هل تغيرت عادات رمضان لدى العائلات السورية- التركية

إفطار رمضاني جماعي في حي الفاتح في اسطنبول (صالح علي فزلي أوغلو/ الأناضول)
tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

رغم أن العادات الرمضانية مستمدة بمعظمها من التراث الإسلامي، فإنها تختلف بين المجتمعين السوري والتركي في بعض تفاصيلها، ويشمل هذا الاختلاف ثقافة وتقاليد موائد الطعام.

تزايد المصاهرة بين السوريين والأتراك، نتجت عنه عائلات بثقافة مختلطة من المجتمعين.

وتعتبر العادات والتقاليد بالنسبة لمعظم الأتراك من الأمور المجدولة في رمضان، ولا يمكن تجاوزها، بينما تختلف هذه العادات بين المدن السورية، إذ لا تعتبر تقليدًا رئيسًا لدى البعض.

عادات متقاربة

فترة طويلة تمتد لأكثر من 400 عام، قضاها العرب والأتراك وهم يقيمون العادات الرمضانية نفسها، وتجذرت في المجتمعين، ولا يزال معظمها مشتركًا حتى اليوم بنسب متفاوتة.

وتعتبر فرحة استقبال الشهر بالزينة والتهاني بين الأقارب من أبرز هذه العادات، إلى جانب المشاركة بالطقوس الروحية والاجتماعية.

ويختلف حجم الاهتمام بطقوس الاحتفال في بدايات رمضان، بحسب ما قاله حسن لعنب بلدي، وهو شاب سوري زوجته تركية، إذ تعمد عائلة زوجته للاحتفال بشكل وصفه بـ”المبالغ فيه” مع بداية الشهر، علمًا أن الاحتفال والزينة لم تكن بهذا القدر من الأهمية بالنسبة لعائلته التي تنحدر من محافظة اللاذقية في سوريا.

قال حسن لعنب بلدي، وجدران منزله خاليه من زينة رمضان، إن التوقيت اختلف، فهذه العادات كانت محببة سابقًا في “عصور الأجداد” مع توفر الوقت لممارستها، بينما يرى اليوم أن سلّم الأولويات تغيّر، إذ لم يعد الوقت متاحًا سوى للدعوات المتبادلة لتناول الإفطار.

الاختلاف بين الثقافتين غالبًا ما يترافق مع مواقف طريفة، أو ذات أثر مؤقت، لكن بطبيعة الحال لا آثار سلبية لها، بحسب حسن.

ينظر إلى زوجته، وهو يروي لحظة صدمتها عندما علمت أن السوريين كانوا يبدؤون إفطارهم على صوت مدفع رمضان أيضًا، وأن الحلبيين يبدؤون طعام الإفطار بطبق من الحساء (الشوربة) كما هي الحال بالنسبة للأتراك.

بينما استغرب حسن عندما سمع للمرة الأولى أن التمر الهندي يباع أيضًا في تركيا خلال رمضان، ويعتبر أساسيًا على وجبة الإفطار، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

تبادل الأطباق

تعتبر عادة تبادل أطباق الطعام بين الجيران قبل أذان المغرب شائعة بالنسبة للسوريين، ما يجعل المائدة تتنوع بالمأكولات.

وتقتصر في الثقافة التركية على المدن الصغيرة والأرياف، وكمثال على ذلك قال حسن، إن بعض جيرانه من الأتراك استجابوا لهذه العادة، في حين لم يتجاوب آخرون معها.

وبالنسبة لعائلة زوجته التي تنحدر من مدينة مرسين جنوبي البلاد، حافظت على هذه العادة، إذ يعتقدون أن إعادة طبق فارغ لأحد الجيران تعتبر إهانة للمنزل الذي خرج منه.

وأضاف أن من النادر العثور على أناس يطبّقونها في المدن الكبيرة كاسطنبول مثلًا.

الاختلاف موجود دائمًا

الاختلاف لم يقتصر على العادات والاحتفالات في شهر رمضان، إذ تحدث عنه سوريون متزوجون من تركيات أو العكس.

فاطمة، فتاة سورية متزوجة من شاب تركي منذ بضع سنوات، قالت لعنب بلدي، إن الاختلاف موجود دائمًا في الثقافتين، لكنه غالبًا ما يكون إيجابيًا، طالما أن أطراف العلاقة منفتحون على ثقافة الآخرين.

وترى فاطمة أن المواقف التي تنتج عن هذا الاختلاف غالبًا ما تكون طريفة، خصوصًا أن الاختلاف بين ثقافة المجتمعين طفيفة.

“في حال ركّزنا على الاختلاف، يمكن أن يترك الأمر طابعًا سلبيًا، لكن يمكننا دائمًا تقريب الثقافتين من خلال التركيز على التشابه”، أضافت فاطمة.

التشابه الذي فضّلت فاطمة التركيز عليه، قالت إنه ينعكس في أطباق الطعام أغلب الأحيان، إذ تتشارك الثقافتان بعديد من الأطباق، مع اختلاف بسيط بينهما، من أبرزها طبق “المحشي” السوري، إذ يقابله طبق آخر لدى الأتراك يُعرف باسم “دولما”، ويختلف عن سابقه بأن المطبخ التركي يضيف بعض الخضار إلى حشوة الأرز خاصته.

ويلقب الطبق التركي “lahmacun” بـ”البيتزا التركية”، إذ يتوفر بنسخته السورية أيضًا بالاسم نفسه (لحم بعجين)، ويقتصر الاختلاف بينهما على الحجم، إذ يعتبر الطبق التركي أكبر.

ومن حيث المشروبات التي تتربع وسط المائدة، تتشارك الثقافتان بمعظمها باستثناء مشروب “العرق سوس” ذي الشعبية الكبيرة بالنسبة للسوريين، إذ لا يعتبر رائجًا لدى الأتراك.

زواج السوريين في تركيا

بحسب أحدث إحصائية لمعهد الإحصاء التركي (TÜİK)، في 25 من شباط 2022، عن عام 2021، بلغ عدد العرسان الأجانب أربعة آلاف و976 شخصًا، في حين وصل عدد العرائس الأجنبيات إلى 23 ألفًا و687 عروسًا.

عند تحليل العرائس الأجنبيات حسب جنسيتهن، احتلت السوريات المرتبة الأولى بنسبة 14.6%، ثم الأذربيجانيات بنسبة 10.1%، والأوزبكيات بنسبة 9.8%.

ومن جانب العرسان الأجانب حسب جنسيتهم، احتل العرسان الألمان المرتبة الأولى بنسبة 25.2%، وجاء السوريون في المرتبة الثانية بنسبة 20.7% (نحو ألفي شاب)، والنمساويون في المرتبة الثالثة بنسبة 5.5%.

السوريات جئن في المرتبة الأولى بين العرائس الأجنبيات لأتراك منذ 2015، والعرسان السوريون لتركيات الذين كانوا في المركز الثالث سابقًا، باتوا في المركز الثاني، إذ ارتفع معدلهم في 2021 أربع مرات مقارنة بـ2020.

وفقًا لصحيفة “إندبندنت” التركية، ليس من الصعب تخمين أن جزءًا كبيرًا من العرسان الألمان والنمساويين هم من الأتراك الذين يعيشون هناك، وهم مواطنون في تلك البلدان.

سجل متوسط العمر عند الزواج الأول للرجال في تركيا 28.1 عام، و25.4 عام للنساء، في 2021، ولفت معهد الإحصاء إلى أن 33.6% من حالات الطلاق التي تجاوزت 174 ألف حالة في 2021، حدثت في السنوات الخمس الأولى من الزواج، و20.9% من الحالات بعد ست إلى عشر سنوات.

بلغ عدد السوريين في تركيا المسجلين ضمن “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و435 ألفًا و298 لاجئًا، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن الرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، في 7 من نيسان الحالي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة