بينها "تيك توك" المتهم باستغلال المأساة السورية

التطبيقات الترويجية مصدر دخل لشباب سوريين في تركيا

camera iconشعارات تطبيقات "kwai"، و"Sweatcoin"، و"تيك توك" - (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد فنصة

“بحصة بتسند جرة”، هكذا وصف حسن المحمد، السوري المقيم في تركيا، حجم الفائدة المالية الذي دفعه لترويج أحد التطبيقات على الهواتف الذكية، في إشارة إلى أن الراتب الشهري الذي يتقاضاه لا يسد احتياجاته الشهرية في ظل ارتفاع الأسعار بعموم البلاد.

وقال حسن (31 عامًا) لعنب بلدي، إن غلاء المعيشة وضعف الراتب دفعاه للبحث عن مردود مالي إضافي لا يؤثر على عمله الأساسي، ليسد به جزءًا من المصاريف الشهرية التي تزداد بازدياد التضخم.

ومع ارتفاع معدل التضخم بشكل شهري، يعد المسؤولون الأتراك بزيادة الحد الأدنى للأجور نهاية العام الحالي، بشكل يتناسب مع غلاء أسعار المواد، وإيجارات المنازل.

وفي 13 من تشرين الأول الحالي، قال وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، فيدات بيلجين، “سنقوم بترتيب يقضي على أضرار التضخم على العمال”، في إشارة إلى الزيادة بالأجور التي ستحددها لجنة تحديد الحد الأدنى للأجور في كانون الأول المقبل.

وكان الحد الأدنى للأجور قد ازداد في تموز الماضي بنسبة 30% من قيمة الحد السابق، ليرتفع من أربعة آلاف و250 ليرة تركية إلى خمسة آلاف و500 ليرة، فيما وصل معدل التضخم على أساس سنوي خلال أيلول الماضي إلى 83.45%.

وفي 9 من حزيران الماضي، أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) تقريرها السنوي لعام 2021، ذكرت فيه أن أكثر من 70% من اللاجئين السوريين يعيشون في فقر، وهم معرضون للاستغلال وسوء المعاملة في بلدان اللجوء، بما في ذلك عمالة الأطفال والزواج المبكر.

ترويج ربحي يتبناه السوريون

تتبع العديد من الشركات المالكة لتطبيقات نظامي “أندرويد” و”ios” خططًا ترويجية لنشر تطبيقاتها بين المستخدمين، منها الإعلانات على المواقع الإلكترونية وداخل تطبيقات أخرى.

ومن طرق الترويج، تحفيز المستخدمين على نشر التطبيق بين الآخرين عن طريق مكافأة الناشرين والمستجيبين لهم بنقاط ربحية أو مبالغ داخل التطبيق.

وانتشرت مؤخرًا بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي بعض من هذه التطبيقات، استخدم حسن المحمد منها تطبيق “Kwai”، حيث أخذ على عاتقه نشره على أكبر نطاق ممكن، من خلال حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولم يكن حسن الوحيد، إذ تظهر العديد من المنشورات ضمن مجموعات السوريين في “فيس بوك”، أو غيره من وسائل التواصل، ينشرها سوريون يروجون للتطبيق، ويضعون تعليقات ضمن المنشورات المتفاعلة، ومنهم من خصص للتطبيق مجموعات لزيادة الربح.

لقطة شاشة لأحد المنشورات في مجموعة للسوريين على "الفيس بوك" تروج لتطبيق "Kwai" - (عنب بلدي)

لقطة شاشة لأحد المنشورات في مجموعة للسوريين على “الفيس بوك” تروج لتطبيق “Kwai” – (عنب بلدي)

 

جاء في تعريف تطبيق “Kwai” المجاني في صفحته على متجر “جوجل” للتطبيقات، أنه شبكة اجتماعية لمقاطع الفيديو القصيرة التي يمكن إنشاؤها ونشرها من قبل المستخدمين، وإضافة المؤثرات و”الفلاتر” لها، بشكل مشابه لتطبيق “تيك توك” المشهور، وحمّل التطبيق أكثر من 100 مليون مستخدم حول العالم، وهو من أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخدامًا في روسيا وأمريكا اللاتينية.

عن طريق هذه المنشورات تعرّف حسن إلى التطبيق، حيث استطاع أن يكسب عشر ليرات من كل شخص حمّل البرنامج عبر “رابط دعوة مميز” يخصصه التطبيق لكل مستخدم، بينما يكسب الطرف الثاني ليرة ونصفًا.

ويستطيع حسن أن يربح من كل مستخدم مبلغ 100 ليرة تركية كحد أقصى، عندما يشاهد من حمّل البرنامج عبر رابطه مقاطع الفيديو داخل التطبيق بشكل يومي، ولمدة شهر.

وعن حالات الربح الأخرى قال حسن، إنها لا تتناسب مع عمله في أحد معامل النسيج القماشي، الذي يمتد تسع ساعات يوميًا، إذ تتطلب التفرغ لإنشاء محتوى وتنزيل مقاطع مصوّرة بشكل يومي، حتى يبلغ عدد المتابعين خمسة آلاف متابع والحصول على هدايا من عروض البث المباشر.

وأفاد حسن أنه خلال شهر ونصف استطاع أن يجني نحو ألف ليرة من “دعوات” أرسلها لنحو 17 شخصًا، حيث يمكنه سحب المبلغ من خلال ربط حسابه البنكي بالبرنامج.

تجارة نقاط

على غرار تطبيق “Kwai”، انتشر قبله بعدة أشهر بين السوريين تطبيق للهواتف الذكية باسم “Sweatcoin”، الذي يحمل شعار “إنه يدفع لكي تمشي”، ويوصف في صفحته على متجر التطبيقات، بأنه تطبيق إحصاء الخطوات وتعقب النشاط، الذي يحوّل الخطوات إلى عملات يمكن إنفاقها على الأجهزة، ومعدات الرياضة، واللياقة البدنية، والخدمات والأنشطة، أو التبرع للأعمال الخيرية.

لكن السوريين يستخدمون التطبيق، الذي انطلق عام 2017، وجرى تنزيله أكثر من 50 مليون مرة، على نحو مختلف، وأشار محمد (30 عامًا)، وهو من أبناء ريف حلب ويقيم في تركيا، إلى أنه بدأ ترويج التطبيق بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي على أنه يدر المال مقابل الخطوات.

في حين أن التطبيق كان يعطي نقاطًا خاصة بالتطبيق، يمكن استخدامها لشراء منتجات محددة بأسعار مخفضة أو فقط دفع أجور الشحن التي كانت مرتفعة، لأن أغلبية المنتجات تباع في أمريكا أو أوروبا.

وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات من سوريين، تعرض شراء نقاط البرنامج من المستخدمين عن طريق تحويلها داخليًا ضمنه، مقابل تحويل مبلغ لصاحب النقاط بحسب عددها.

لقطة شاشة لأحد المنشورات في مجموعة للسوريين على "الفيس بوك" تعرض شراء نقاط لتطبيق "Sweatcoin" - (عنب بلدي)

لقطة شاشة لأحد المنشورات في مجموعة للسوريين على “الفيس بوك” تعرض شراء نقاط لتطبيق “Sweatcoin” – (عنب بلدي)

محمد، أحد الذين يشترون النقاط من السوريين مستخدمي التطبيق، أوضح لعنب بلدي أنه كان يجمع النقاط حتى تصل إلى نحو مئة ألف أو مئتي ألف نقطة، ثم يبيعها بدوره لأحد المستثمرين الأجانب أو العرب.

وبدأ مسار الاستثمار في التطبيق الشهر الماضي، بعد أن أصدرت الشركة المالكة للتطبيق عملة رقمية مرتبطة به، حيث تحولت النقاط الموجودة لدى المستخدمين يوم إطلاق العملة إلى عملة رقمية باسم “SWEAT”، ويمكن تحويلها لعملات رقمية أخرى عبر منصات خارجية مثل منصة “KuCoin”، أو “Trust Wallet”.

ويبلغ سعر ألف عملة من “SWEAT” نحو 18 دولارًا، بينما في الفترة الأخيرة كان يشتري محمد الألف نقطة من تطبيق المشي بنحو ستة دولارات من المستخدمين، وهو ما توقف منذ أيلول الماضي بعد انطلاق العملة الرقمية وتفضيل الناس تحويل نقاطهم إليها.

“تيك توك” يستغل مأساة السوريين

على مدار سنوات انتشار التطبيق الشهير “تيك توك”، واجه دعاوى قضائية عديدة، وغُرّم ماليًا لانتهاك خصوصية المستخدمين، وخصوصًا الأطفال.

وفي أيلول الماضي، جرى تغريم الشركة الصينية مالكة التطبيق في المملكة المتحدة بـ29 مليون دولار، بعد اتهامات طالتها بانتهاك قوانين حماية بيانات الأطفال لمدة عامين، كما غُرمت “تيك توك”، في تموز 2021، بنحو 800 ألف دولار من قبل هولندا لدعوى مماثلة.

وفي شباط 2021، وافقت شركة “ByteDance” المالكة على دفع 92 مليون دولار أمريكي، لتسوية دعوى قضائية جماعية بشأن انتهاكات الخصوصية في الولايات المتحدة، بحيث جمعت “بيانات شخصية شديدة الحساسية” لتتبع المستخدمين ووضعهم في استهداف الإعلانات.

ويُعرف عن التطبيق بأنه يعرض مقاطع مصوّرة قصيرة ترفيهية، ينتجها المستخدمون، ويمكن لأصحاب المتابعين (ألف أو أكثر) منهم، عبر ميزة “البث المباشر”، الحصول على الدعم والهدايا الافتراضية، التي يمكن سحبها نقدًا فيما بعد.

وقال حسن الجدي (27 عامًا)، المتابَع من قبل أكثر من 32 ألف مستخدم على “تيك توك”، لعنب بلدي، إنه كان ينشر نحو مقطعين إلى أربعة مقاطع مصوّرة يوميًا عبر التطبيق حتى وصل إلى هذا العدد من المتابعين.

وأوضح أن مواضيع المقاطع تدور حول “الترندات” المنتشرة، مع استعمال “الهاشتاغ” المناسب، لزيادة الوصول والإعجابات عبر التطبيق من قبل المستخدمين، مؤكدًا أن المقاطع لم تتطلب منه مجهودًا لقصرها، وانتشار أدوات و”فلاتر” تعديل المقاطع ضمن التطبيق.

وفي 12 من تشرين الأول الحالي، كشف تحقيق استقصائي لشبكة “bbc” عن “استغلال” تطبيق “تيك توك” للسوريين في مخيمات النزوح، إذ تأخذ الشركة المالكة نسبة 70% من التبرعات الممنوحة لأطفال يتسولون عبر البث المباشر على منصتها.

ووجدت “bbc” في مخيمات شمال غربي سوريا، أن البث يجري تسهيله من قبل أطراف يُطلق عليهم اسم “وسطاء تيك توك”، الذين يزوّدون العائلات بالهواتف والحسابات والمعدات لبدء طلب المساعدات على التطبيق، مقابل نسبة يقتطعونها من الأرباح.

وتشترط قواعد “تيك توك” بأنه ينبغي على المرء ألا يطلب الهدايا بشكل مباشر، وأن “يمتنع عن أذية أو تهديد أو استغلال” القاصرين عبر تلك المنصة.

ولاختبار مدى التزام التطبيق بسياسته المتعلقة بحماية الأطفال، استخدمت “bbc” ميزة للإبلاغ عن أكثر من 30 حسابًا لأطفال يتسولون، لكن “تيك توك” نفت حينها وجود انتهاك في أي من هذه الحسابات، في حين عندما اتصل معدو التحقيق مباشرة بالشركة، حظرت الأخيرة كل تلك الحسابات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة