no image
tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 54 – الأحد – 3-3-2013

562911_454959637870508_1393851627_nالفساد السياسي معضلة كبرى تعاني منها الدول في سعيها نحو التنمية والازدهار. ففي كثير من الأحيان يتحول هذا الفساد إلى عقبة حقيقية في طريق الإصلاح والتنمية، وهو يتجسد بشكل أساسي في تجيير السلطة العامة لخدمة شخص أو فئة أو شبكة من أصحاب المصالح والاحتكارات على شكل محسوبيات وابتزاز ومحاباة ورشوة واحتيال، ويستطيل أحيانًا إلى نشاطات إجرامية كغسيل الأموال والدعارة وتجارة المخدرات والتهريب.

للفساد السياسي منعكسات خطيرة تؤثر على السياسة والإدارة ومؤسسات الدولة حيث تغيب في وجوده الشفافية والمسائلة والحكم الرشيد، كما يشوه التمثيل في المجالس النيابية والوزارات ويقوض أية عملية مؤسساتية طبيعية لصنع القرار. فالدولة غير القادرة على كبح الفساد السياسي وإزالته ستكون سيادة القانون فيها شكلية أو زائلة.

كثيرًا ما يتفاقم الفساد السياسي والإداري عبر استغلال الثغرات في القانون، وتتمثل خطورته الكبرى في قدرته على النمو وتطوير آلياته بحيث يتسرب إلى تفصيلات كثيرة ضمن الحياة السياسية. شراء أصوات الناخبين ودفع الرشاوى للوصول إلى المناصب والصكوك والمعاملات الحكومية المالية الوهمية والضغط على المناصرين والمناوئين من خلال استعمال النفوذ السياسي وإساءة استعمال السلطة هي أوجه للفساد السياسي.

ينخر الفساد أجسام كل المؤسسات التي لا تستطيع كبح جماحه والقضاء عليه وكذلك المؤسسات السياسية كرئاسة الدولة والحكومة والبرلمان، وهو ينجم في كثير من الأحيان عن التوزيع غير العادل للخدمات.

يستنزف الفساد جزءًا كبيرًا من مقدرات الدولة وميزانياتها ويسمى الفساد سياسيًا عندما يلقى حاضنة بين المسؤولين وأصحاب القرار السياسي، وعندما لا تمتلك الدول منظومات من القوانين والإجراءات الحقيقية لمحاربة الفساد ودعم الشفافية.

يأخذ الفساد السياسي مداه في الدول ذات الأنظمة الشمولية غير المنتخبة والتي لديها أزمات وحروب مع الجوار أو ما بين مكوناتها. وفي ظل الأنظمة السياسية الفاسدة سيكون القضاء والصحافة والنقابات محجمة أو ملغية الاختصاص من حيث كونها مدافعة عن حقوق العامة.

نتج عن الاستبداد السياسي القائم في سوريا منذ عقود فساد سياسي مستديم وفره الحكم الفئوي الطابع حيث شكّل هذا النظام شبكة أخطبوطية من المصالح والارتهانات المالية المطعمة بنفوذ كبير حيث تآكلت رؤوس الأموال الوطنية، أو خرجت إلى فضاء أرحب في أوربا أو أمريكا وبات فرض الشراكات من قبل القادة السياسيين والمسؤولين الحكوميين أمرًا مألوفًا، ونمت طبقة من أولاد الضباط الذين احتكروا أسواق السلع الرئيسية وباتت مداخل ومخارج العملية الاقتصادية تمر عبر ماكينة الفساد وأخذت هذه العملية مفاعيلها وترسخت وتطورت عبر عقود.

ما يهم السوريين الآن هو عدم نشوء احتكارات وفساد سياسي لدى الإدارات المحلية ذات الطابع المدني أو العسكري ضمن المناطق التي انحسرت عنها سيطرة النظام ولدى ممثلي المعارضة، ومن واجب كل النشطاء المدنيين توعية الجمهور بالشفافية ورفض الأخطاء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة