تعا تفرج

الداعية القنيبي وغبار الحذاء

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

لا أعرف الأخ إياد قنيبي. عرفتُ، مؤخرًا، أنه صيدلي أردني يعمل بصفة داعية إسلامي، عنده على “تويتر” نصف مليون متابع، وعلى منصات أخرى يتجاوز عدد متابعيه المليونين.

أنا لا أعلم، حقيقة، مَن الذي ابتكر وظيفة الداعية، وأكاد أجزم أنها غير لازمة، لأن الدعاة، جميعهم، يوجهون خطابهم للمسلمين، يعني الواحد منا مسلم (من الوكالة)، فكيف تدعوه إلى الإسلام؟ ومن خلال متابعتي، قديمًا، لعمرو خالد، وجدت أنه لا يدعو إلى الإسلام وحسب، بل إنه ذهب لأداء العمرة، ذات مرة، وراح يدعو الله أن يلهم المسلمين أن يضعوا له على منشوراته “لايكًا”، ويعملوا لها “شيرًا”! وأنا والله لا أمزح، ولا هو كان يمزح، بل إنه شوهد، في مكان آخر، يدعو لاستهلاك فراخ “الوطنية” بوصفها فراخًا مباركة.

المهم، إذا بحثتَ عن الداعية قنيبي في “يوتيوب”، ستجد أنه مؤيد لتنظيم “القاعدة” ومشتقاته، “داعش”، و”النصرة”، وله خطب مسجلة بالصوت والصورة، يدعو فيها لأن يناصر المسلمون السنة بعضُهم بعضًا، وهو باختصار، متشدد، يتبنى جهاد الطلب، وإقامة دولة إسلامية تحكمها الشريعة.

خطرت لي فكرة متشائمة، وهي أن هؤلاء الدعاة لا يدعون المسلمين لإعلان إسلامهم، ولكن للتشدد، وانطلاقًا من هذا، كتبت على “تويتر” ما يلي: أيش تتأمل من أمة فيها مليونا إنسان يتابعون إياد قنيبي؟ والحقيقة أن تلك الفكرة ناقصة، وكان يجدر بي أن أشير إلى أن هناك ملايين أخرى تتابع وجدي غنيم، وعبد الله رشدي، وهيثم طلعت، ومحمد حسين يعقوب، وأبا إسحاق الحويني، ومحمد حسان، وعلى أيام “الكاسيتات”، كان شريط خطبة جمعة للشيخ متولي شعراوي، أو عبد الحميد الكشك، أو محمد حسان، يباع منه، في مصر وحدها، بضعة ملايين نسخة، وهؤلاء، كلهم، لا يوجد عند أي واحد منهم شيء جديد، سوى طبقة الصوت، وحركة الجسم في أثناء الإلقاء (Body language)، والمادة الرئيسة التي يقدمونها للناس يختارونها من الفقه الإسلامي الحنبلي، كقتل المرتد وتارك الصلاة، وضرب المرأة، وجهاد الطلب، ومهاجمة اليهود والنصارى والشيعة، بالإضافة إلى تسفيه آراء التنويريين أو المجددين أمثال قاسم أمين، وعلي عبد الرازق، وطه حسين، ونصر حامد أبو زيد، وفرج فودة، وهذا الأخير قُتل بموجب فتوى من مفتي الجماعات الإسلامية الشيخ عمر عبد الرحمن، وأيد قتلَه شيوخ كثيرون، منهم محمد الغزالي الذي صرح أن قتله واجب على الدولة، فإذا تقاعست يصبح واجبًا على أي مسلم، وبالفتاوى ذاتها قُتل أنور السادات، وطُعن نجيب محفوظ في رقبته.

عندما نشرت التغريدة، كنت أتوقع أن يقوم بعض متابعي الداعية القنيبي بالاحتجاج عليّ، باعتبارهم يحبونه، ولكن، تبين لي أنهم لا يحبونه شخصيًا، بل غبار حذائه! وأرجو ألا تتخيل، عزيزي القارئ، أنني أقول هذا الكلام للمبالغة، بل إنها الحقيقة، فأكثر من 50 شخصًا سألني ذلك السؤال العجيب: أين أنت من غبار حذاء الشيخ إياد القنيبي؟

ملاحظة: أتوقع، بعد أن تُنشر هذه المادة في صحيفة “عنب بلدي”، أن تكون بعض التعليقات بالصيغة التالية: بالفعل يا بدلة، أين أنت من غبار حذاء القنيبي؟!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة