هاتاي.. عمال سوريون لا يتقاضون الحد الأدنى للأجور

camera iconلاجئ سوري يعمل بورشة موبيليا في ولاية هاتاي التركية- 19 من كانون الثاني 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“إن لم تعجبك ظروف العمل، اتركه سأجد بسهولة شخصًا يعمل مكانك”، هذه العبارة التي يسمعها الشاب جمعة (25 عامًا) عند المطالبة بأبسط حقوقه في العمل.

ورغم أن الشاب يعمل منذ خمس سنوات بمصنع للموبيليا في ولاية هاتاي، لم يستطع حتى الآن الحصول على إذن عمل، وفق ما قاله لعنب بلدي.

في مدينة هاتاي التركية، يُجبر عديد من اللاجئين السوريين على تولي وظائف غير رسمية منخفضة الأجر لتغطية نفقاتهم. وغالبًا ما يواجه هؤلاء العمال ظروف عمل سيئة ولا يتمتعون بحماية قوانين العمل.

ويتقاضى العمال أجورًا أدنى بكثير من نظرائهم الأتراك، وليست لديهم إمكانية الوصول إلى مزايا مثل التأمين الصحي أو أيام الإجازة المدفوعة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي من عمال سوريين في الولاية.

وفي مطلع العام الحالي، أعلنت وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية رفع الحد الأدنى للأجور من 5500 إلى 8500 شهريا (454 دولارًا أمريكيًا)، وبذلك ارتفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 94% مقارنة بعام 2022، وبنسبة 50% مقارنة بتموز من العام نفسه.

أجور متدنية

“أدفع شهريًا ما بين أجرة منزل وفواتير 2500 ليرة تركية بينما لا يتجاوز راتبي سبعة آلاف”، بهذه الكلمات اشتكى الشاب جمعة، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب اجتماعية، تدني الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة.

ويجبر جمعة وأخوه على العمل بظروف سيئة وبأجور متدنية لإعالة عائلتهما المكوّنة من سبعة أشخاص، بينما يرفض الشاب ترك العمل خوفًا من عدم الحصول على فرصة بديلة جرّاء محدودية فرص العمل.

وقال إن العثور على فرصة عمل يعني تراجع راتبه إلى ما دون الخمسة آلاف، إذ يتجاهل أصحاب العمل خبرة العمال السوريين ويعاملونهم كمستجدين في المهنة، بحسب ما قاله الشاب.

وأرجع جمعة سبب قلة الأجور إلى عدد السوريين الكبير في الولاية، واعتقاد أرباب العمل أن المعيشة في مدينة هاتاي منخفضة، رغم علمهم بارتفاع أسعار كل شيء، وأنها لا تختلف عن بقية المدن التركية من ناحية الأسعار.

ولا تقتصر هذه المعاناة على جمعة، إذ قال عبد القادر (30 عامًا)، تحفظ على ذكر اسمه الكامل، لعنب بلدي، “راتبي لا يتجاوز ثمانية آلاف، بينما يحصل التركي الذي يعمل بجانبي على أكثر من عشرة آلاف شهريًا”.

“أدفع أكثر من نصف الراتب على الفواتير وإيجار المنزل”، تابع الشاب الذي يعمل في منشرة للخشب، منتقدًا تدني الأجور وغلاء المعيشة.

ويرجع رفع الأجور في تركيا الى ارتفاع نسبة التضخم الى مستويات قياسية، حيث بلغت 64.27% بنهاية عام 2022، وانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي (الدولار يعادل 18.87 ليرة).

حقوق العمال مفقودة

يعمل جمعة منذ خمس سنوات، بينما يعمل عبد القادر في مهنته منذ أربع سنوات، وما زال الشابان عاجزين عن الحصول على إذن عمل.

ورغم أن سنوات العمل الطويلة يُفترض أن تضمن حقوق العمال، يرفض أصحاب العمل توفير أبسط الحقوق، وهي الحد الأدنى للرواتب وإذن العمل، وفق ما طالب به الشابان.

بدوره، قال جمعة، إن التهديد بالطرد أول رد يواجه فيه الشباب حين يطالبون بحقوقهم، ما يدفعهم لقبول الأمر الواقع.

ويضمن إذن العمل حق العامل في الحصول على الحد الأدنى للأجور الذي تحدده وزارة العمل، بالإضافة إلى حصوله على ضمان صحي يُدفع من طرف صاحب العمل.

ويحق لحاملي بطاقة “الحماية المؤقتة” (الكملك) الحصول على إذن عمل بشرط مضي ستة أشهر على وجوده في تركيا، وأن يقدم على الإذن من الولاية المقيم فيها.

وبحسب أحدث إحصائية لوزارة العمل، بلغ عدد الحاصلين على تصريح عمل في تركيا بنهاية عام 2021، 91 ألفًا و500 شخص سوري الجنسية.

ومع زيادة ترحيل السوريين في الآونة الأخيرة، يخشى السوريون العاملون بأجور متدنية مغادرة الولاية المسجلين فيها أو ترك عملهم، إذ يمنع حامل “الكملك” مغادرة المكان المقيم فيه دون الحصول على إذن سفر.

عمل غير رسمي

بسبب عدم امتلاك السوريين أذون عمل، لا يملك معظمهم أي ضمانات لحماية حقوقهم، ما يجبرهم على العمل لساعات تفوق الحدود القانونية وبأجور منخفضة، بحسب منصة “Teyit” المختصة بالتحقيق وتعزيز الأنشطة التعاونية.

وتأتي التجارة والبناء والصناعة والزراعة في المرتبة الأولى بين القطاعات غير الرسمية التي ينخرط فيها اللاجئون السوريون، ويعملون في الغالب بقطاعات التصنيع مثل المنسوجات والملابس و”التريكو” والجلود والأحذية.

وفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية عام 2020، في حال جرى توظيف العمال السوريين بشكل رسمي، ستتضاعف التكاليف التي يجب دفعها، ومن ناحية أخرى قد يختار السوريون البقاء غير مسجلين خوفًا من قطع المساعدات التي يتلقونها.

وبحسب التقرير نفسه، يعمل أكثر من 75% من السوريين نحو 45 ساعة، وهي المدة القانونية للعمل الأسبوعي في تركيا.

ويعد متوسط دخل السوريين أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، إذ ذكر التقرير أن المواطنين الأتراك في المتوسط يكسبون 63.1% أكثر من السوريين.

وبلغ عدد السوريين المسجلين ضمن “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و522 ألفًا و36 لاجئًا، وقفًا لأحدث إحصائية صادرة عن دائرة الهجرة التركية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة