القاعدة الصحيحة هي “الخيار والفقوس”

tag icon ع ع ع

م. خليل آغا

قال المدير: آنسة فاطمة ممكن أن تبقي نصف ساعة إضافية لإتمام الملف المطلوب للضرورة؟ فأجابت فاطمة: “انتهى دوامي أستاذ”، فبادر ماجد وأتم الملف عن فاطمة برغم انتهاء دوامه أيضًا.

لنفصّل في هذه المسألة.. لا يحق للمدير أن يرغم الموظف على الدوام الإضافي، فهو قطعًا اختياري، ولكن إتمام الملف في حالتنا هذه ضروري لحسن سير العمل ولا يمكن تأجيله.

من جهة أخرى ليس عدلًا معاملة ماجد كفاطمة، وهنا يجب تطبيق قاعدة “الخيار والفقوس” في إعطاء ماجد مكاسب إضافية لاحقة تتجاوز العام المتفق عليه، فالجهد الإضافي له ثواب إضافي بصرف النظر عن الأجر الإضافي الذي يتبع النظام الداخلي.

الموظف المبادر أو صاحب المسؤولية أو المبدع الذي يحقق تطويًرا في العمل يجب أن يميز عمن يقيس جهده بميزان الذهب ويبخل بفضله على قومه كما تقول العرب:

ومن يك ذا فضل ويبخل بفضله                         على قومه يستغن عنه ويذمم

قاعدة الخيار والفقوس صحيحة إن كان التصنيف بناءً على مقدار تحقيق المنفعة العامة للعمل بعيدًا عن الأهواء والمزاجية.

يقول خبراء الإدارة إننا نعيش في عالم يتسارع فيه التغيير كلما تقدم الزمن، فكل الظروف والمعطيات تتغير من حولنا، ولا يمكن للمدير مواجهة هذه التغيرات إلا بالعمل بروح الفريق مما يعني إحساس بالمسؤولية ومبادرة أكثر، بدون الجمود عند المسميات الوظيفية وتوصيف العمل، وبدون الجمود عند أوقات الدوام، وبدون لزوم التفكير بالحقوق والمكاسب الشخصية، فريق العمل الحقيقي يركز أكثر شيء في نجاح الفريق كفريق.

ولكن هل نعطي المدير صلاحيات تتجاوز النظام الداخلي، الجواب نعم، ويجب ذلك، إننا نختار المدير النزيه البعيد عن الأهواء والمزاجية ونعطيه صلاحيات التعامل خارج النظام الداخلي بحسب مقتضيات المصلحة العامة، وإذا كان المدير سيئًا فإننا نعزله ولا نقلص صلاحياته.

القاعدة الهامة الأخرى التي يجب تذكرها هنا هي “تطبيق الحق مئة بالمئة ظلم”، فالمدير يجب أن يتغافل عن أمور تستحق المخالفة، ونعود إلى العرب ثانية فهم يقولون:

ليس سيد قومه بالغبي                 ولكن سيد قومه المتغابي

فلعل المدير يتغافل عن إساءة مقابل إحسان سابق، أو لظروف موضوعية خاصة مرافقة للإساءة، أو دفعًا لمفسدة قد تحصل، أو حرصًا على استمرارية العمل وهو هدف معتبر بذاته.

إننا نضع أنظمة العمل والقوانين، ونضعها بشكل مرن، ونختار المدير النزيه الكفء ليطبقها، ونعطيه الصلاحيات ليخرقها حين اللزوم بحسب مقتضيات المصلحة العامة.

إن أنظمة العمل والقوانين وسيلة وليست هدفًا، فهي وسيلة لانضباط العمل، ولكن الهدف هو نجاح العمل واستمراريته كتحقيق الربح بالنسبة للمشاريع الربحية مع تحقيق الدور المجتمعي، وتقديم الخدمة المجتمعية بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، وكل ما يصب في نجاح العمل هو هدف ويجب تحقيقه.

إننا نريد أن تكون مؤسساتنا ناجحة، فتستمر وتتطور ويكبر بها الوطن، والى هذا الاتجاه يجب أن نضبط بوصلاتنا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة