكدت المملكة أنها في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على متانة علاقاتها مع جميع الدول الصديقة، فإنها تؤكد رفضها أي إملاءات أو أفعال أو جهود لتشويه أهدافها النبيلة لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات السوق النفطية، بحسب ما ذكرته “أسوشيتد برس“.

قال بن كاهيل، الزميل البارز في مركز “الدراسات الاستراتيجية والدولية”، إن السعوديين يأملون في أن تمنح تخفيضات الإنتاج “أوبك +” السيطرة على أسعار النفط، وتضمن عائدات نفطية كافية لحماية بلادهم من الركود.

وأضاف كاهيل أن “مخاطر الاقتصاد الكلي تزداد سوءًا طوال الوقت، لذا يتعين عليهم الرد”، وقال إنهم يدركون أن التخفيضات ستزعج واشنطن، لكنهم يديرون السوق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة