غياب اللقاحات والرقابة الصحية وندرة الأدوية

تردي الواقع الصحي  في الحسكة ينذر بتفشي الأوبئة

tag icon ع ع ع

بهار ديرك – الحسكة

تفاقم وضع القطاع الصحي في محافظة الحسكة  بشكل ملحوظ، بعد هجرة أغلب الكوادر الطبية، وتوقف الشركات الدوائية عن الإنتاج، ناهيك عن الغياب التام للرقابة الصحية، في ظل الأوضاع المتردية، التي يعيشها أهالي المناطق الريفية في المحافظة، وسط غلاء الأسعار والهبوط المستمر لليرة السورية.

وأشار عدد كبير من الطواقم الطبية والصيدلانية، ممن التقتهم عنب بلدي في الحسكة، إلى احتمال انتشار أوبئة خطيرة، مع استمرار نقص اللقاحات والأدوية.

المسؤول عن قسم التلقيح داخل مجمع الإشراف الصحي في الحسكة، حسين عمر، أوضح لعنب بلدي  أن المدينة وريفها تعاني من نقص في لقاحات الكبد، الخماسي، والحصبة، وجدري الماء الداعمة.

ويشرف المجمع الذي يتبع لمديرية صحة النظام السوري، على المراكز الصحية في الحسكة، إضافة إلى المشفى الوطني، ولفت عمر إلى أنه وبحسب التقارير التي حصل عليها المجمع، من 189 مركزًا صحيًا، “هناك نحو 56365 طفلًا  بحاجة لتحصينهم باللقاحات اللازمة”.

أما الدكتور فؤاد نويرة، الاختصاصي بأمراض الهضم، فاعتبر في حديثه لعنب بلدي أن المعنيين في مديرية صحة الحسكة يتكتمون على الأمراض المنتشرة فيها، مشيرًا “أعمل في المشفى الوطني بالقامشلي، وهناك عشرات الحالات التي تظهر أعراضًا مشابهة لمرض إنفلونزا الخنازير، وتتخوف كوادر المشفى من تزايدها، بعد وفاة حالتين منها مطلع آذار الجاري”.

بدورها أفادت لعنب بلدي، الممرضة في المشفى، زهرة مسعود، أنها كانت ضمن فريق جوال خاص باللقاحات، موضحةً أن كل حملة قدمت جرعات لنحو 2500 طفل، “عندما كانت مديرية الصحة توفر اللقاح بشكل دوري، أما في الوقت الحالي باتت مفقودة بشكل كامل، ولم نعد ننظم جولات في المحافظة”.
جمعية “اليان” الخيرية، مسحت بشكل كامل قرى الريف الجنوبي للحسكة، ووثقت 1289 حالة إصابة بمرض الليشمانيا، وفق المسؤول الإداري عنها، جوان سيف الدين، الذي نقل عن أحد أطباء الأمراض الجلدية قوله، إن المرضى بحاجة إلى حجر صحي وإعطاء صادات حيوية خاصة، إلا أنها مفقودة، متخوفًا من “انتشار واسع للمرض خلال الفترة المقبلة”.

فقدان الأدوية وغلاء أسعارها

الفني الصيدلاني نزهان محمد، العامل في مشفى القامشلي الوطني، أوضح لعنب بلدي أن مديرية الصحة كانت تزود المشافي والمراكز الصحية قبل اندلاع الثورة، بما يلزم من أدوية شهريًا، مشيرًا “كان يصل إلى المشفى أطنان من الأدوية  تضم جميع العينات من الصناعة الوطنية ومعروفة بجودتها الممتازة”.

ولفت محمد إلى أن انقطاع الأدوية عن المشافي الوطنية، بدأ مع دخول الثورة عامها الثاني، مشيرًا “لولا نشاط المنظمات الإنسانية التي توفر الدواء الأجنبي المهرب للجهات الصحية في المحافظة، لكان الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه اليوم”.
من جهتها شرحت الصيدلانية، نهلة رشيد، في الحسكة لعنب بلدي أن الأدوية المتوفرة في الوقت الراهن داخل الصيدليات، “هي أدوية مهربة وغير مرخصة، وبالتالي تباع بأسعار مرتفعة جدًا، في ظل غياب تام للضوابط القانونية والرقابة الصحية، وبالأخص بعد تقاسم إدارة المنطقة من قبل قوات عديدة”.

وتوقفت العديد من شركات الأدوية، بعد خروجها عن الخدمة، إثر استهدافها من قبل قوات النظام السوري، خاصة في محافظات حلب وحمص، ما سهل الطريق أمام الصيادلة، للتحكم بأسعار الأدوية، ووضع التعريفات دون ضوابط.

هجرة الأطباء والكوادر المختصة

الدكتور مروان سعيد، هاجر مؤخرًا إلى ألمانيا، بعد أن عمل في مديرية صحة الحسكة التابعة للنظام السوري، وأوضح لعنب بلدي أن إحصائيات المديرية نهاية عام 2015، وثقت  هجرة  1857 طبيبًا من المراكز الصحية والمشافي الوطنية ضمن المحافظة.

كما ترك 654 صيدليًا عملهم، إضافة إلى أعداد كبيرة من الكوادر الطبية الأخرى،  كالفنيين والممرضين والمساعدين الطبيين، “بسبب تدني مرتباتهم الشهرية والضغوطات الأمنية عليهم”، وفق سعيد.

المريض يدفع الضريبة

كل ما سبق انعكس سلبًا على المريض الذي دفع ضريبة الأسعار المرتفعة وغياب الاختصاصيين. عنب بلدي تحدثت إلى الحاج حسين العمر، وقال إن زوجته (65 عامًا) تعاني من احتشاء قلبي، مضيفًا “راجعت مشفى عصام بغدي في الحسكة كونها الوحيدة التي تملك الأجهزة الخاصة بعملية القثطرة، وطلبت مبلغ 400 ألف، ولكني لا أملك ربع المبلغ المطلوب”.

أما المريضة فاطمة محمد أمين، فأوضحت لعنب بلدي أنها أجرت عملية جراحية، استأصلت خلالها كتلة سليمة في الرحم، داخل أحد المشافي الخاصة في القامشلي، مشيرةً إلى أن تكلفتها “وصلت إلى 225 ألف ليرة سورية، عدا الأدوية ومصاريف التحاليل الطبية والصور الشعاعية”.

وساهم تفاقم الوضع الصحي بانتشار العديد من الأمراض في المنطقة، منها الكبد الوبائي، وسرطانات الجلد، والشلل، والليشمانيا،  بحسب حالات عديدة سجلتها مشافي الحسكة، وسط تكتم تام من مديرية الصحة، وغياب الاهتمام بإيجاد حلول للحد من تفشي الأمراض.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة